وسط دعوات للتحقيق.. هدوء بطرابلس بعد اشتباكات مسلحة ومليشيات تسمح بتحميل ناقلة نفط بميناء السدرة
تشهد العاصمة الليبية طرابلس هدوءا حذرا عقب اشتباكات مسلحة بين كتائب حكومية ليلة الجمعة، وسط انتقادات غربية، ومطالب بالتحقيق بشأن تلك الاشتباكات، في حين سمحت مليشيات مسلحة تسيطر على ميناء السدرة النفطي بتحميل ناقلة نفط يوم الجمعة.
وأظهرت صور نشرها الإعلام المحلي مدنيين في حال من الهلع، وسط إطلاق نار في منطقة مزدحمة من العاصمة.
ووفق مصادر للأناضول، اندلعت الاشتباكات بين “كتيبة النواصي” التابعة لحكومة الوحدة الوطنية، و”جهاز دعم الاستقرار”، التابع للمجلس الرئاسي.
وتتزامن هذه الاشتباكات مع استفحال الأزمة السياسية في البلاد، حيث عيّن البرلمان المنعقد في طبرق مؤخرا وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا رئيسا للوزراء، في حين ترفض حكومة الوحدة الوطنية المعترف بها دوليا برئاسة عبد الحميد الدبيبة التخلي عن مهامها، وتتمسك بحقها في إدارة شؤون البلاد إلى حين تنظيم انتخابات.
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية أن رقعة اشتباكات اتسعت إلى أن وصلت حديقة عامة وسط المدينة، ترتادها العائلات عادة.
دعوات للتحقيق
وتعليقا على ذلك، طالب رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، في تدوينة عبر فيسبوك، كلًا من المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية بفتح تحقيق فوري في الاشتباكات المسلحة التي وقعت بسبب خلافات شخصية بين أفرادها، أصيب فيها مسلحون من المجموعات المتقاتلة وأحدثت أضرارا مادية في ممتلكات خاصة.
ودعا المشري إلى نشر التحقيقات في الاشتباكات للرأي العام ومعاقبة المتورطين، ووصف هذه الاشتباكات بأنها استِهتار بأرواح المواطنين، شاركت فيها مجموعات مسلحة غير منضبطة.
من جانبه، عبر رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا عبد الحميد الدبيبة، عن انزعاجه من الاشتباكات.
ونشرت منصة “حكومتنا” الرسمية مقطع فيديو للدبيبة من مقر إقامته، أثناء تواصله هاتفيا مع آمر اللواء 444 قتال، محمود حمزة، الذي أشرف على وقف القتال وإخراج العائلات من الأماكن التي احتمت بها من نيران الاشتباكات.
وتلقى الدبيبة من آمر اللواء تطمينات بتوقف الاشتباكات وعدم إصابة أي مدني، مؤكدا إشراف اللواء على إخراجهم من أماكن الاحتماء وإعادتهم لبيوتهم.
وأعطى الدبيبة تعليماته للواء باتخاذ ما يلزم للحفاظ على حياة المدنيين في العاصمة، ملوحا بالقبض ومعاقبة من يتعدى على المدنيين.
انتقادات غربية
بدورها، أعربت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا عن قلقها إزاء الاشتباكات التي شهدتها العاصمة الليبية ليلة أمس.
ودعت المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة ستيفاني ويليامز، على تويتر، إلى الهدوء وحماية المدنيين في طرابلس.
وناشدت ويليامز جميع الليبيين لبذل كل ما بوسعهم للحفاظ على استقرار البلاد، الذي وصفته بالهش، مؤكدة أن الكيل طفح، على حد تعبيرها.
من جانبه، توعد السفير والمبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا ريتشارد نورلاند، في تغريدة على تويتر، من وصفهم بالمسؤولين عن الاشتباكات المسلحة التي شهدتها العاصمة طرابلس مساء أمس بأنهم سيدفعون الثمن من الشعب الليبي وكذلك المجتمع الدولي.
أما رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لدي ليبيا خوسيه ساباديل، فقال في تغريدة عبر تويتر “إن ما حدث (الاشتباكات) بالأمس في سوق الثلاثاء هو مخز ويمثل صدمة”.
وأضاف المسؤول الأوروبي “لقد تم إطلاق الأسلحة على حديقة حيث يركض الأطفال ويلعبون”، مشددا على أن الأماكن العامة في طرابلس ملك للعائلات وليس لرجال مسلحين.
فتح ميناء السدرة
وفي سياق متصل، قال مهندسان في ميناء السدرة الليبي اليوم السبت إن المليشيات المسلحة التي تغلق الميناء سمحت بتحميل ناقلة نفط أمس الجمعة، لكنهما أضافا أن المسلحين لم يسمحوا بتحميل أي ناقلة أخرى في الميناء.
وأغلقت المليشيات المسلحة ميناءي السدرة ورأس لانوف يوم الخميس، مما أدى لتوقف الصادرات في توسيع واضح لنطاق إغلاق جزئي لإنتاج البلاد النفطي.
ولم تصدر المؤسسة الوطنية للنفط أي تعليق حتى الآن.
وتطالب الجماعات التي تغلق المنشآت النفطية رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة التي تتخذ من طرابلس مقرا، بتسليم السلطة إلى فتحي باشاغا الذي اختاره البرلمان المتمركز في الشرق لتولي هذا المنصب في مارس/آذار.
وتعيش ليبيا الغنية بالنفط، انقساما سياسيا وأمنيا منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي في عام 2011، على إثر ثورة شعبية.
وتشهد طرابلس والمدن الليبية عموما انتشارا للكتائب التي تحدث فيما بينها من حين لآخر اشتباكات مسلحة، وتكون أسبابها في الغالب راجعة لمناطق النفوذ أو الاصطفاف السياسي أو مشاكل فردية في بعض الأحيان.