نادرا ما تحظى الانتخابات المحلية في المقاطعات الألمانية باهتمام كبير خارج حدود أكبر دولة في أوروبا، إلا إن صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية ترى أن الأمر هذه المرة يُعد استثناء لهذه القاعدة.
فقد أظهرت استطلاعات الرأي بعد إدلاء الناخبين بأصواتهم في الانتخابات التشريعية بمقاطعتين في شرقي ألمانيا، اليوم الأحد، حلول حزب البديل من أجل ألمانيا من أقصى اليمين في المركز الأول في تورينغن، فيما جاء في المركز الثاني في مقاطعة ساكسونيا.
واعتبرت هيئة تحرير الصحيفة الأميركية أن الخبر الرئيسي لا يتمثل في صعود أقصى اليمين بقدر ما يشي بانهيار الائتلاف الحاكم في ألمانيا بزعامة المستشار أولاف شولتس.
وقالت إن نتائج التصويت في انتخابات ساكسونيا وتورينغن أحدثت مزيدا من الارتباك في قارة تعيش أصلا حالة من التوتر إثر تراجع الأحزاب التقليدية وصعود الأحزاب “المتمردة” على سياسات الدولة.
وأضافت في مقال افتتاحي أن صعود حزب البديل من أجل ألمانيا وفوزه في المقاطعتين يمثل نصف الحكاية، مشيرة إلى أنه بدأ قبل عقد من الزمان كحركة أسسها أكاديميون غير راضين عن خطط إنقاذ ديون الحكومات الأوروبية، أو ما يسمى الديون السيادية خصوصا في دول منطقة اليورو.
وتحولت الحركة بعد ذلك لتصبح حزب “احتجاج” يتمتع بقاعدة شعبية كبيرة في الجزء الشرقي من ألمانيا، حيث حصل على ما يقرب من ثلث الأصوات في كل ولاية في انتخابات هذا الأسبوع، وفق المقال.
ومع أن وول ستريت جورنال تشير إلى أن مثل هذه الأحزاب عادة ما توصف بأنها “يمينية متطرفة”، إلا إنها ترى أنه وصف مناسب ينطبق على حزب “البديل” بعد تورط زعمائه في “فضائح” مؤخرا بسبب تعليقات متعاطفة مع فرقة الحماية شبه العسكرية الخاصة بالزعيم النازي أدولف هتلر، وترديدهم شعارا نازيا.
ومضت الصحيفة في نقدها للحزب، وقالت إن أداءه الجيد في كل منطقة من ألمانيا هو بمثابة الصدمة. وعزت جزءا كبيرا من أسباب صعوده إلى فشل الأحزاب الرئيسية في السيطرة على القضايا التي تزعج الناخبين، ولا سيما مسألة الهجرة.
فقد أظهرت استطلاعات الرأي أن ثلث الناخبين في كل ولاية أكدوا، بعد خروجهم من مراكز الاقتراع، أن سياسة الهجرة واللجوء تمثل المعضلة الأكبر.
ولفتت إلى أن حادثة الطعن بسكين، يوم الجمعة، في مدينة زولينغن الغربية والتي قتل فيها طالب لجوء سوري 3 أشخاص وأصاب 8 آخرين وأعلن تنظيم الدولة مسؤوليته عنها، أثارت المخاوف من موجة الهجرة التي تجتاح ألمانيا منذ عام 2015.
ومن الأسباب الأخرى لصعود أقصى اليمين هو الدعم الذي تقدمه ألمانيا لأوكرانيا في حربها ضد روسيا.
ففي تورينغن، معقل حزب البديل من أجل ألمانيا، أعرب 54% من المستطلعة آراؤهم عن اعتقادهم أن على الدول الغربية أن تكف عن تقديم دعم عسكري كبير لكييف.
وأرجعت هيئة تحرير الصحيفة السبب في ذلك إلى أن هذه المقاطعة تعد تاريخيا أكثر تعاطفا مع روسيا، وأشد قلقا بشأن العواقب المترتبة على الصناعات المتعثرة بسبب أزمة الطاقة في أوروبا بعد عام 2022.