رأى ضيفا برنامج “ما وراء الخبر” أن لدى دول الجوار مخاوف جدية من تمدد الصراع الجاري في السودان إلى أراضيها، خاصة في ظل المشاكل القبلية والإنسانية التي يعانيها السودان، وشددا على ضرورة أن تتجاوز بعض الدول، مثل مصر وإثيوبيا، خلافاتها وتنافسها وأن تبحث عن حل يؤدي لتحقيق الاستقرار في السودان.
وفي هذا السياق، أكد الخبير في الشأن السوداني صلاح الدين الزين أن التحذيرات التي يطلقها مسؤولون إقليميون ودوليون من احتمال تمدد الصراع السوداني إلى الدول المجاورة تعود إلى الترابط الجغرافي ووقوع السودان في منطقة تحوي كثيرا من بؤر التوتر، فهناك أزمات مكتومة ومشاكل بين السودان وبعض الدول المجاورة يمكن أن تثير القلق.
وفي سياق قلق إقليمي ودولي من احتمال امتداد تأثيرات المواجهات المسلحة في السودان بين الجيش و قوات الدعم السريع التي تجاوزت 3 أسابيع، جاءت تحذيرات الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش -من إثيوبيا المجاورة- مما سماها تداعيات الأوضاع في السودان على المنطقة، لا سيما دول الجوار، التي قال إن طبيعتها الهشة تجعلها أكثر عرضة لهذه التداعيات.
وأشار الزين -في حديثه لحلقة (2023/5/7) من برنامج “ما وراء الخبر”- إلى ما اعتبرها مصالح إقليمية متقاطعة جعلت بعض الدول تتنافس للعب دور في أزمة السودان منذ التغيير الذي حدث عام 2019، وخاصة بين مصر وإثيوبيا، وقال إن أديس أبابا سعت إلى القيام بدور كبير في الصراع الحالي بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وهو ما تسبب في انزعاج القاهرة.
وركز على مسألة المخاوف الأمنية والقبلية لدول الجوار، باعتبار أن السودان توجد به فصائل مسلحة كانت قد وقّعت اتفاقا مع الحكومة لنزع سلاحها ولم تنزعه حتى الآن، ورغم أنها لم تتدخل في الصراع الجاري بين رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، فإن إطالة أمد الصراع أو امتداده لخارج الخرطوم -وفقا لضيف برنامج “ما وراء الخبر”- قد يسبب مشاكل لدول الجوار. كما أكد أن قوات الدعم السريع قد تتحول إلى مجموعات تتحرك عبر الحدود.
ومن وجهة نظر الخبير في الشأن السوداني، فإن دول الجوار لا تريد وجود جيشين في السودان ولا ترغب في سيطرة مليشيا على الأوضاع في السودان، في إشارة منه إلى قوات الدعم السريع، مؤكدا أن هناك توجها عاما في القاهرة وأديس أبابا وجامعة الدول العربية يؤكد على شرعية المؤسسات الرسمية في السودان.
ومن جهته، رجح الباحث في الشؤون الأفريقية موسى شيخو أن تمتد تداعيات الحرب في السودان إلى نحو 20 أو 22 دولة مجاورة، وقال إن التأثير ربما لا يقتصر على دول الجوار، بل قد يمتد إلى دول جوار الجوار، وذلك بحكم موقع السودان وكونه سلة غذاء العالم العربي.
وتحدث شيخو عن المخاوف من انعكاسات الحرب في السودان على دول الجوار في ضوء الهشاشة الأمنية والسياسية لهذه الدول، بالإضافة إلى المسألة الإنسانية بسبب نزوح الفارين من الحرب إلى دول الجوار، إذ تشير تقارير إلى أن نحو 100 ألف نزحوا إلى تشاد، إضافة إلى آلاف آخرين توجهوا إلى مصر.
وأشار بدوره إلى البعد القبلي في الموضوع، خاصة أن قوات الدعم السريع التي تعود جذورها إلى إقليم دارفور لها امتدادات في تشاد وتحالفات مع دول مجاورة، وقال إن الدول المعرضة للضرر في المقام الأول هي تشاد وليبيا ومصر.
كما أوضح ضيف حلقة برنامج “ما وراء الخبر” أن إطالة أمد الحرب في السودان قد يثير مخاوف بشأن مسألة الإرهاب الدولي والهجرة غير الشرعية والعصابات، خاصة في ظل موقع السودان الجيوسياسي والإستراتيجي.
تأمين الحدود والتحرك سياسيا ودبلوماسيا
وبشأن الأدوات التي لدى دول الجوار لتخفيف مخاوفها، قال الزين إن هذه الدول مطالبة بأمرين: تأمين حدودها مع السودان والتحرك على المستويين السياسي والدبلوماسي لإيجاد حل جذري لأزمة السودان والإصرار على تحقيق الاستقرار فيه.
أما شيخو، فدعا دول الجوار، خاصة مصر وإثيوبيا، إلى عدم التنافس في موضوع السودان، وإلى العمل لدفع طرفي الصراع لإيقاف الحرب، مؤكدا أن لدى القاهرة، على سبيل المثال، من الأدوات التي تمكنها من فعل ذلك.