هذا ما سيحدث إذا اختار بايدن الانسحاب من السباق الرئاسي
واشنطن– لا تبشّر التطورات المتسارعة لحملة الرئيس جو بايدن إلا بالمزيد من الأخبار السيئة، ولا سيما منذ أدائه الكارثي في المناظرة الرئاسية التي جمعته بمنافسه الجمهوري دونالد ترامب في 27 يونيو/حزيران الماضي.
وعلى مدى الأسبوعين الأخيرين، سعى بايدن بكل الطرق الممكنة إلى استرجاع الثقة التي فقدها بين ملايين الأميركيين ممن شاهدوا المناظرة، إلا أن جهوده لم يُكتب لها النجاح كما تظهر استطلاعات الرأي.
وأشارت تقارير إلى تجميد المانحين نحو 90 مليون دولار لحملة المرشح الديمقراطي طالما بقي بايدن في السباق. من ناحية أخرى أعرب الرئيس السابق باراك أوباما ورئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي، وهما من أكبر داعمي بايدن، عن مخاوفهما بشأن صعوبة هزيمة ترامب على يد الرئيس بايدن.
وفي مؤتمره الصحفي عقب انتهاء أعمال قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) بواشنطن، مساء الخميس، وردا على سؤال عما إذا كان الرئيس سيتنحى بعد أدائه في المناظرة، وتردي حالته الذهنية والعقلية، أجاب بايدن “بالتأكيد لا”، وكرر “لا توجد محادثات حول ذلك على الإطلاق”.
إلا أن الكثير من النقاش داخل الدوائر الديمقراطية يشير إلى تنامي الضغط على بايدن للتراجع والانسحاب، ويطرح سؤال عما يجب عمله إذا غيّر بايدن موقفه، وكيف تجري هذه العملية وفقا لقواعد اللجنة الوطنية في الحزب الديمقراطي.
التنحي طواعية أولا
لا يمكن إجبار الرئيس على التنحي عن السباق، كما يتفق خبراء قانون الانتخابات، وهو شيء يجب عليه القيام به طواعية. وقد فاز بايدن بأصوات أكثر من 90% من مندوبي الولايات المختلفة في الانتخابات التمهيدية لمرشحي الحزب الديمقراطي، وسط غياب أي منافسة جادة.
ويقول خبير شؤون الانتخابات بمعهد أميركان “إنتربرايز” جون فورتييه إن استبدال مرشح حزبي مثل بايدن “صعب جدا إجرائيا، ومن غير المرجّح أن يحدث”.
ومن الصعوبة إمكان تخيل انسحاب بايدن عقب انتهاء جلسات المؤتمر العام للحزب الديمقراطي، والذي سينعقد من 19 إلى 22 أغسطس/آب المقبل بمدينة شيكاغو، أي قبل 75 يوما من موعد الاقتراع في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، إذ تبدأ الكثير من الولايات بالاقتراع عن طريق البريد أو بآلية الاقتراع المبكر قبل موعد الاقتراع الشخصي، إضافة لطبع بطاقات الاقتراع الورقية باسم المرشحين.
أما في حالة تنحي بايدن في أي وقت قبل انتهاء مؤتمر الحزب الديمقراطي، فإنه لن يؤدي إلى أي مشاكل من الناحية القانونية.
ولا يستبعد الكثير من الخبراء حالة فوضى سياسية تعصف بالحزب الديمقراطي قبل وخلال المؤتمر، وربما بعد انتهاء أعمال المؤتمر حال عدم انسحاب بايدن.
وإذا انسحب قبل المؤتمر، فإن القرار بشأن من سيحل محله على بطاقة الحزب الديمقراطي سيُترك للمندوبين في المؤتمر الديمقراطي. ويتفق أغلب المراقبين على أن المرشح البديل الأكثر ترجيحا ستكون كامالا هاريس نائبة الرئيس.
لكن هذا سيناريو غير مضمون، حيث لا يمنح منصب نائب الرئيس أي أفضلية لها إذا قررت الترشح في مؤتمر الحزب المفتوح أمام منافسة من مرشحين آخرين.
كما أن سيناريو المنافسة المفتوحة في مؤتمر الحزب أبعد ما يكون عن كونه مضمون النتيجة لأي مرشح، ويعتمد ذلك على هوية المتنافسين الآخرين، وهوية المرشح لنائب الرئيس على البطاقة نفسها، وقدرة كل مرشح على كسب تأييد مندوبي الولايات المختلفة.
موقف قادة الحزب
من المتوقع أن تعقد اللجنة الوطنية الديمقراطية مكالمة افتراضية في وقت ما قبل حوالي أسبوع ونصف من المؤتمر، أي بحلول 7 أغسطس/آب، لترشيح بايدن وهاريس رسميا. وتم التخطيط لموعد الاتصال الافتراضي في الأصل من أجل الوفاء بالموعد النهائي لشهادة الاقتراع في أوهايو بذلك التاريخ؛ حيث يتطلب قانون ولاية أوهايو ترشيح المرشحين للرئاسة رسميا قبل 90 يوما من يوم الانتخابات.
تنص قواعد اللجنة الديمقراطية على أن المندوبين “المنتخبين في المؤتمر الوطني الذين تعهدوا بمرشح رئاسي يجب أن يعكسوا بكل ضمير حي مشاعر أولئك الذين انتخبوهم”.
ويعني ذلك أن على المندوبين أن يصوتوا لبايدن في أول جولة من الاقتراع بصورة تقليدية انعكاسا لنتيجة الانتخابات التمهيدية في كل ولاية. وإذا لم يحقق أي مرشح أغلبية حاسمة، يتم الانتقال إلى الجولة الثانية حيث يكون الجميع غير ملتزمين، إضافة لتصويت من يعرفون بكبار المندوبين (قادة الحزب والمسؤولين المنتخبين في الحزب).
ويستمر المندوبون في التصويت حتى يتم تأمين فوز مرشح. وقد تكون هذه عملية طويلة، اعتمادا على مدى اتحاد المندوبين أو انقسامهم حول المرشحين.
وإذا قرر بايدن الانسحاب بعد قبوله الترشح رسميا في المؤتمر، ووفقا لآلية لجنة الحزب الديمقراطي، فسيقع على عاتقها اختيار مرشح جديد “بأغلبية الأصوات في جلسة خاصة يدعو إليها الرئيس”.
معركة طويلة ومرهقة
وسيتعين على رئيس لجنة الحزب الديمقراطي، جيمي هاريسون، التشاور مع القادة الديمقراطيين في الكونغرس والحكام الديمقراطيين ثم تقديم تقرير إلى أعضاء اللجنة، الذين سيختارون المرشح الجديد.
تم استخدام هذا الإجراء في انتخابات عام 1972، على سبيل المثال، عندما سحب المرشح الديمقراطي لمنصب نائب الرئيس توماس إيجلتون ترشيحه وصوت أعضاء اللجنة لاستبداله على ورقة الاقتراع بسارجنت شرايفر.
يمكن أن تكون معركة التوصل إلى مرشح بديل طويلة ومرهقة، فقد استغرق المؤتمر الوطني الديمقراطي لعام 1924 رقما قياسيا بلغ 103 جولات اقتراع لترشيح المرشح الرئاسي جون دبليو ديفيس، والمرشح لمنصب نائب الرئيس تشارلز دبليو بريان، وخسرا لاحقا.
وفي عام 1968، قفز روبرت كينيدي إلى السباق في وقت متأخر، بعد أن أعلن الرئيس ليندون جونسون في أواخر مارس/آذار أنه لن يسعى لإعادة انتخابه. وكان كينيدي في طريقه للفوز بأصوات أغلبية المندوبين، إلا أنه اغتيل قتلا بالرصاص.
ثم اختار الحزب نائب الرئيس آنذاك هوبرت همفري، خلال مؤتمره العام المنعقد في مدينة شيكاغو، وخسر لاحقا همفري في نوفمبر/تشرين الثاني أمام الجمهوري ريتشارد نيكسون.