في عودة لأعمال السير الذاتية، يقدم الممثل عمرو عبد الجليل شخصية الفنان نجيب الريحاني في مسلسل “الضاحك الباكي” الذي أوشك صناعه على الانتهاء من تصويره ليكون جاهزا للعرض في شهر رمضان المقبل.
المسلسل الذي يعيد أعمال السيرة الذاتية مرة أخرى للدراما التلفزيونية لا يكتفي فقط بتوثيق حياة الريحاني، لكنه أيضا يوثق للمرحلة الزمنية التي عاشها الراحل في مصر منذ نهاية القرن الـ 19 وبدايات القرن العشرين خلال 50 عاما والحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي عاشتها مصر هذه المرحلة، مثل ثورة 1919 والحرب العالمية الأولى والثانية والاحتلال الإنجليزي لمصر، إلى جانب كواليس الفن المصري في هذه المرحلة الزمنية.
والمفارقة هنا هي اعتماد المؤلف والكاتب الصحفي محمد الغيطي على الجدية في العمل، وذلك على عكس المتوقع بأن يكون عملا كوميديا لتناوله مسيرة واحد من أهم نجوم الكوميديا في مصر، لكن العمل لن يندرج تحت بند الكوميديا، وإن كان يتخلله بعض المواقف المضحكة.
وفي تصريحات للغيطي لبرنامج “كلمة أخيرة” قال إن الريحاني هو الذي صنع الفن الحقيقي في الشرق ونقل الكوميديا إلى الكوميديا الإنسانية التي تهتم بالإنسان والشخصية المصرية، وساهم في الأغنيات العظيمة التي قدمها الموسيقي الراحل سيد درويش من خلال المسرح الذي قدماه سويا مثل أغنيات “قوم يا مصري”.
المسلسل، الذي يقدم من خلاله عمرو عبد الجليل شخصية الريحاني، يعتبر عودة للمخرج محمد فاضل بعد فترة غياب، في حين تتقمص الممثلة فردوس عبد الحميد شخصية والدة الريحاني، والمطرب مصطفى شوقي شخصية سيد درويش، وتقوم اللبنانية رزان مغربي بشخصية بديعة مصابني التي تزوجها الريحاني.
“الضاحك الباكي” ليس التجسيد الأول لشخصية الريحاني في عمل فني، فقد سبق وقدم العديد من الفنانين هذه الشخصية في أعمال مختلفة.
البداية مع الممثل الراحل سمير غانم الذي قدم شخصية الريحاني 3 مرات: الأولى في إحدى حلقات فوازير “الشخصيات” عام 1982 التي قلّد خلالها شخصيات المشاهير، وقلده مجددا عام 1995 من خلال فوازير “المضحكون” ومن خلال اسكتشات استعراضية، وقام “غانم” بتقليد صوته وطريقته في الكلام وحاول الاقتراب من ملامحه الشكلية.
وهو ما جعل المخرج محمد عبد العزيز يرشحه ليقوم بشخصية الريحاني في مسلسل “أبو ضحكة جنان” والذي عرض عام 2009 وتناول السيرة الذاتية للممثل إسماعيل ياسين، ووقتها حاول غانم الاقتراب أكثر من الشخصية لكنه قلد الريحاني كما يظهر في أفلامه وبطريقة أقرب للكوميدية.
المفارقة أنه في نفس العام 2009، قدم الممثل أحمد راتب الشخصية نفسها في مسلسل “قلبي دليلي” والذي يتناول سيرة الممثلة ليلى مراد، فالريحاني قدم فيلم “غزل البنات” معها، فظهر راتب في المسلسل ضمن كواليس تجربة الفيلم الذي جمعهما بأنور وجدي أيضا.
وعلى العكس من الشخصية التي جسدها غانم، اهتم راتب في المسلسل ليس فقط بتقليد الريحاني وطريقته في الأفلام، لكنه حاول أن يقدم جزءا من روحه وأدائه ليقدم شخصية بعيدة عن الصورة النمطية للريحاني، ولتبدو أكثر واقعية بعيدا عن الأفلام التي ظهر بها.
وآخر عمل ظهرت خلاله شخصية الريحاني كان مسلسل “كاريوكا” عام 2012، عن السيرة الذاتية للفنانة تحية كاريوكا والتي جمعها أيضا أعمال بالريحاني، وقدم الشخصية الممثل حسن العدل والذي اتبع منهج التقليد أيضا في طريقة تشخيصه للفنان الراحل فاهتم بالاقتراب الشكلي وطريقة أدائه في الأفلام.
يعتبر الريحاني الذي لقب بـ “الضاحك الباكي” واحدا من رواد المسرح والسينما في مصر والوطن العربي، فهو مصري من أصل عراقي، وولد عام 1889، ورحل عن عالمنا عام 1949، واشتهر بشخصية كشكش بيه التي طاف بها في الوطن العربي وحققت نجاحا وقتها غير مسبوق، كما جمعه تجربة مسرحية مهمة مع سيد درويش، إلى جانب تكوينه دويتو مسرحيا مع المؤلف بديع خيري وهو ما نتج عنه العديد من الأعمال المهمة.
كان للريحاني أيضاً أعمالٌ سينمائية، ورغم قلة أفلامه لكنه ترك بصمة واضحة ومهمة وتتلمذ على يديه العديد من الممثلين الذين أصبحوا لاحقا من نجوم الصف الأول في التاريخ الفني.