صعدت عقود الذهب الآجلة والفورية منذ مطلع أبريل/نيسان الجاري فوق ألفي دولار للأونصة لأول مرة منذ أغسطس/آب 2020، وسط ارتفاع حدة المخاطر الاقتصادية العالمية.
وبلغ سعر أونصة الذهب خلال وقت سابق الشهر الجاري 2024 دولارا، قرب القمة التاريخية المسجلة في أغسطس/آب 2020، البالغة حينها 2073 دولارا.
والذهب مخزن للقيمة، ويستخدم أداة للتحوط من التضخم وملاذا آمنا في أوقات الأزمات الجيوسياسية والاضطرابات الاقتصادية والمالية.
ولا يُدِرّ الذهب أي دخل من الفوائد، لكنه يحافظ قدر الإمكان على قيمة النقد في حالة وجود مخاطر قد تؤثر على العملات؛ كما أن الاحتفاظ بالمعدن الأصفر يكلف مالا، إذ يكون التخزين والتأمين من بين تكاليف حيازة الذهب.
وتاريخيا، يعتبر الذهب أفضل أصول الملاذ الآمن لأسباب مرتبطة بالندرة وشح المعروض على عكس العملات التي يمكن طباعتها في أي وقت.
وأصبح الذهب رفيقا للأزمات العالمية، ويستمد طاقته منها، بفضل ارتفاع الطلب عليه في حالات عدم اليقين السياسي والاقتصادي وحتى الصحي، كما حدث في أول شهور جائحة كورونا.
كما تحول الذهب إلى أحد أهم الأصول الاحتياطية للبنوك المركزية حول العالم، بإجمالي احتياطات تبلغ 35.5 ألف طن، بصدارة أميركية تتجاوز 8133 طنا.
وفي الوقت الذي تملك فيه الولايات المتحدة هذه الاحتياطات من الذهب، فإن احتياطاتها من النقد يبلغ تقريبا صفر، بحسب بيانات الفيدرالي الأميركي، بسبب قدرة الفيدرالي على طباعة الدولار من دون سقف.
وبينما بالإمكان تغيير قوة العملات كافة حول العالم من جانب البنوك المركزية، إلا أن أسعار الذهب يحددها العرض والطلب فقط، ولا توجد أي عوامل أخرى بيد أي دولة تحدد فيها سعر الذهب.
وعلى مستوى الدول وحتى الأفراد، يتحول الذهب إلى ملاذ آمن في حالة وجود أي مخاطر، وأحدثها الأزمة المصرفية الأميركية منذ مارس/آذار الماضي.
والأزمة التي واجهت بنوكا وأربكت الاقتصاد العالمي حتى اليوم، والتي تهدد باحتمال انهيار بنك “فيرست ريبابليك” (First Republic) دفعت بأسعار أوقية الذهب فوق 2024 دولارا.
ومرد ذلك إلى أن الذهب هو أول شكل من أشكال العملات بالعالم، والخصائص المادية له تعني أنه مخزن للقيمة، فهو متاح للتداول، ولكنه محدود العرض أي نادر.
وعلى عكس بعض المعادن الأخرى حول العالم كالفضة والبلاتين والنحاس، الذهب غير قابل للتآكل، ويتحرك في الاتجاه المعاكس للدولار.
فارتفاع قيمة العملة الأميركية عند رفع أسعار الفائدة على سبيل المثال، يدفع عقود الذهب لأن تحتاج إلى دولارات أقل لشراء أونصة، فأسعار الفائدة لها علاقة عكسية بالذهب، كما جرى مع رحلة رفع أسعار الفائدة منذ مارس/آذار 2022.
وبينما ارتفعت حدة التوقعات اليوم بإبقاء الفدرالي الأميركي (البنك المركزي الأميركي) على أسعار الفائدة، أو إبطاء الزيادات الحادة، فإن ذلك يضيف قوة للذهب، إذ يُتداول اليوم الجمعة عند متوسط 1995 دولارا للأونصة.
والذهب أيضا وسيلة تحوط جيدة ضد مخاطر التضخم، فارتفاع تكلفة السلع يميل لتآكل قيمة الدولار، ومن ثمّ يتفاعل السعر مع أرقام التضخم؛ وعادة، ترتفع قيمة الذهب عندما تزداد تكلفة المعيشة.
كذلك، تؤثر العوامل الجيوسياسية المسببة للأزمات على أسعار الذهب بشكل إيجابي، لأن الذهب يعمل كملاذ آمن ويتفوق في أدائه على فئات الأصول الأخرى.