لندن- دخلت الحرب في أوكرانيا منعطفا جديدا، بإعلان دول غربية إرسال دبابات إلى أوكرانيا، وفي مقدمة هذه الدول الولايات المتحدة التي أعلنت إرسال العشرات من دبابات “أبرامز” الشهيرة، إضافة لموافقة ألمانيا على إرسال دبابات “ليوبارد”، وصولا لبريطانيا التي كانت السباقة في إعلان إرسال دباباتها الحديثة من طراز “تشالنجر”.

وصول العشرات من الدبابات الحديثة للجيش الأوكراني سيكون عونا له في مواجهة الجيش الروسي، وهو ما يفسر الفرحة العارمة في صفوف القادة العسكريين في كييف، لولا أن هناك ما قد ينغص هذه الفرحة، بإعلان مسؤول عسكري أميركي أن عملية نقل دبابات “أبرامز” قد تستغرق أشهرا، إضافة لتوقع المسؤولين العسكريين البريطانيين أن دبابات “تشالنجر” لن تصل إلا مع بداية الربيع وتحديدا نهاية شهر مارس/آذار المقبل.

 

هذا الوضع يعني أنه سيكون على الجيش الأوكراني تحمل ضغط المعارك الدائرة لشهرين إضافيين، كما فتح أكثر من علامة استفهام عن أسباب هذا التأخير، وقدرة هذه الدبابات على تغيير مجريات المعارك في حال وصلت بعد أشهر، والسؤال الأهم هل يستطيع الجيش الأوكراني الصمود إلى حين وصول هذه الدبابات؟

 

الدبابات الألمانية أولا

يميز البروفيسور ويليام ألبرك مدير برنامج الأسلحة والإستراتيجية في مركز المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية (IISS)، ومقره لندن، بين مدة وصول دبابات “ليوبارد 2A6” وبين وصول الدبابات الأميركية.

ويؤكد الخبير العسكري أنه “سيكون من السهل نقل الدبابات الألمانية لأن أكثر من دولة أوروبية تتوفر عليها، كما أن قطع غيارها متوفرة وهناك العديد من الفرق الأوروبية القادرة على إصلاحها في حال حصول عطب فيها، كما أن عملية تدريب الجنود الأوكرانيين على استعمال هذه الدبابات جارية في أوروبا حاليا”.

 

لماذا تتأخر الدبابات الأميركية؟

بحسب البروفيسور ويليام ألبرك -في حديثه للجزيرة نت- فإن الولايات المتحدة لن ترسل أحدث نسخة من دبابات أبرامز، بل إنها قد ترسل النسخة القديمة من طراز “M1″، مضيفا أن عملية وصول أكثر من 30 دبابة إلى الجيش الأوكراني مرتبطة بعدد من العوامل “من بينها عدد الدبابات الموجودة حاليا في مخازن الجيش الأميركي، وإمكانية أن تحتاج هذه الدبابات إلى صيانة قبل إرسالها”.

 

واعتبر الخبير في الأسلحة أن الأمر لن يتوقف فقط عند تدريب الجنود في أوكرانيا على استعمال هذه الدبابات، “لكن سيقوم الجيش الأميركي أيضا بتدريب فرق الصيانة للتعامل مع أي عطب أو مشاكل تقنية تعرفها هذه الدبابات، وتوفير قطع الغيار التي ستحتاجها الدبابات، وكل هذا يحتاج لوقت معتبر”.

ويلفت البروفيسور البريطاني إلى بُعد آخر في تأخر وصول الدبابات الأميركية، وهو أن الهدف كان إقناع ألمانيا بإرسال دبابات “ليوبارد”، “لهذا فهناك تقدير بأن الموقف الأميركي كان استجابة للطلب الألماني بإرسال دبابات أميركية حتى توافق برلين على إرسال دباباتها، ولهذا يمكن القول إن الخطوة الأميركية سياسية أكثر من كونها خطوة لها فعالية كبرى في مجريات المعارك”.

 

هل ستقلب هذه الدبابات موازين المعارك؟

الجواب: نعم، من وجهة نظر البروفيسور ويليام ألبرك، ويشرح ذلك من خلال عدة عوامل أولها “أننا حاليا في حرب استنزاف بنجاح روسيا في استنزاف القوات الأوكرانية في وسط إقليم دونباس”.

أما العامل الثاني، حسب الخبير العسكري، فهو إرسال روسيا للمزيد من الجنود وكذلك الدبابات من طراز “تي 64” (T-64) وهي دبابات قديمة الصنع، لكنها كبيرة الحجم، إضافة لحملة التجنيد الأخيرة التي وفرت للجيش الروسي خزانا بشريا مهما وهناك معلومات عن إطلاق روسيا قريبا لحملة تجنيد جديدة ما يعني المزيد من الجنود.

ويؤكد ألبرك أن دبابات “ليوبارد” وخصوصا طرازي “2A5″ و”2A6” الحديثة، “ستكون بمثابة ترياق للجيش الأوكراني لمواجهة إستراتيجية الاستنزاف التي تقوم بها روسيا حاليا”، مضيفا أن الجنود الأوكرانيين سيكون سهلا عليهم التعامل مع هذه الدبابات مقارنة مع الدبابات الأميركية أو البريطانية.

 

ويتفق بنجامين طاليس كبير الباحثين في المجلس الألماني للعلاقات الخارجية (DGAP)، مع رأي ألبرك، بأن دبابات “ليوبارد” الألمانية “ستغير قواعد اللعبة في المعارك الدائرة حاليا، ولهذا فالأوكرانيون يحتفلون بالقرار الألماني”.

وأضاف الخبير العسكري -في حديث للجزيرة نت- أن التقديرات الأوكرانية تشير إلى الحاجة إلى 300 دبابة لردع الهجوم الروسي “والأكيد أن تدفق العشرات من الدبابات الغربية سوف يساعد الجيش الأوكراني على التحرك بشكل أسرع ولكنها تبقى غير كافية دون غطاء جوي قوي”.

وعن سبب التركيز على دبابات “ليوبارد” الألمانية كشف المتحدث ذاته أنها “تعطي للفريق الذي يقودها درجة عالية من الأمان والقدرة على توجيه ضربات بعيدة المدى بحيث لن تستطيع الدبابات الروسية الاقتراب منها”، مواصلا أن لهذه الدبابات “القدرة على الصمود في أماكن إطلاق النار وقدرة على رصد أهداف العدو وإن كانت بعيدة، ما يمنح المشاة من الجنود فرصة للتقدم”.

المصدر : الجزيرة

About Post Author