“وحوش في مناصب سامية”.. مصائد جنسية على منصة “لينكد إن” بفرنسا
كيف انقلبت أكبر شبكة محترفين في العالم إلى منصة للتحرش الجنسي، ومصيدة للإيقاع بالراغبات في الالتحاق بسوق العمل؟
كتبت لوموند عن الظاهرة التي تفشت على لينكد إن، حيث يترصد البعض بالراغبات في وظيفة أو حتى مجرد فرص تدريبية للإيقاع بهن.
لم تكن غاييل إيتيان تتوقع وهي تتلقى إشعارا بوصول رسالة على لينكد إن في أكتوبر الماضي أن تقابلها على الشاشة صورة غير لائقة أرسلها “رجل قبلت إضافته للتو. شخص ذو منصب رفيع جدا في شركة مرموقة”.
تقول غاييل (22 عاما) إنها تعودت على تلقي رسائل غير لائقة تتعلق بعملها، لكن حتى أكتوبر/تشرين الأول الماضي كان ذلك يحدث حصرا على منصتي إنستغرام وفيسبوك.
“كنت أعتقد أنني في منجاة من كل هذا على لينكد إن. شعرت بالغثيان”، تضيف غاييل التي انضمت في 2022 إلى شبكة تواصل المحترفين الأشهر في العالم.
ظواهر مبتذلة
يستخدم نحو 30 مليونا لينكد إن في فرنسا للبحث عن عمل أو للترويج لسيرهم الذاتية، مثلما تستخدمه شركات لأغراض التوظيف أو للبحث عن مشاريع تعاون أو الوصول إلى زبائن.
تقول جوهانا صوريا بن عمروش عضو الجمعية النسوية الفرنسية لمحاربة التحرش الإلكتروني “لقد بات التحرش والملاحقة والتهديد ظواهر مبتذلة على لينكد إن”.
وحسب هذه الناشطة، فإن كثيرا من مستخدمات المنصة ممن يتركن خدمة الرسائل مفتوحة دون غربلة (تحينا لأي فرصة مهنية) يتلقين رسائل ذات طابع جنسي.
لينكد إن تؤكد أن التحرش وحتى التودد العاطفي خرق لسياساتها، وقد طورت أدوات لمساعدة المستخدمين في مهمة البحث عن عمل بشكل آمن، وتحذر من الرسائل الخاصة التي قد يبدو منها أنها ذات طابع جنسي.
تؤكد المنصة أيضا أنها تتخذ الإجراءات المناسبة وتدرس بعناية كل تبليغ، علما أن خدمة التبليغ عن التحرش متاحة على المنصة، بحيث لا يشعر المشتبه فيه أنه محل شكوى.
“عالم وحوش”
إيمان بونوح (25 عاما)، فرنسية تعمل حاليا صانعة محتوى على الشبكات كانت لها قصتها هي الأخرى مع التحرش على لينكد إن حين بدأت في 2018، وهي بعد طالبة، في نسج شبكة علاقات على أمل تسهيل الحصول على وظيفة.
وتضيف “في بداية تجربتي مع لينكد إن كنت أبحث عن أسماء الماركات التي أحبها وأضيف الجميع إلى قائمتي”.
لكن سريعا ما أخذت تنهال عليها رسائل لا علاقة لها بتخصصها بين من يتغزل بجديلة شعرها ومن ذكّره اسمها بمراكش، بل إن أحدهم عرض عليها القدوم لزيارتها في مقر عملها، فيما عرض آخر فرصة تدريب، تبين أنها مجرد طعم ليقنعها بالعمل في مجال الدعارة.
لكن صدمتها الكبرى كانت رسالة وصلتها على بريدها الإلكتروني رُكب فيها وجهها على محتوى إباحي.
“المكان الوحيد الذي نشرتُ فيه بريدي الإلكتروني هو لينكد إن لأنني كنت أبحث عن تدريب”، تقول إيمان التي تلخص تجربتها مع المنصة المشهورة بهذه الكلمات: “لم أعثر في لينكد إن على فرص تكوين وإنما على وحوش.. رجال في ضعف سني يحتلون أرقى المناصب”.
الآن فقط أدركت إيمان أنها كانت تستطيع تقديم بلاغ تحرش.
وحسب الجمعية النسوية لمحاربة التحرش الإلكتروني، فإن 73% من نساء استطُلعت آراؤهن لا يعرفن الإجراءات الردعية التي قد يتعرض لها من يمارس التحرش الإلكتروني.
كثير من ضحايا التحرش ينتهي بهن الأمر إلى الإقلاع عن النشر على “لينكد إن” مثل بولي، وهي طالبة في الإعلام لم تعد تنشط إلا قليلا على المنصة بسبب تجربة سيئة.
وتقول “إذا بعث أحدهم رسالة ليشكرني على كوني من شبكته لا أرد عليه. قبل إرسال رسالة أدقق الحساب”.
تطبيق مواعدة
لكن غريزة الحذر الشديد هذه تضر حتما بالحياة المهنية حسب صوريا بن عمروش فـ “هذا السلوك يضيف كمّا كبيرا من المعلومات تحتاج المستخدمة معالجتها بدل التركيز على مشوارها المهني”.
مارجوري طالبة أخرى تخرجت لتوها وتبحث منذ أشهر على لينكد إن عن عمل كمهندسة طائرات، لكن كل ما ظفرت به مضايقات تحت ستار عروض عمل.
لا تملك مارجوري إلا الموافقة على تشبيه لينكد إن بتطبيق للمواعدة فـ”هذه الأداة أنشئت لتسهيل التواصل في عالم المؤسسات.. من الصعب على المرء أصلا أن يصمد في الوسط المهني كما هو عليه، فكيف إذا كان عليه أيضا الارتياب في الجميع”.
وتصدّق إيمان بونوح على كلامها، قائلة “عندما ننضم إلى منصة تعارف فإننا نقر بأننا ننشد علاقة عاطفية.. أما على لينكد إن فإننا نقر برغبتنا في تطوير شبكتنا المهنية. ربما نشأت علاقات عاطفية على المنصة لكن كم نسبتها مقارنة بعدد النساء وحتى القاصرات اللائي تلقين رسائل لم يرغبن إطلاقا في استلامها”.