“يُعد الاهتمام بتعزيز المناعة أمرا بالغا الأهمية للبقاء والرفاهية، فهو مؤشر على مدى قدرة الجسم على الدفاع عن نفسه ضد الجراثيم والفيروسات وغيرها من الأضرار الصحية”، كما تقول اختصاصية التغذية ومدربة التعافي من السرطان بام هارتنت لموقع “إيتنيغ ويل”.
وأوضحت أنه كما يمكن لعادات معينة أن تهدد نظام المناعة وتؤدي إلى اختلاله بعد أن كان يعمل بشكل جيد، يمكن أيضا لعدة عوامل ونمط حياة -مثل تغذية الجسم بشكل طبيعي- أن تدعمه وتُبعد المرض عنه، فيما يشبه تكوين جيش مدرب جيدا وجاهز لحماية صحتنا.
وإليك 5 أشياء قد يعتقد معظمنا أنها قد تكون ضارة بالصحة، لكن الخبراء يقولون إنها أكثر دعما للمناعة مما نتوقع.
تناول الكثير من الفاكهة
كثيرون يتجاهلون محتوى الفاكهة من الألياف ومضادات الأكسدة والفيتامينات والمعادن الأساسية، ويتعاملون معها بحذر، خوفا من محتواها من السكر، رغم أن الفاكهة هي “حلوى الطبيعة” التي تُعد مصدرا للسكريات الطبيعية. كما أن أليافها -على سبيل المثال- هي صديقة الصحة المناعية التي تدعم الميكروبيوم الصحي للأمعاء، “حيث يوجد 80% من جهازنا المناعي في أمعائنا”، كما تقول اختصاصية التغذية المعتمدة، كورتني كو.
ووفقا للأبحاث، فإننا عندما نأكل الفواكه الغنية بالألياف مثل البطيخ أو المانجو أو التفاح، “يتم تكسير أليافها أو تخميرها في القولون بواسطة بكتيريا الأمعاء، لإنتاج أحماض دهنية قصيرة السلسلة تعمل على تقليل الالتهاب وزيادة بكتيريا الأمعاء وتنوعها”، علما بأن بكتيريا الأمعاء “الأقل تنوعا”، ترتبط بزيادة خطر الإصابة بالأمراض.
كما تُشير الأبحاث إلى أن الفواكه (وكذلك الخضار) لها فوائد وقائية ضد الأمراض المزمنة المهددة لنظام المناعة، بفضل ثروتها من العناصر الغذائية، ولكونها من أهم المصادر الطبيعية لمضادات الأكسدة، “التي تساعد على تقليل الإجهاد التأكسدي والالتهابات التي قد تؤثر سلبا على المناعة”.
لكن كورتني كو تنصح المصابين بداء السكري بمراجعة الطبيب أو اختصاصي التغذية، لمعرفة كيفية تناول الفاكهة بأمان، بما يضمن الحفاظ على توازن نسبة السكر في الدم ومراقبة نظام المناعة.
قلل من المكملات الغذائية
يُنظر إلى المكملات الغذائية كأنها عصا سحرية لدعم المناعة، فمجرد ظهور أقل علامة على التهاب الحلق، يستدعي المسارعة لتناول مكملات فيتامين “سي”.
لكن الدكتور راج داسغوبتا، أستاذ مساعد الطب السريري بجامعة جنوب كاليفورنيا، يقول “إن البعض يعتمد على تعزيزات المناعة الفورية، ويثق كثيرا في المكملات الغذائية، ويهمل الحفاظ على نمط حياة صحي ومستدام بشكل عام”، والحقيقة هي أن بعض المكملات الغذائية، أو ما يسمى بمعززات المناعة، “ليست مفيدة للمناعة”.
وتقول اختصاصية التغذية المعتمدة، سارة هورماتشيا “في الواقع، تعتبر الجرعات الكبيرة من المكملات الغذائية مثل فيتامين سي أو الزنك، مضيعة للمال، ولا يوجد دليل قاطع على أنها تمنع نزلات البرد والإنفلونزا”.
أضافت أنه بالنسبة لمعظم البالغين “لا يحتاج نمط الأكل الصحي والمتوازن إلى مكملات إضافية، فهو داعم لصحة المناعة على المدى الطويل”، دون استبعاد الحاجة لبعض المكملات الغذائية أحيانا، لتكون داعما للنظام الغذائي الصحي إذا لزم الأمر.
كما وجدت دراسة نُشرت عام 2015، أن الآثار الضارة لهذه المنتجات كانت مسؤولة عن حوالي 23 ألف زيارة لقسم الطوارئ سنويا، في الولايات المتحدة وحدها.
اخرج وتعرض للشمس والبرد
رغم أن الأشعة فوق البنفسجية الزائدة الناتجة عن ضوء الشمس قد ترتبط بأشكال مختلفة من السرطان، “لكن البقاء في الظل يمكن أن يسرق فرصنا في الحصول على مناعة أكبر”، وفقا لبحث نشرته مجلة الكيمياء الحيوية عام 2021، حول فوائد فيتامين “دي” عند التعرض الآمن لأشعة الشمس.
ولأن الاعتماد المتزايد على الأجهزة غالبا ما يُبقينا في الداخل، تقول كورتني كو “إن قضاء الوقت في الخارج، حتى في البرد، يساعد على تعزيز إنتاج فيتامين دي”، الذي يعد نقصه مصدر خطر على الصحة العامة في جميع أنحاء العالم، “فهو يساعد على تأهيل جهازنا المناعي لمحاربة الفيروسات والبكتيريا”.
وتوصي بالجمع بين الهواء النقي والنشاط البدني، للتعرض للميكروبات المفيدة في الطبيعة لدعم صحة الأمعاء والمناعة، مشيرة إلى أن إحدى الدراسات حددت الوقت الآمن للتعرض للشمس، “بين 5 و30 دقيقة في الأيام المشمسة”.
وعلى المنوال نفسه، قد تتسبب درجات الحرارة المنخفضة في الإصابة بالمرض، لكن الأنشطة الخارجية في الطقس البارد، والغطس في الماء البارد أو الاستحمام به، “يمكن أن يعزز وظيفة المناعة عن طريق خفض الالتهاب، وزيادة إنتاج خلايا مناعية معينة”، كما تقول ألينا هاتشينسون، اختصاصية التغذية المعتمدة بإحدى شركات التكنولوجيا الحيوية.
أيضا، بعد مراجعة مئات الدراسات، خلصت مجموعة من الباحثين الكنديين إلى أنه “لا داعي للقلق بشأن التعرض للبرد المعتدل، فليس له أي تأثير ضار على جهاز المناعة البشري”، وفقا لموقع “هارفارد هيلث”.
تناول البروتينات الحيوانية
رغم ما قد يُثيره شيوع الأنظمة الغذائية النباتية على نطاق واسع، من تشكيك في البروتينات الحيوانية مثل البيض واللحوم والأسماك، حتى أصبح كثيرون يعتقدون أن اللحوم الحمراء والبيض ضارة بصحتهم، تقول كورتني كو “عندما يتعلق الأمر بجهاز المناعة، فإن البروتينات الحيوانية ليست جيدة فحسب، بل إنها ذات قيمة كبيرة للغاية”.
فهي تحتوي على أحماض أمينية أساسية يستخدمها الجسم لصنع بروتينات معينة يحتاجها الجهاز المناعي، بالإضافة إلى غناها بعناصر غذائية مهمة، مثل الزنك والحديد وفيتامين “إيه” و”بي”، وأحماض أوميغا 3 الدهنية، و”قد يتسبب نقصها في زيادة خطر الإصابة بالعدوى”، وفقا للأبحاث.
كما تساعد الأطعمة الغنية بالبروتين الحيواني في “الحفاظ على توازن نسبة السكر في الدم، مما يدعم الهرمونات وعمل الأمعاء، ويُحسن الاستجابة للتوتر، وبالتالي جهاز المناعة”، بحسب كو.
حافظ على الأجواء الاجتماعية
قد نتجنب أحيانا الالتقاء بالأشخاص الذين نحبهم، خوفا من العدوى بفيروس ما، لكن الوحدة قد تسبب المزيد من التوتر وتسهم في سلوكيات صحية سيئة مثل التدخين أو نقص التغذية الجيدة، وهو ما يرتبط بكبت المناعة وضعف الاستجابة المناعية، أو ما يُطلق عليه “متلازمة الاستقلاب المناعي”، التي تعبر عن مجموعة الأمراض التي يمكن أن يسببها الشعور بالوحدة، وفقا لبحث نشرته المجلة الدولية للبحوث البيئية والصحة العامة عام 2021.
في المقابل، وجدت إحدى الدراسات أن “المزيد من المشاركة الاجتماعية، يرتبط بانخفاض عدد خلايا الدم البيضاء، التي ينتجها الجسم بكثرة كإشارة على المرض”، أما العزلة الاجتماعية “فقد تؤدي إلى تعزيز الالتهاب”.