مع إعلان قطر عزمها على إعادة تقييم دور الوساطة الذي تقوم به بين حركة حماس وإسرائيل، ازدادت المخاوف بشأن التوصل لهدنة وإطلاق سراح الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة.
ومع إطلاق المقاومة الفلسطينية عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، شنت إسرائيل عدوانا مدمرا على قطاع غزة أدى حتى الحين لاستشهاد نحو 34 ألف فلسطيني معظمهم من النساء والأطفال.
وطيلة الأشهر الماضية، أدت قطر دورا محوريا في المفاوضات غير المباشرة بين الطرفين إلى جانب الولايات المتحدة ومصر.
وقد نجحت قطر في انتزاع هدنة لأسبوع في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني، أتاحت إطلاق سراح 81 محتجزا إسرائيليا لدى المقاومة في غزة، مقابل تحرير نحو 280 أسيرا فلسطينيا من السجون الإسرائيلية.
غير أن كل المساعي لإحلال هدنة ثانية فشلت منذ ذلك الحين. وإزاء الانتقادات الصادرة بصورة خاصة عن إسرائيل، أعلن رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني -الأربعاء- أن الدوحة “تقوم بعملية تقييم شامل لدور” الوساطة الذي تقوم به.
رفضت قطر مرارا انتقادات إسرائيلية ولا سيما من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
كما استنكرت السفارة القطرية في واشنطن -الثلاثاء- تصريحات للنائب الديمقراطي الأميركي ستيني هوير دعا فيها الولايات المتحدة إلى مراجعة علاقاتها مع قطر.
وفي تصريحاته، انتقد ستيني هوير عدم ممارسة ضغوط كافية على حماس للتوصل إلى إطلاق سراح الرهائن.
وفي المقابل، ندد الشيخ محمد بـ”استغلال وإساءة مرفوضة” وبـ”مزايدات سياسية من بعض السياسيين من أجل حملاتهم الانتخابية من خلال الإساءة لدور قطر”، مؤكدا أن قطر “ستأخذ القرار المناسب في الوقت المناسب” بشأن مواصلة جهود الوساطة أو وقفها.
الباحث في معهد الشرق الأوسط في جامعة سنغافورة الوطنية جيمس دورسي، يرى أن قطر تسعى من موقفها “للردّ” على الانتقادات ولا “تنوي جديا التخلي عن دورها كوسيط”، وهو دور يعتبر “من الركائز الأساسية لسياسة القوة الناعمة التي يعتمدها البلد”.
وقال إن قطر أرادت أن تستهدف بصورة رئيسية “إسرائيل وبنيامين نتنياهو وأنصاره في الكونغرس الأميركي” لكنها أرادت أيضا “الضغط على إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لحضها على الدفاع عن قطر”.
أما خبير شؤون الشرق الأوسط في كلية كينغز كولدج في لندن أندرياس كريغ، فلفت إلى أن الدوحة لعبت “دورا حاسما” لانتزاع الهدنة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وهي “مستاءة لعدم اعتراف الجميع وخصوصا إسرائيل بذلك”.
غير أنه من المستبعد برأيه أن “تنسحب من جهود الوساطة” بعدما “استأثرت بالعلاقة” مع حماس، وقال إن قطر “لا غنى عنها” في جهود الوساطة.
وقد باتت قطر قناة التواصل الرئيسية مع حماس التي تقيم مكتبها السياسي في الدوحة منذ 2012.
وفي المقابل، يرى دورسي أنه “إن انسحبت قطر من المحادثات، فستخضع لمزيد من الضغوط لطرد حماس من أراضيها”.
وتساءل الخبير في حال انتقال المكتب السياسي إلى إيران: “إلى من سيتوجه الأميركيون والإسرائيليون للوصول إلى حماس؟”.
ورأى أن تركيا التي يزورها في نهاية الأسبوع رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية قد تؤدي أيضا دور وساطة.
تتبادل إسرائيل وحماس الاتهامات بإحباط اقتراح طرحه الوسطاء ينص على هدنة لـ6 أسابيع وعلى إطلاق سراح 42 رهينة إسرائيلية في مقابل إطلاق سراح من 800 إلى 900 فلسطيني في السجون الإسرائيلية.
وتطالب حماس بوقف نهائي لإطلاق النار وسحب إسرائيل قواتها من كل أنحاء قطاع غزة والسماح بعودة النازحين وزيادة تدفق المساعدات.
واتهم جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلي (الموساد) حماس بأنها “لا تريد اتفاقا إنسانيا ولا عودة الرهائن”.