أعلنت روسيا، الأربعاء، أنها سددت بالروبل قروضا أجنبية لسندات مقومة بالدولار، بعدما رفض مصرف مراسَل إتمام أوامر الدفع.

وذكرت وزارة المال، في بيان، أنها اضطرت إلى تسديد مبلغ قدره 649.2 مليون دولار لدائنين أجانب بالروبل، في ضربة جديدة لمحاولات روسيا تجنّب التخلف عن تسديد ديونها السيادية في ظل العقوبات الاقتصادية واسعة النطاق التي فرضت عليها ردا على حربها على أوكرانيا.

 

وقالت الوزارة إن بنوكا أجنبية رفضت تحويل مدفوعات لسداد خدمة دَين عن السندات الدولية، وبالتالي قامت الوزارة بتحويل المدفوعات بالروبل.

ونقلت وكالة بلومبيرغ للأنباء عن الوزارة القول إنها أرسلت مدفوعات بالدولار لسندات تستحق هذا الشهر، لكن تم رفضها، فاضطرت روسيا لاستخدام المؤسسات المالية المحلية.

 

وأضافت الوزارة أنها حولت الدفعة الكاملة بالروبل إلى مؤسسة “وديعة التسوية الوطنية”، وأوضحت الوزارة أنها تعتبر بذلك أنها أوفت بما عليها من التزامات بشكل كامل.

أميركا تضيق الخناق على ديون روسيا

تأتي الخطوة الروسية في وقت منعت الإدارة الأميركية روسيا من دفع أكثر من 600 مليون دولار لأصحاب ديونها السيادية من احتياطياتها الموجودة في البنوك الأميركية، في خطوة تهدف إلى زيادة الضغط على موسكو.

ونقلت وكالة رويترز عن مصدر مطلع ومتحدثة باسم وزارة الخزانة الأميركية أن الإجراء يجعل الأمر أقرب إلى التخلف عن السداد.

وأوضح المصدر أن المدفوعات لم تحصل على إذن من وزارة الخزانة الأميركية كي يتعامل معها “جيه بي مورغان” وهو المصرف المعنِيّ بالتراسل الدولي.

 

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخزانة إنه يجب على روسيا الاختيار بين استنزاف الاحتياطيات المتبقية من الدولار، أو وصول عائدات جديدة، أو التخلف عن السداد. ولدى روسيا فترة سماح تبلغ 30 يوما لتسديد المبلغ.

 

وفي رد فعل روسي على الإجراء الأميركي، أكد السيناتور فاسيلي إيكونيكوف عضو لجنة الميزانية في مجلس الاتحاد الروسي أن موسكو بإمكانها تسديد مدفوعات دَينها العام بالروبل.

وقال البرلماني الروسي إن لدى روسيا أموالا كافية بالروبل لسداد الديون، وإنه إذا أراد الدائنون الحصول على أموالهم فيمكنهم ذلك بالعملة الروسية.

 

وشدد البرلماني الروسي على أن موقف القيادة الروسية يستهدف التقليص المستمر في اعتماد الاقتصاد الروسي على الدولار.

وأضاف أن عددًا من الدول أعلنت بالفعل استعدادها لشراء موارد الطاقة الروسية بالروبل.

مزيد من الضغوط على روسيا

ويقول ديميتر ليلكوف كبير الباجثين الاقتصاديين في مركز مارتينز للدراسات الأوروبية إن الخطوة الأميركية تهدف إلى منع روسيا من استخدام احتياطياتها في البنوك الأميركية لتسديد قروضها وتمويل حربها على أوكرانيا.

ويضيف في حديث لقناة الجزيرة أن القرار الأميركي يهدف إلى فرض مزيد من الضغوط على روسيا لكي تستنفذ ما لديها من احتياطيات من العملات الأجنبية محليا لتسديد ديونها، وبالتالي عدم استطاعتها تمويل الحرب.

 

وعبر ديميتر ليلكوف عن اعتقاده بأن في خلال 3 إلى 4 أسابيع قد تعلن روسيا عجزها عن سداد قروضها في الآجال المحددة بالعملات الأجنبية، وبالتالي فإن ديونها ستصبح مسمومة، وسيمتنع المستثمرون -بناء على ذلك- عن الاستثمار في روسيا.

لكن ليلكوف نبه إلى أن حتى وإن أعلنت روسيا عن إفلاسها دوليا، فإن حربها ستستمر لأن لديها احتياطيات من الذهب والروبل.

المنع من الولوج إلى أسواق الدَّين العالمية

تمكنت روسيا، التي لديها إجمالا 15 سندا دوليا مستحقا تبلغ قيمتها الاسمية نحو 40 مليار دولار، من تجنب التخلف عن سداد ديونها الدولية حتى الآن على الرغم من العقوبات الغربية غير المسبوقة، لكن المهمة تزداد صعوبة.

ويقول تقرير لرويترز: إذا فشلت روسيا في سداد أي من مدفوعات سنداتها التالية خلال آجال استحقاقها، أو دفعت بالروبل بدلا من الدولار أو اليورو أو عملة أخرى محددة، فسيشكل ذلك تخلفا عن السداد.

 

وفي حين أن روسيا غير قادرة على الوصول إلى أسواق الاقتراض الدولية بسبب عقوبات الغرب، فإن التخلف عن السداد سيمنعها من الوصول إلى تلك الأسواق لحين سداد أموال الدائنين بالكامل وتسوية أي قضايا قانونية ناجمة عن التخلف عن السداد، يقول تقرير رويترز.

 

مخاطر التخلف عن السداد

تقول صحيفة لوفيغارو الفرنسية إن عدم سماح الولايات المتحدة لروسيا سداد ديونها الموجودة في البنوك الأميركية بالدولار اعتبارًا من أمس الثلاثاء، سيزيد الضغط ويُفاقم من مخاطر التخلف عن السداد في روسيا.

وبحسب الصحيفة، فإن وزارة الخزانة الأميركية قالت إن “هذا سيؤدي إلى زيادة استنزاف الموارد التي يستخدمها بوتين لمواصلة حربه ضد أوكرانيا، وسيولد مزيدًا من عدم اليقين والتحديات التي يواجهها النظام المالي الروسي”.

 

واتخذ قادة دول مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي إجراءات جديدة في 24 مارس/آذار لمواصلة منع البنك المركزي الروسي من استخدام احتياطياته الدولية، بما في ذلك الذهب، وذلك لعرقلة تمويل الحرب.

ووفق الصحيفة الفرنسية فقد أدت العقوبات الغربية التي تم فرضها ردًّا على الغزو الروسي لأوكرانيا إلى تجميد جزء من الاحتياطيات الروسية المُحْتَفَظ بها في الخارج، والتي تُقدَّر بنحو 300 مليار دولار.

وأشارت الصحيفة إلى أن هذه العقوبات تثير مخاوف من أن موسكو لن تكون قادرة على الوفاء بديونها، وبالتالي فهي مهددة بالتخلف عن السداد.

وبينت أن العقوبات الغربية تسببت في إحداث شلل في جزء من النظام المصرفي والمالي لروسيا وأدت إلى انهيار الروبل، وبالتالي فإن التخلف عن السداد يقطع الدولة عن الأسواق المالية ويهدد عائداتها لسنوات.

 

 

عقوبات إضافية

قال مصدر مطلع لرويترز إن الولايات المتحدة وحلفاءها سيعلنون، اليوم الأربعاء، مجموعة جديدة واسعة من العقوبات المتعلقة بروسيا.

وأضاف المصدر أن العقوبات ستحظر جميع الاستثمارات الجديدة في روسيا، وتزيد القيود على المؤسسات المالية والشركات المملوكة للدولة في روسيا، وتستهدف المسؤولين الحكوميين الروس وعائلاتهم.

إذا فشلت روسيا في سداد أي من مدفوعات سنداتها التالية خلال آجال استحقاقها، أو دفعت بالروبل بدلا من الدولار أو اليورو أو عملة أخرى محددة، فسيشكل ذلك تخلفا عن السداد

وقال المصدر “ستعلن الولايات المتحدة غدا، بالتنسيق مع مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي، حزمة واسعة إضافية من العقوبات التي ستفرض تكاليف كبيرة على روسيا وتدفعها إلى مزيد من العزلة الاقتصادية والمالية والتكنولوجية”.

 

وأضاف أن الإجراءات التي سيتم فرضها غدا ستؤدي إلى “إضعاف الأدوات الرئيسية لسلطة الدولة الروسية، وفرض أضرار اقتصادية حادة وفورية على روسيا”.

وتضر الحرب، والعقوبات الغربية المفروضة ردا عليها، بالاقتصاد الروسي، ويتوقع الخبراء انكماشا يصل إلى 15%.

حجم الديون الروسية

زاد الدين الخارجي للبلاد بمقدار 11 مليار دولار (2.37%) العام الماضي وبلغ 478.2 مليار دولار، وفقا للبنك المركزي الروسي، الذي فسر ذلك بتأثر ديناميكيات المؤشر بنمو الدَّين الخارجي للنظام المصرفي، مقابل انخفاض الدين الخارجي للمؤسسات الحكومية والقطاعات الأخرى، على خلفية تراجع اهتمام المستثمرين العالميين بالأدوات المالية في بلدان الأسواق الناشئة.

والدين الخارجي هو المبلغ الإجمالي لديون الدولة والمقيمين فيها (مؤسسات، شركات، بنوك وكيانات تجارية أخرى) لدائنين أجانب غير مقيمين.

احتياطي الذهب

اعتبارا من 1 يناير/كانون الثاني 2020، بلغ احتياطي روسيا من الذهب 2271 طنا، وتجاوزت الاحتياطيات الحد الأقصى لعام 2008، بينما سجل رقم قياسي في 21 مايو/أيار 2021 عندما بلغ احتياطي الذهب 600.9 مليار دولار.

 

علاوة على ذلك، قامت الدولة بتخزين 132 مليار دولار أخرى بالذهب في روسيا (ما يقرب من 74 مليون أونصة)، وحوالي 30 مليار دولار في الاحتياطيات في صندوق النقد الدولي، وحقوق السحب الخاصة (وحدة حساب صندوق النقد الدولي)، وهذا الجزء من الاحتياطيات محمي عمليا من الحجب.

المصدر : الجزيرة + لوفيغارو + وكالات

About Post Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *