منذ 24 فبراير/شباط 2022، وإيرينا تقول إنها تشعر بأنها روسية، في حين يرى ابنها أولكسيي أنه أوكراني، ولم يتحدث أي منهما للآخر منذ عام، رغم أنهما عاشا معظم حياتهما في شبه جزيرة القرم، فلم هذه القطيعة وهذا الانشطار العائلي بين طرفي الأزمة الأوكرانية الروسية؟
قالت صحيفة “لوتان” (Le Temps) السويسرية إن حياة هذه الأم وابنها انقلبت رأسا على عقب منذ الغزو الروسي لأوكرانيا وما صاحبه من دمار للبنية التحتية وهجرة للسكان، حيث كان لكل منهما رأيه المختلف لما يحدث، فاحتد النقاش بينهما وكانت القطيعة.
تقول إيرينا (49 عاما)، وهي تتحدث من بلدة ساحلية في شرق شبه جزيرة القرم، في اتصال مع الصحيفة، بناء على طلب ابنها الذي يدرس في البندقية، “أشعر بأنني روسية. نحن في القرم لم نشعر قط بأننا أوكرانيون. لا نعرف كيف نتحدث الأوكرانية، ولا نعرف تقاليدهم. هنا كل شيء روسي كما في دونباس”.
أما ابنها أولكسيي (18 عاما) فيقول إنه طلب جواز سفر أوكرانيا لأن رؤيته للحياة والسياسة رؤية أوروبية، وإنه كتب لأمه رسالة يوم اعتراف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باستقلال جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين، يطلب فيها رأيها بعد أن ظن أنها قد فهمت أخيرا ما يحدث في شبه جزيرة القرم، غير أن ردها بأنها سعيدة وأن كل شيء الآن سيكون على ما يرام فاجأه للغاية.
وإذا كان الابن متفاجئا من دعم أمه لروسيا وتبريرها الحرب، فإن أمه ترى بالمقابل أن ابنها “وقع تحت التأثير الأوروبي لأنه يعيش في إيطاليا ويستمع إلى وسائل الإعلام الغربية، وهو يعتبر روسيا معتدية وفاشية، لكنني أعتقد عكس ذلك أن روسيا تحرر سكان دونباس”، وترى أن روسيا تدخلت لمساعدتهم “لأنهم لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم ضد الجيش الأوكراني والأسلحة الأوروبية”.
بعد هذه المناقشة، قرر أولسكيي قطع كل اتصال مع عائلته، “لم أعد أتحدث إلى من يدعمون الحرب أو حتى من يزعمون أنهم محايدون. قلت لوالدتي إنه لا يمكننا العودة إلى العلاقات الطبيعية، وإن الأفضل لها هو العيش في روسيا بدلا من البقاء في أوكرانيا”.
وختم التقرير بسؤال إيرينا عن ابنها بمودة وعن أحواله، مع إشارتها إلى أن نصف العائلات في شبه جزيرة القرم تقريبا يعيشون -منذ إطلاق العملية الخاصة- مع أبنائهم القطيعة نفسها، ويمرون بالحزن ذاته الذي تعيشه هي مع ابنها.