حذرت مجلة “فورين بوليسي” (Foreign Policy) الأميركية من عواقب استخدام الذكاء الاصطناعي في الحروب، ومن سباق التسلح التكنولوجي الذي ليس له قواعد وقليل من حواجز الأمان.
وفي تقرير، قال مايكل هيرش وهو كاتب عمود بالمجلة إن الجدل المثار حول الذكاء الاصطناعي يركز في معظمه على ما إذا كان خطر الانقراض الذي يهدد الوظائف الإدارية شبيها بما واجهته الطبقة العاملة ذات مرة مع الروبوتات.
ورغم أنه من المحتمل أن يكون الذكاء الاصطناعي قادرا على محاكاة كثير من الأعمال التي يقوم بها المحامون والمحاسبون والمعلمون والمبرمجون وحتى الصحفيون، فإن تلك ليست المجالات التي يمكن أن تحدث فيها الثورة الأهم، وفق المقال.
ويؤكد الكاتب أن الذكاء الاصطناعي يبشر بإحداث تغيير كامل في الدور الذي تلعبه الجغرافيا السياسية في الحروب والردع عبر استخدام ما يُعرف باسم “المحولات التوليدية المدربة مسبقا [جي بي تي] (GPT)”.
فمن ناحية، تستطيع هذه التكنولوجيا أن تجعل الحرب أقل فتكا وربما تعزز الردع، كما يمكنها إنقاذ الأرواح البشرية من خلال توسيع دور الطائرات المسيرة والموجهة بالذكاء الاصطناعي في القوات الجوية والبحرية والجيوش.
وطبقا لتقرير فورين بوليسي، تقوم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) بتجربة روبوتات الذكاء الاصطناعي التي يمكنها قيادة طائرة مقاتلة معدلة من طراز “إف-16” (F-16)، في وقت تختبر فيه روسيا مركبات ذاتية القيادة شبيهة بالدبابات، في حين تسارع الصين الخطى لطرح أنظمة خاصة بها تعمل بالذكاء الاصطناعي.
وينقل التقرير عن كبير المستشارين في مبادرة التهديد النووي دوغلاس شو القول “يمكنني بسهولة أن أتخيل مستقبلا يفوق فيه عدد الطائرات بدون طيار عدد الأفراد في القوات المسلحة إلى حد كبير”.
ومن ناحية أخرى، بحسب تقرير المجلة الأميركية، يمكن للبرامج التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي أن تقود القوى الكبرى إلى تقليص فترة اتخاذ القرار إلى دقائق بدلا من ساعات أو أيام.
على أن الخطر -برأي هربرت لين من جامعة ستانفورد- يكمن في أن صانعي القرار قد يعتمدون تدريجيا على الذكاء الاصطناعي الجديد كجزء من القيادة والسيطرة على الأسلحة، نظرا لأنها تعمل بسرعات أكبر بكثير مما يستطيع البشر القيام به.
وفي تقرير نُشر في أوائل فبراير/شباط الماضي، قالت رابطة الحد من الأسلحة -وهي منظمة أميركية غير حزبية- إن الذكاء الاصطناعي وغيره من التقنيات الجديدة، مثل الصواريخ التي تفوق سرعة الصوت، يمكن أن تؤدي إلى طمس التمييز بين الهجوم التقليدي والنووي.
ويشير تقرير الرابطة إلى أن استغلال التكنولوجيا يحدث بوتيرة أسرع بكثير من الجهود المبذولة لتقييم المخاطر التي تشكلها ووضع قيود على استخدامها، مشيرة إلى أن من الضروري في هذه الحالة إبطاء وتيرة تسليح هذه التقنيات، وموازنة المخاطر بعناية عند القيام بذلك، واعتماد قيود ذات مغزى على استخدامها العسكري.
ويزعم المسؤولون الأميركيون أنهم يفعلون ذلك، “لكنهم ربما يمضون إلى منحدر زلق”، في إشارة إلى خطورة هذا الوضع.
ونقلت فورين بوليسي في تقريرها عن الجنرال جاك شاناهان، المدير السابق لمركز الذكاء الاصطناعي المشترك في البنتاغون، قوله إن الولايات المتحدة ستستخدم الذكاء الاصطناعي في أنظمة أسلحتها “لمنحنا ميزة تنافسية ولإنقاذ الأرواح والمساعدة في ردع الحرب من الحدوث في المقام الأول”.
ويبقى السؤال، برأي الكاتب هيرش، هو ما إذا كان الصينيون والروس، وأطراف ثالثة أخرى، سوف يتبعون القواعد نفسها التي قالت واشنطن إنها تنتهجها .