بعد تلويحه بالنووي وإعلانه التعبئة.. واشنطن تحذر بوتين والغرب يرى دليلا على فشله بأوكرانيا
ردت الولايات المتحدة اليوم الأربعاء على تلويح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باستخدام ترسانته النووية بتحذيره من العواقب الوخيمة لخطوة من هذا القبيل، في حين اعتبر مسؤولون غربيون أن قراره بالتعبئة الجزئية دليل على فشله في أوكرانيا.
وفي كلمة موجهة إلى الشعب الروسي اتهم بوتين الغرب بدفع أوكرانيا لنقل العمليات العسكرية إلى أراضي بلاده وتهديد روسيا بضربات نووية.
وقال إن لدى موسكو أسلحة دمار شامل ستستخدمها بالتأكيد لحماية روسيا وشعبها، وبرر ما سماها الضربة الاستباقية ضد أوكرانيا بوجود مخطط للهجوم على إقليم دونباس -الذي يقع شرقي أوكرانيا ويضم أغلبية من الناطقين بالروسية- وكذلك شبه جزيرة القرم.
كما أعلن الرئيس الروسي أنه وقع مرسوما بالتعبئة الجزئية من قوات الاحتياط بدءا من اليوم الأربعاء، في إطار الجهود الرامية لحماية الأراضي الروسية و”تحرير” منطقة دونباس التي سيطرت القوات الروسية على أجزاء منها خلال الحرب التي بدأها موسكو في 24 فبراير/شباط الماضي.
وبحسب مرسوم بوتين، سيتم استدعاء 300 ألف فرد إضافي للخدمة في الحملة العسكرية الروسية في أوكرانيا.
من جهته، أعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أنه وقع على توجيه التعبئة الجزئية وأعطى تعليمات لهيئة الأركان لبدء إجراءات التنفيذ.
وأضاف شويغو في لقاء تلفزيوني أن خط التماس في أوكرانيا يمتد لمسافة ألف كيلومتر، وهناك حاجة لدعم هذا الخط.
وبعد ساعات من نشر مرسوم بوتين اعتقل أكثر من ألف شخص في أنحاء روسيا خلال احتجاجات ضد قرار التعبئة، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.
عواقب وخيمة
وردا على تصريحات الرئيس الروسي بشأن استخدام محتمل للأسلحة النووية، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصادر أميركية قولها إن إدارة الرئيس جو بايدن تأخذ تهديدات بوتين على محمل الجد.
كما قال منسق الاتصالات الإستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي إن واشنطن تتعامل مع تهديدات بوتين النووية بجدية.
وأضاف كيربي في مقابلة مع شبكة “إيه بي سي” (ABC) الأميركية أن بلاده تراقب تموضع روسيا الإستراتيجي، مشيرا إلى أنه ستكون هناك عواقب وخيمة إذا تم استخدام أسلحة نووية.
وقال إن التعبئة الجزئية لجنود الاحتياط التي أعلنها بوتين كبيرة وتمثل ضعف ما التزم به حين أعلن الحرب على أوكرانيا.
وفي نيويورك، ندد الرئيس الأميركي جو بايدن في كلمة ألقاها في الجمعية العامة للأمم المتحدة بتهديد نظيره الروسي باستخدام أسلحة نووية، ووصف ذلك بغير المسؤول.
وفي مقابلة مع الجزيرة، قال المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس إن تصريحات بوتين الأخيرة والاستفتاء على ضم أجزاء من أراضي أوكرانيا لا تعكس خطوات قائد واثق بنفسه، مؤكدا الاستمرار في دعم أوكرانيا ماليا وأمنيا.
السلام العالمي
بدوره، اتهم منسق العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتعريض السلام العالمي للخطر عقب تهديده باستخدام السلاح النووي في الحرب بأوكرانيا.
ووصف بوريل تلويح بوتين بالسلاح النووي والتعبئة الجزئية لقوات الاحتياط وإعلان تنظيم استفتاءات لضم مناطق أوكرانية محتلة بالتصعيد الخطير، معتبرا أن إعلان التعبئة يعكس حالة الهلع واليأس.
وأشار إلى أن وزراء الخارجية الأوروبيين سيبحثون الليلة خلال اجتماع طارئ لهم في نيويورك تقديم مزيد من الدعم العسكري لأوكرانيا وفرض عقوبات إضافية على موسكو.
كما قال المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية بيتر ستانو إن اعلان الرئيس الروسي تعبير عن يأسه في حربه مع أوكرانيا ودليل على أنه لا يريد السلام، وإنه في الوقت ذاته يريد استمرار الحرب وتعميقها، على حد قوله.
علامة فشل
وفي السياق، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ورئيسة الوزراء البريطانية ليز تراس -في بيان مشترك- إن إعلان بوتين التعبئة الجزئية علامة ضعف ومؤشر على فشل ما وصفتاه بغزو روسيا لأوكرانيا.
كما أضافت تراس أن دعوات الرئيس الروسي للتعبئة علامة على فشل ما وصفته بغزوه الهمجي لأوكرانيا، مشيرة إلى أنه لن يتم الاعتراف بأي استفتاءات زائفة لضم مناطق أوكرانية لروسيا.
أما وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي فرأى أن قرار الرئيس الروسي بالتعبئة الجزئية في جيشه دليل على إحباطه.
وقال كليفرلي في حديث لشبكة “سي إن إن” (CNN) إن قرار بوتين يعني إرسال المزيد من جنوده للموت بلا طائل، حسب تعبيره .
بدوره، قال ينس ستولتنبرغ الأمين العام لحلف شمال الأطلسي “ناتو” (NATO) إن إرسال المزيد من القوات الروسية للقتال سيصعد الصراع في أوكرانيا.
أما المستشار الألماني أولاف شولتز فوصف قرار موسكو التعبئة الجزئية لقواتها بالفعل اليائس، واعتبر أنها لن تكسب الحرب التي وصفها بالإجرامية، قائلا إن الاستيلاء بالقوة على بلد جار أو أجزاء من أراضيه لن يكون مقبولا.
وفي ردود الفعل الدولية الأخرى، قال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو إن التعبئة العسكرية لبوتين والتهديدات النووية تمثل تصعيدا خطيرا وغير مسؤول.
بدورها، نددت تركيا باعتزام روسيا تنظيم استفتاءات لضم مناطق أوكرانية محتلة، وأكدت أن مثل هذه الخطوات لن تحظى باعتراف المجتمع الدولي.
إغراق أوكرانيا بالدماء
في هذه الأثناء، نقلت صحيفة “بيلد” عن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أنه لا يعتقد أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيستخدم السلاح النووي، قائلا إنه لا ينبغي للغرب الرضوخ لابتزازات موسكو.
وأضاف زيلينسكي أن بوتين يريد إغراق أوكرانيا بالدماء، بما في ذلك دماء جنوده، على حد قوله، مؤكدا ثقته في تحرير أراضي بلاده.
من جهته، قال وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا إن الرد على تهديدات بوتين هو مضاعفة دعم أوكرانيا بالأسلحة وفرض عقوبات إضافية على روسيا.
كما قال مستشار وزير الدفاع الأوكراني للجزيرة إن التهديدات الروسية متكررة، وإن بلاده لن تتأثر بما وصفها باستفزازات بوتين.
الحوار لحل الخلافات
وفي بكين، دعت الخارجية الصينية أطراف الحرب في أوكرانيا لحل الخلافات عبر الحوار والتشاور والالتزام بميثاق الأمم المتحدة، مؤكدة استعداد بكين مجددا للعمل مع المجتمع الدولي لتخفيف التوترات.