جنود احتياط روس خلال التدريب قبل الالتحاق بالجبهة (رويترز)

جنود احتياط روس خلال التدريب قبل الالتحاق بالجبهة (رويترز)

تعرضت القوات الروسية لعدة هزائم تكتيكية في الشرق كما في الجنوب الأوكراني منذ بداية سبتمبر/أيلول الماضي، ووجدت نفسها تحت ضغط متزايد في الأراضي التي ضمتها لتوها، ويواصل الجيش الأوكراني تقدمه الدؤوب بعد شهر من إطلاق هجومه المضاد المزدوج، فهل سيبطئ هذه الوتيرة مع قدوم الشتاء وتقلص الخطوط اللوجستية الروسية أم سيواصل تقدمه لإحراز هزيمة عسكرية عالمية لروسيا؟

طرحت صحيفة “لوفيغارو” (Le Figaro) الفرنسية هذه الأسئلة على كل من الجنرال فرانسوا شوفانسييه، خبير الجغرافيا السياسية وعلوم المعلومات والاتصال، والجنرال أوليفييه كيمبف، الباحث ومدير الشركة الإستراتيجية “لافيجي” (La Vigie)، لإعطاء فكرة عن مآلات هذه الحرب بعد أن حصلت قوات كييف على المعدات الحديثة التي تمنحها اليوم التفوق على القوات الروسية.

 

ما قبل الشتاء

بعد استعراض الجنرالين لوضع القوات الروسية المتقهقر في الشرق والجنوب والتنبيه إلى معدات هذه القوات الأقل حداثة، قال شوفانسييه إن الهدف الأول لأوكرانيا قبل حلول الشتاء سيكون الحد من المقاومة في خيرسون وعبور نهر دنيبر للتقدم بالقرب من شبه جزيرة القرم، مع مواصلة اختراق الجبهة الروسية في الشمال، ولكنه نبه إلى أن الأوكرانيين يحتاجون إلى مزيد من السرعة في وقت يفترض فيه أن مقاومة الجيش الروسي قد انهارت، وإن كان ذلك لا يزال موضع شك.

ومن ناحيته، رأى كيمبف أن تهديد الطقس سيؤدي إلى إبطاء العمليات، مشيرا إلى أنه من غير المرجح أن يستعيد الجيش الأوكراني كل الأراضي التي احتلها الروس منذ 24 فبراير/شباط 2022 مع أنه يستطيع مواصلة التقدم في كل من خيرسون ودونباس، غير أن هذا الخبير يحذر في الوقت نفسه من الروس لأن لديهم العمق ولأنهم لم يستخدموا كل قواتهم.

وفي المقابل، لا يرى شوفانسييه كيف يمكن أن تستعيد روسيا مكاسبها، لأن التحدي بالنسبة لها اليوم، حسب رأيه، هو الصمود حتى الشتاء ووصول مجندين جدد ومعدات ووحدات جديدة، لاستئناف القتال في فبراير/شباط 2023، في حين يعتقد كيمبف أن الروس، وإن لم يستعيدوا المبادرة، فإن لديهم احتياطات وصناعة أسلحة، وقد أطلقوا تعبئة جزئية يتهكم عليها كثيرون، وهو لا يستبعد أن تعود روسيا؛ لأن الجيش قادر في حرب طويلة على تحمل الصدمات واستعادة التفوق.

Russia-Ukraine war
أسلحة خلفها الروس خلال انسحابهم من مناطق تحت وطأة القصف الأوكراني (الأناضول)

استدامة الدعم الغربي

وفي أوكرانيا، تطرح يوميا مسألة استدامة الدعم الغربي، خاصة في ما يتعلق بتسليم الأسلحة والتخطيط للعمليات -كما يرى كيمبف- وبالتالي يجب أن تثبت أوكرانيا أن تسليم المواد يمهد للنصر، “أما إذا سقطت خيرسون -كما يقول شوفانسييه- فلا أرى كيف يمكن للرئيس الروسي فلاديمير بوتين البقاء في السلطة، لأن كييف ستسعى لزعزعة استقراره حتى يترك الكرملين وينخرط خليفته في المفاوضات”.

وعند السؤال هل يمكننا القول إن روسيا تخسر الحرب؟ تساءل شوفانسييه عن مدلول خسارة الحرب، ليوضح أن روسيا تكون قد خسرت إذا اضطرت لإعادة الأراضي المحتلة، أما إذا احتفظت بها، فذلك انتصار ولو كان جزئيا، ولكن جيشها فقد رصيده عسكريا، ويشهد اقتصادها تحولا، كما فقدت سمعتها دبلوماسيا، أما داخليا فسيكون بوتين قد انتصر إذا لم يخسر السلطة.

 

أما كيمبف، فيرى أنه من السابق لأوانه أن نعرف هل تخسر روسيا أم تنتصر، لأن الحرب ليست شأنا عسكريًا فحسب، بل هي قضية سياسية، “فنحن نخسر الحرب عندما نقبل خسارتها، وخطاب بوتين في 30 سبتمبر/أيلول الماضي لا يظهر أنه مستعد لقبولها، إذ يبدو أنه يخوض حربا طويلة، ورغم أن روسيا تعاني نكسات تكتيكية متتالية، فإنني لا أعرف هل سيكون لذلك تأثير على القوة السياسية الروسية. كما أنه لا يوجد ما يؤكد أن سلطة جديدة في موسكو ستكون أكثر استعدادا لإنهاء الحرب”، على حد تعبيره.

المصدر : لوفيغارو

About Post Author