هذا الأسبوع يعد حاسما في توجه السودان نحو الغرب، بحسب مقال بمجلة ناشونال إنترست (The National Interest) الأميركية كتبه أستاذ جامعي.
وفي مقاله حث الدكتور فيليبي باث دوارتي -الأستاذ المساعد في المعهد العالي لعلوم الشرطة والأمن الداخلي التابع لجامعة لشبونة المستقلة- الولايات المتحدة على الانخراط أكثر مع كافة الأطراف الفاعلة ذات الصلة بالسودان التي تدعم أولويات سياسة واشنطن.
وقال الكاتب إن بعض قطاعات السياسة الخارجية الأميركية قد تكون راغبة في إبعاد العسكر عن مشاركة المدنيين بالسودان. غير أنه يعتقد أن ذلك لن يؤدي إلى تعزيز الأمن القومي للولايات المتحدة، بل سيحد من نفوذها في السودان والمنطقة ككل.
وأشار إلى أن نجاح المفاوضات، التي ستجرى هذا الأسبوع في السودان، يعتمد على اتفاق جميع الأطراف -المدنية والعسكرية- وأن محاولة العمل مع الجهات المدنية الفاعلة فقط يعد “نهجا قصير النظر” من جانب الولايات المتحدة، مما يعرض للخطر أول فرصة حقيقة للسودان للتقدم منذ الإطاحة بالبشير عام 2019.
وأوضح الكاتب أن القادة العسكريين والأطراف السياسية والمدنية الفاعلة في السودان سيضعون خارطة طريق لتنفيذ الاتفاق الإطاري الذي وقعوه الشهر الماضي، وتعهدوا بموجبه بتنظيم انتخابات بعد فترة انتقالية مدتها عامان.
ورحبت كل من الولايات المتحدة والنرويج والسعودية والإمارات وبريطانيا -في بيان مشترك- بالاتفاق عقب توقيعه، باعتباره “خطوة أولى أساسية نحو إقامة حكومة بقيادة مدنية، وتحديد الترتيبات الدستورية” ودعوا إلى “حوار مستمر وشامل حول جميع القضايا ذات الأهمية، والتعاون لبناء مستقبل السودان”.
تعزيز السياسات الموالية للغرب
وتُعد مفاوضات هذا الأسبوع -برأي الكاتب- عنصرا مهما في هذا الحوار، ومن ثم يجب على الولايات المتحدة وشركائها اعتبارها سانحة لتقييم إلى أي مدى ستمضي الأطراف السودانية في تنفيذ الاتفاق الذي أبرمته.
ويضيف المقال أن على الولايات المتحدة كذلك أن تستغل المفاوضات فرصة لتقييم دور تلك الأطراف السودانية في حشد الدعم للاتفاق الإطاري، وضمان الانخراط المستمر لمن هم بالسودان ممن يمكنهم المضي قدما في تعزيز السياسات الموالية للغرب، والحيلولة دون تمدد النفوذ الروسي والصيني في البلاد.
وبالنظر إلى البداية “الهشة” نحو حكم تعددي -التي انطلقت عقب الإطاحة بنظام “الدكتاتور” عمر البشير عام 2019- فإن الاتفاق الإطاري الذي وقعه القادة العسكريون و40 جماعة سياسية ومنظمات مجتمع مدني، وحظي باعتراف الولايات المتحدة وشركائها، يعد أفضل مسار نحو إرساء السلام في البلاد، حسبما ورد في مقال ناشونال إنترست.
على أن كاتب المقال يرى أنه مع بدء المفاوضات هذا الأسبوع، فلن يكون من السهل التوفيق بين القضايا الخلافية المطروحة على جدول الأعمال، والتي تشمل العدالة الانتقالية، والإصلاح الأمني والعسكري، وتنفيذ اتفاق جوبا للسلام المبرم في أكتوبر/تشرين الأول 2020 بين الحكومة الانتقالية وممثلي الحركات المسلحة في دارفور، وتفكيك ما تبقى من مؤسسات نظام البشير.
وإن إدراك الصعوبات الماثلة يستوجب استصحاب تقييم لما هو على المحك بالنسبة للولايات المتحدة في السودان، وهو التقييم الذي يحدد الكاتب نقاطه في التعاون “المفيد للطرفين” في مجال مكافحة الإرهاب، واعتراف السودان بإسرائيل بعد التوقيع على اتفاقيات أبراهام والجهود المبذولة لتعزيز العلاقات السودانية الإسرائيلية، وضرورة التصدي للنفوذ الصيني والروسي في البلاد، خاصة عندما يتعلق الأمر بالمنشآت البحرية والموانئ السودانية على طول البحر الأحمر.
ولا شك أن المخاطر التي تستهدف المصالح الأميركية كبيرة، وفق تقدير الكاتب الذي ينصح واشنطن بضرورة العمل مع القادة السودانيين الذين دعموا الاتفاق الإطاري لاستحداث نظام حوافز للنخب السودانية لتنفيذ الاتفاق وانتهاج مسار للبلاد مؤيد لأميركا.
ووصف الكاتبُ نائبَ رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) بأنه أحد هؤلاء القادة “الذي ندد علنا بانقلاب أكتوبر/تشرين الأول 2020، ووصفه بالفشل، داعيا الجيش للانضمام إلى الاتفاق الإطاري”.
وأضاف الأستاذ الجامعي أن حميدتي “ربما صانع القرار الأكثر نفوذا في السودان” مضيفا أنه لولاه لما رأى الاتفاق الإطاري النور. وقال إن حميدتي دعا إلى تعزيز الوجود الأميركي في السودان، وإنه كان العنصر الأساسي في توسيع العلاقات العسكرية والاقتصادية والسياسية للبلاد مع إسرائيل.