هل تتشارك الحيوانات في الطفيليات؟ سؤال بسيط له العديد من الآثار المترتبة على شبكات الغذاء والأنواع النادرة وحتى على التغير البيئي. ومع ذلك، فإن الإجابة عن هذا السؤال صعبة، خاصة عندما يتعلق البحث بالأنواع المهددة بالانقراض.

ومن الأهمية بمكان، فهم انتقال المرض في عالم يتزايد فيه التواصل بين المضيفين البشر والحيوانات.

 

تقدم دراسة دولية -بقيادة باحثة من “جامعة كاليفورنيا في سانتا باربرا” (UC Santa Barbara)- حلا واعدا للإجابة عن هذا السؤال بالكشف عن الحمض النووي المعزول من روث الحيوانات العاشبة الكبيرة. فاكتشفت هذه الدراسة أن هناك شبكة كاملة من الطفيليات المعدية المعوية التي تنتشر بين 17 نوعا من الحيوانات العاشبة البرية والمنزلية.

وتلقي الدراسة المنشورة في دورية “بروسيدنغز أوف ذا رويال سوسيتي بي” (Proceedings of the Royal Society B) الضوء على أنماط تنوع الطفيليات في كل من الحيوانات البرية وحيوانات الثروة الحيوانية.

ووجد الباحثون أن الطفيليات المعدية المعوية تميل إلى إصابة العوائل في الأنواع المتشابهة، كما وجدوا أن الحيوانات الأليفة تلعب دورا رئيسيا في هذه الشبكة.

البحث عن طريقة أفضل

أرادت جورجيا تيتكومب، طالبة دراسات عليا بجامعة كاليفورنيا في سانتا باربرا، في أثناء عملها على أطروحتها أن تفهم كيف يمكن للحيوانات الكبيرة والبرية والمنزلية أن تتشارك الطفيليات، في حين تتجمع حول مصادر المياه، لكن تيتكومب أصبحت محبطة بشكل متزايد نتيجة استخدام الأساليب التقليدية للتعرف يدويا على بيض الطفيليات وعده.

تقول تيتكومب -في بيان صحفي نشر على موقع الجامعة في السادس من يونيو/حزيران الجاري- “كنت أتفحص المجهر وأرى البيض متشابها تماما. لم تكن هناك طريقة لمعرفة إذا ما كان الشكل البيضاوي المجهري الذي وجدته في روث البقر يمكن أن يصيب الظباء”.

وبحثا عن طريقة أفضل، تواصلت تيتكومب -الباحثة الرئيسة للدراسة- مع المؤلف المشارك روب برينجل من “جامعة برينستون” (Princeton University)، الذي استخدم ما يعرف باسم “التشفير الشمولي لعينات الحمض النووي” (DNA metabarcoding) في روث الحيوانات العاشبة لمعرفة وجباتها الغذائية، بهدف اكتشاف وجود وتنوع الطفيليات في 17 نوعا من الحيوانات العاشبة الكبيرة الموجودة في مركز أبحاث مبالا وسط كينيا.

الحيوانات ذات الأمعاء الخلفية، مثل الحمر الوحشية، تحتوي على مجموعة مختلفة من الطفيليات (جامعة كاليفورنيا)

التاريخ التطوري للمضيف

اختبر الباحثون عدة متغيرات، مثل حجم جسم المضيف والنظام الغذائي وحجم المجموعة الاجتماعية، ووجدوا بعض الأنماط الرئيسية.

وأوضحت تيتكومب أن العامل الأكثر أهمية هو التاريخ التطوري للمضيف، مشيرة إلى أن بنية أمعاء المضيف -موطن الطفيلي- يمكن أن تحدد مجتمع الطفيليات الموجودة هناك.

واشتبه الباحثون في أن المعدة متعددة الغرف قد توفر الكثير من التعقيد في الموائل لطفيليات الأمعاء.

نتيجة لذلك، قد تحتوي هذه الحيوانات العاشبة التي تهضم المادة النباتية في معيها الأمامي -مثل الأبقار والظباء والجاموس والزراف- على مجموعة مختلفة من الطفيليات عن مخمرات المعي الخلفي -مثل الحمر الوحشية والحمر والفيلة والخنازير- التي لها قولون طويل حيث تمتص معظم العناصر الغذائية.

وكذلك، تميل الحيوانات التي لها أنواع متشابهة من الأمعاء إلى أن يكون لها تاريخ تطوري مماثل، وبالتالي قد تشترك في العديد من العوامل الأخرى التي تؤثر على الطفيليات، مثل المناعة، لذلك من الصعب للغاية فصل دور نوع الأمعاء عن علاقة المضيف.

دور الثروة الحيوانية

مثلما يشير تقرير منشور على موقع “فيز” (Phys)، وجد الباحثون طفيليات متشابهة وراثيا في مجموعات مختلفة جدا من الحيوانات -مثل الخنازير والحمر الوحشية والفيلة- لذلك فهم يشتبهون في أن نوع الأمعاء مسؤول عن هذا الاختلاف.

هل الشكل البيضاوي المجهري لبيض الطفيليات الموجود في روث البقر يمكن أن يصيب الظباء؟ (جامعة كاليفورنيا)

يعد حساب الدور المهم الذي تلعبه الثروة الحيوانية في هذه الشبكات أمرا حاسما للتخطيط للمستقبل. وهنا يقول برينجل “في جميع أنحاء العالم، تتناقص أعداد الثدييات الكبيرة، ويتزايد نزوحها بسبب طفيليات الماشية”.

وأضاف أن “طفيليات هذه الحيوانات لها تأثيرات مهمة على صحتها ولياقتها، وهو ما يمثل مشكلة محتملة للحفاظ عليها وسبل عيش الإنسان، بقدر ما يمكن للحياة البرية أن تنقل الأمراض إلى الماشية”.

ويعتقد الباحثون أن النتائج التي توصلوا إليها ستكون مهمة لإدارة الثروة الحيوانية. ويؤكد برينجل أن الفهم الصحيح للعوامل التي تؤثر على شبكات الطفيليات أمر بالغ الأهمية لتصميم خطط حماية فعالة وتوقع تفشي الأمراض وإدارتها.

وعلى سبيل المثال، وجد الفريق أن 90% من الإبل مصابة بنوع واحد على الأقل من النيماتودا الطفيلية، وأنها كانت من أهم الأنواع في شبكة مشاركة الطفيليات.

ويشير الباحثون أيضا إلى أن الطريقة المستخدمة ليست مثالية، في وقت أشارت فيه تيتكومب إلى أن هذه النتائج لا تزال في مراحل مبكرة، وأن هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به.

وفي المستقبل، تتوقع تيتكومب أن تكون تقنية التشفير الشمولي لعينات الحمض النووي للطفيليات أداة مهمة لعلماء الطفيليات وعلماء بيئة الأمراض في أثناء دراستهم العدوى.

المصدر : فيز دوت أورغ + مواقع إلكترونية

About Post Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *