هل تويتر في خطر؟..سجل إيلون ماسك المشكوك فيه بشأن حرية التعبير يهدد الطائر الأزرق
منذ أن اشترى إيلون ماسك تويتر رسميا مقابل 44 مليار دولار، راجت الأخبار التي تشكّك في مصداقية الصفقة وربحيتها، بينما تتراوح الردود على المنصة نفسها من الدعوات إلى النزوح الجماعي إلى الابتهاج بالعودة المفترضة لحرية التعبير.
وفي تقرير نشرته صحيفة “إندبندنت” (Independent) البريطانية، قال الكاتب جوشوا بوتاش إن تعريف ماسك الدقيق لـ”حرية التعبير” قد يكون له عواقب دولية وتداعيات على مستقبل تويتر.
فوفق الكاتب هناك العديد من علامات الاستفهام في تاريخ ماسك المتقلب الذي يظهر أنه حريص إلى حد ما على قمع الآراء التي تتعارض مع مصالحه.
ففي أحد الأمثلة البارزة، نعت ماسك علنا فيرنون أنسوورث، رجل الكهف البريطاني الذي ساعد في إنقاذ 12 فتى محاصر في منجم في تايلاند، بأنه “شاذ جنسيًا”، ثم دفع 50 ألف دولار لمحقق خاص (تبين أنه محتال) لتتبع حياته.
كل ذلك لأن أنسوورث وصف محاولة الملياردير الفاشلة للسفر عبر العالم ومساعدة الأشخاص بأنها “حيلة دعائية”. وقد وكّل ماسك المحامي الأميركي “إل. لين وود” -حليف ترامب- لتمثيله في قضية التشهير التي رفعها أنسوورث، والتي فاز بها ماسك.
وقال مارك ستيفنز محامي أنسوورث بعد أن ربح ماسك القضية “إنه لأمر مؤسف أن يكون الملياردير المتنمر قادرا على بسط نفوذه أينما حل، وآمل ألا يضطر أي شخص آخر إلى مواجهته”.
وأشار مقال نشرته صحيفة “الغارديان” (the Guardian) حول الدعوى القضائية إلى أن “القضية أجبرت مستشارا ماليا يبلغ من العمر 64 عاما يتقاضى راتبا يبلغ حوالي 25 ألف جنيه إسترليني (33 ألف دولار) لمواجهة واحد من أغنى وأشهر الرجال في العالم”.
ويتابع التقرير سرد الحالات المختلفة “لقمع” ماسك للرأي الآخر؛ حيث لا يختلف الأمر كثيرا بالنسبة لموظفي شركة “تسلا”، مثل جون بيرنال الذي طُرد بعد 6 أيام من نشر مقطع فيديو على يوتيوب لحادث يُظهر تحطّم سيارة تسلا التي تتبع نظام القيادة الذاتية.
وكذلك مارتن تريب، فني العمليات في مصنع البطاريات التابع لشركة تسلا في نيفادا، الذي كشف فساد الشركة وأُمر بدفع أكثر من 400 ألف دولار لماسك بعد أن اعترف بتسريب معلومات سرية إلى أحد المراسلين.
من جهته، زعم مدير أمني سابق في تسلا لـ” بلومبيرغ بيزنيس ويك” (Bloomberg Businessweek) أن ماسك اخترق أجهزة تجسس عليه بعد أن شكّك هذا الموظف في ضمانات تسلا البيئية.
وأشار الكاتب إلى أن ماسك أظهر أنه ضد حرية التعبير فيما يتعلق بقضية التنظيم، حيث طُرد ريتشارد أورتيز العامل في تسلا لمحاولته التنظيم مع نقابة عمال السيارات المتحدون، وهي خطوة اعتبرها مجلس العمل غير قانونية. بالإضافة إلى ذلك، استخدم ماسك شخصيا موقع تويتر للترويج بشكل غير قانوني للرسائل المناهضة للنقابات وذلك وفقا لحكم قاض في كاليفورنيا.
وفي عام 2018، اتهمت هيئة الأوراق المالية والبورصات ماسك بالإدلاء ببيانات “خاطئة ومضللة” للمستثمرين لرفع سعر سهم تسلا. والأغرب أن ماسك قام بخرق القانون في محاولته للاستيلاء على تويتر، إذ تطلب لجنة الأوراق المالية والبورصات من أي شخص يستحوذ على أكثر من 5% من أسهم الشركة الإفصاح عن ممتلكاته في غضون 10 أيام، لكن ماسك ملأ الاستمارة الأولية بعد 21 يوما من استحواذه الأولي على حصة 9.2%، متأخرا بـ11 يوما.
هل تويتر في أمان؟
وفي الوقت الذي تتزايد فيه التكهنات بشأن ما الذي سيفعله ماسك في تويتر، فإن المنصة قد لا تكون أكثر من مجرد فضاء لإنكار المخالفات الموجّهة ضده.
من جانبها، ذكرت وكالة “بلومبيرغ” (Bloomberg) الأميركية أن ماسك “ليس على قدر كافٍ من المسؤولية لتولّي إدارة شركة إعلامية”، وأعربت عن قلقها من أن الصفقة تمّت بنجاح سريع بسبب “حماس ماسك لها”، وليس وفق المعايير المطلوبة.
ولكن خلف علامات الاستفهام هذه والمتمثلة في إساءة معاملة العمال والمشاعر المعادية للنقابات العمالية وخروقات القانون ومخالفة لجنة الأوراق المالية والبورصات، هناك قلق أكبر؛ وهو الديمقراطية.
فبحسب الكاتب أظهر ماسك وجهات نظر سياسية متضاربة مدعيا أنه ليبرالي بينما أخذ المليارات من الإعانات ودعم السياسيين من كلا الحزبين. إن ما يهم ماسك هو تحقيق الربح، ما يعني أن استحواذه على منصة عامة دولية يهدّد سلامة المجتمع الديمقراطي، وأن استخدامه تويتر في السابق لمهاجمة النقابات بشكل غير قانوني ورفع أسعار الأسهم يزيد من احتمال استخدامه المنصة للتأثير على نطاق أوسع بكثير، بدءا من الانتخابات إلى الحركات الاجتماعية.
ويرى الكاتب أنه من الصعب معرفة الخطوة التالية لتويتر أو لماسك بعد استحواذه على الشركة. ما هو مؤكد أن جحافل المعجبين ستشجع كل حركة يتخذها، لا سيما أن ماسك قام بتنمية قاعدة معجبين تعتبره القديس الراعي للعملات المشفرة وأيقونة ورجل أعمال عبقري، وأكثر من ذلك.
إن هذا التقديس من شأنه أن يوجّه الرأي العام في موضوعات لا حصر لها، هذا إلى جانب انتهاكاته العديدة لحرية التعبير ما يشكل مزيجا مقلقا لمستقبل تويتر. وقد يتكبّد ماسك خسائر بمليارات الدولارات في حال أخفق في إدارة المنصة بحكمة.