قال الدكتور كاميرون هادسون، المبعوث الخاص للرئيس الأميركي السابق باراك أوباما إلى السودان، مسؤول شؤون أفريقيا السابق في مجلس الأمن القومي الأميركي، إن هناك حالة تشكك كبيرة في التزام طرفي الصراع في السودان بالهدنة المؤقتة، مشددا على ضرورة تقييم المشهد كل ساعة لمعرفة مدى جديتهما.

وأوضح -في حديثه لبرنامج “ما وراء الخبر” (2023/4/18)- أن هناك خشية كبيرة من أن يتوقف الطرفان عن المواجهة فقط لفترة تسمح للفرق الدبلوماسية بمغادرة بلاد حتى لا تكون في مرمى النار، متسائلا عما يمكن أن يحدث بعد ذلك في ظل عدم وجود مراقبين وترك المدنيين في دائرة العنف وحدهم.

 

يأتي ذلك على خلفية دخول هدنة إنسانية في السودان حيز التنفيذ مساء الثلاثاء، بعد إعلان الجيش والدعم السريع الموافقة عليها لمدة 24 ساعة، في وقت رصد فيه مراسل الجزيرة تحليقا للطيران الحربي في سماء الخرطوم ورد المضادات الأرضية عليه، بعيد بداية الهدنة.

وتم التوصل للهدنة بعد اتصال وزير الخارجية الأميركي، بقائد الجيش عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، ومطالبتهما بهدنة إنسانية.

وأشار هادسون -في حديثه لما وراء الخبر- إلى أن رسالة واشنطن تقوم على تحميل الطرفين مسؤولية ما يجري من أحداث، بغض الطرف عمن بدأها، لافتا إلى وجود تقارير تشير إلى أن قوات الدعم “تعمل بطريقة غير منضبطة”، وربما تستهدف فرقا دبلوماسية، ومن ذلك إطلاق النار تجاه مركبة أميركية تابعة للسفارة أمس.

وشدد كذلك على ضرورة عدم إعطاء مصداقية ومشروعية للطرفين كي يتسنى محاسبتهما على ما قاما به، وأن تصلهما رسالة واضحة أنه لا يمكن لأي منهما أن يلعب دورا مستقبليا في السودان، فهما -بحسب تقديره- ليسا مهتمين بحياة المدنيين ولا بالبنى التحتية في البلاد.

 

وأبدى خشيته من أن مغادرة الدبلوماسيين للخرطوم ستضعف أي رسالة يتم إرسالها من العواصم الدولية لضبط النفس، حيث سيُترَك المدنيون وحدهم في مدينة تعيش حربا بين فصيلين متقاتلين، مشددا على ضرورة أن تصل رسالة واضحة للطرفين بشأن مسؤوليتهما عن تبعات تصرفاتهم، فالمُساءلة ربما لن تأتي غدا لكن المحاكمة حتمية، بحسب قوله.

كما اتهم طرفي الصراع بعدم الجدية بشأن تسليم السلطة للمدنيين وإن صرحا بغير بذلك، وقال إن هدف كل منهما كسب الوقت من أجل مصالحهما الشخصية، “فكل منها اختار مسار الحرب لفرض ما يراه كأمر واقع”.

تصريحات متضاربة

بدوره، قال الرشيد المعتصم، الباحث في مركز الخرطوم للحوار والدراسات الإستراتيجية، إنه لم تعد هناك صلة للقواعد المحسوبة على قوات الدعم السريع والمنتشرة في الأحياء المدنية بقياداتها، معتبرا إياها مجموعات تبحث عن المؤونة والنجاة الشخصية.

وأشار في حديثه لما وراء الخبر، إلى أن الجيش وافق على الهدنة من منطلق إنساني لانتشار الجثث في بعض المناطق، وتعرض مناطق حيوية -ومنها منشآت صحية- للاعتداء من قبل قوات الدعم السريع.

وقال إن تجاوزات قوات الدعم السريع يعلمها المواطنون قبل الجيش، ويقومون بتصويرها ونشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لافتا إلى وجود عمليات تحشيد كبير من قبل قوات الدعم من الناحية الغربية، ومن ناحية دارفور، وهي تتحرك باتجاه العاصمة.

 

ويرى المعتصم أن قوات الدعم السريع تسعى لإيجاد وضعية في الإعلام وعبر التواصل مع الخارج تسمح لها بالاستقرار، لكن الجيش يعتبر في عرفه ما يحدث معركة وجود للدولة المركزية، فقوات الدعم ليست كيانا سياسيا وإنما هي فصيل عسكري متمرد، والجيش لن يقبل بذلك تحت أي تصور.

في المقابل، يرى المحلل السياسي السوداني والباحث في العلاقات الدولية حافظ كبير، أن الحديث عن انفصال بين أفراد قوات الدعم السريع وقيادته أمر تكذبه حقائق موضوعية في الواقع، كما أن قيادتها لها اتصال قوي بالمجتمع الدولي ظهر بشكل جلي في التفاعلات الأخيرة.

وقال إن الدعم السريع يسعى قدر الإمكان للالتزام بالهدنة، وفي حقيقة الأمر، خرق الهدنة بدأ بتحليق طيران الجيش، وهو ما يؤشر -بحسب تقديره- إلى نية مبيتة بعدم الالتزام، أو انفصال للقوات عما تريده القيادة.

واعتبر تحميل قوات الدعم مسؤولية سقوط ضحايا من المدنيين لتواجد قواتها في أحياء مدنية، في غير محله، لأن هذا التواجد أسس له الجيش بإقامته منشآت عسكرية داخل المدن وبين الأحياء السكنية، فليس من المنطق إلقاء اللائمة على قوات الدعم بعد ذلك.

ويرى أن هناك فوبيا لدى المجموعات المؤيدة للمكون العسكري من وساطة الخارج وعداء لأي دور دولي، ذاهبا إلى أن ذلك موروث من النظام السابق وأجندته وعناصره التي لا تزال موجودة، بحسب تقديره، مضيفا “الجيش يريد الانفراد بالمؤسسة الأمنية والعسكرية والسيطرة بشكل كامل على عملية إصلاحهما”.

 
المصدر : الجزيرة

About Post Author