بكين- عشرات الطائرات والسفن الحربية التابعة لجيش التحرير الشعبي الصيني (الجيش الوطني الصيني) تواصل إجراء تدريبات عسكرية، بدأتها أمس السبت وتستمر 3 أيام في محيط جزيرة تايوان التي تعدّها بكين أرضا تابعة لها، وتسعى لإعادة ضمها للبر الرئيسي الصيني.
على الجانب الآخر، قالت وزارة الدفاع التايوانية إنها تراقب الوضع وسترد ردا مناسبا للدفاع عن أمن الجزيرة.
وحسب الميدان الشرقي -وهو واحد من بين 5 ميادين عسكرية صينية- فإن المناورات العسكرية التي أطلق عليها اسم “السيف المتحد” بهدف “الاستعداد القتالي” ترسل “تحذيرا شديدا” لمن سماهم الانفصاليين التايوانيين بسبب “تواطؤهم مع قوى خارجية”.
وانطلقت المناورات بعد يوم من زيارة الرئيسة التايوانية تساي إنغ ون للولايات المتحدة، ولقائها رئيس مجلس النواب الأميركي كيفن مكارثي.
وقالت وزارة الدفاع التايوانية -في بيان- إن الصين تستخدم زيارة تساي للولايات المتحدة “ذريعة لإجراء مناورات عسكرية، مما ألحق ضررا خطيرا بالسلام والاستقرار والأمن في المنطقة”.
كما نشرت وزارة الخارجية التايوانية تغريدة قالت فيها إن “شعب تايوان لن ينحني أبدا لاستفزازات جمهورية الصين الشعبية.. ولن نتوقف عن تكوين صداقات، ولن يتوقف أصدقاؤنا عن دعمنا”.
توترات في المضيق
أعلنت إدارة السلامة البحرية في فوجيان (إحدى مقاطعات الصين الساحلية وتقع على مضيق تايوان في جنوب شرقي الصين)، على صفحتها بموقع “ويبو” (Weibo) الشبيه بتويتر، أنها ستبدأ “عملية دورية وتفتيش مشتركة خاصة” مدتها 3 أيام في الأجزاء الوسطى والجنوبية من مضيق تايوان، بمشاركة سفينة خفر السواحل الصينية “هايشون 06” (Haixun 06).
وقد دفع ذلك مكتب الملاحة البحرية والموانئ في تايوان إلى التنديد بإعلان الصين، وقال في بيان له إنه أبلغ أطقم السفن بضرورة رفض الطلبات الصينية بتفتيش السفن، وإخطار إدارة خفر السواحل التايوانية بالحماية ومعالجة الأمر.
ويرى جوزيف وو، وهو نائب مدير معهد العلاقات الدولية في جامعة تشنغتشي الوطنية في تايوان، أن تصاعد التوترات في المضيق قد يجذب العديد من البلدان إلى الصراع بوصف المنطقة أخطر نقطة اشتعال في العالم بأسره. وأضاف لمجلة “فرونت لاين” (FRONTLINE) أن مضيق تايوان قناة اتصال بحرية مهمة للغاية لا يمكن أن تغلق، وذلك سيدفع العديد من الدول، خصوصا الولايات المتحدة واليابان، إلى الانخراط في القتال.
تسليح متبادل
وتتهم الصين الولايات المتحدة بأنها لم تلتزم بتعهداتها الخاصة بشأن خفض مبيعات الأسلحة لتايوان، وتواصل بكين تعزيز التدابير الدفاعية التي تتخذها في أراضي البر الرئيسي المقابلة لتايوان، بدواعي الأمن القومي وحماية أراضيها.
لكن تايوان ترى في هذه التدابير الدفاعية تهديدا لأمنها، وتواصل محاولات بناء ترسانة عسكرية متطورة.
ونقلت صحيفة “ليبيرتي تايمز” (Liberty times) التايوانية عن مصدر عسكري قوله إن تايبيه واصلت العام الماضي محاولاتها لإقناع الولايات المتحدة بتعديل شحنات الأسلحة، على أمل الحصول على أكثر من نصف صواريخ هاربون المشتراة في غضون 3 سنوات والصواريخ المتبقية قبل نهاية عام 2029.
وأوضح المصدر العسكري أن خطورة الوضع الأمني تحتم على تايوان الحصول على مزيد من الصواريخ المضادة للسفن في مدة زمنية أقصر من أجل مواجهة الجيش الصيني بشكل فعال.
ويرى تينغ هونغ الخبير في الشؤون العسكرية أن تلويح الصين باستخدام القوة لإعادة توحيد تايوان يهدف لدعم الحل السلمي، والضغط باتجاه تنازل من الجانب التايواني لتجنب الصراع. لكنه أضاف للجزيرة نت أن تمسك سلطات تايوان بالاستقلال سيدفع الجانب الصيني إلى اتخاذ خطوات حاسمة لتسوية المسألة بشكل نهائي.
سيناريوهات إعادة التوحيد
تصريح الرئيس الصيني شي جين بينغ لرئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين خلال زيارتها بكين بأن “أي شخص يعتقد أن الصين ستقدم تنازلات بشأن تايوان واهم” يعطي تصورا حول مستقبل الجزيرة التي تتمتع بحكم ذاتي بعد فشل إعادة توحيدها مع بقية أراضي الصين منذ نهاية الحرب الأهلية الصينية عام 1949.
ويقدم مركز الرؤى التخصصية العالمي في هارتفورد (The Hartford’s Global Specialty Insights Center) الأميركي 3 سيناريوهات محتملة لكيفية إعادة توحيد الصين مع تايوان:
- الغزو المباشر: في هذا السيناريو يمكن للقوات البرية أن تهبط في تايوان، وذلك يؤدي إلى إزالة الحكومة. وإذا تحركت الولايات المتحدة وغيرها للدفاع عن تايوان، فقد يطول القتال ويقود إلى أضرار جانبية.
- الحصار البحري: سلطت التدريبات بعد زيارة نانسي بيلوسي الضوء على إمكانية تطويق الصين لتايوان ومنع التجارة، وقد يؤثر ذلك أيضا على حركة البضائع الأخرى التي تعبر مضيق تايوان، ومن المحتمل أن تكون المخاوف بشأن الحصار قد أدت إلى قيام الولايات المتحدة أخيرًا بنشر سفنها البحرية الخاصة بها في المضيق.
- تغيير السياسة التايوانية: يمكن للصين تشجيع التغيير السياسي في الجزيرة من خلال سنّ قوانين جديدة في الصين تؤثر على الجزيرة، وتساعد في إحداث تغيير سياسي على غرار ما فعلته في هونغ كونغ، ولربما يساعد هذا السيناريو في تخفيف العقوبات المحتملة من الولايات المتحدة وغيرها.