جبهات معارضة في انتظاره.. هل أخمد العدوان على غزة نار الاحتجاجات ضد نتنياهو؟
القدس المحتلة- أظهر استطلاع للرأي أجرته صحيفة “معاريف” الإسرائيلية ارتفاع شعبية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحزبه الليكود في أعقاب العدوان على قطاع غزة، الذي يقّدر المحللون أنه جاء للبحث عن طوق نجاة لنتنياهو في ظل اتساع المظاهرات والاحتجاجات المتواصلة منذ أسابيع ضد حكومته.
وأتى هذا الارتفاع في شعبية نتنياهو وحزبه مع تواصل العدوان واغتيال قيادات من سرايا القدس (الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي)، ورغم الخلافات بين السياسيين والعسكريين الإسرائيليين في تقدير استمرار المعركة.
حسب الاستطلاع الذي عرضته القناة N12 الليلة الماضية واشرف على اعداده الاعلامي اليميني المقرب جداً من نتنياهو (عميت سيجال) صاحب سلسل تقارير (ايام بنيامين)
فإن 54% من الإسرائيليين يؤيدون استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة …
بينما اعطى 61% من المستطلعين الإسرائيليين علامة جيد… pic.twitter.com/bpChpj9SHu— سعيد بشارات Saaed Bsharat (@saaed_bsharat) May 13, 2023
وتعالت الأصوات في الخارطة السياسية الإسرائيلية، خاصة في معسكر المعارضة التي طالبت بوقف التصعيد العسكري ضد قطاع غزة، بعد اتهام نتنياهو باستغلاله لأهداف سياسية أكثر منها أمنية أو عسكرية.
وتعزّزت هذه الأصوات مع إعلان المستوى العسكري الإسرائيلي بعد يومين من التصعيد أنه أوصى بإنهاء العملية العسكرية خوفا من الانجرار لمواجهة شاملة قد تؤدي إلى اندلاع حرب على عدة جبهات.
ويزيد السجال في أوساط الإسرائيليين مع تعالي الأصوات التي تقول إن “نتنياهو بادر لهذه العملية العسكرية ليخمد الاحتجاجات الشعبية ضد سياسته وضد خطة الإصلاحات القضائية”.
وقبيل التصعيد على جبهة غزة، أظهرت استطلاعات الرأي تصاعد قوة أحزاب المعارضة ونجاح رئيس المعسكر القومي بيني غانتس في مضاعفة قوته مقابل تراجع شعبية نتنياهو وحزبه، وتراجع القوة البرلمانية لأحزاب الائتلاف الحكومي، واستحالة تشكيلها الحكومة في حال أجريت انتخابات جديدة، وهو ما يؤيد فرضية ذهاب نتنياهو للتصعيد العسكري بغرض إنقاذ حكومته.
شعبية مرتبطة بالتصعيد
يقول محلل الشؤون السياسية والحزبية محمد مجادلة إن الخارطة السياسية في إسرائيل تتأثر بالعمليات العسكرية والحروب؛ فمن يقود جولات التصعيد ترتفع شعبيته، وقد بات ذلك أمرا اعتياديا في المشهد الإسرائيلي.
وأوضح مجادلة في حديثه للجزيرة نت أن نتنياهو أخذ في الحسبان أن هناك فائدة سياسية له ولحزبه الليكود على وجه التحديد من العدوان على غزة، وذلك في ظل الانتقادات لأداء حكومته واتساع دائرة الاحتجاجات ضد خطة التعديلات في الجهاز القضائي التي يقودها وزير القضاء ياريف ليفين.
ويعتقد محلل الشؤون السياسية والحزبية أن نتائج العملية العسكرية ضد غزة سيكون لها تأثير على نتائج على استطلاعات الرأي بالمجتمع الإسرائيلي وعلى قوة الأحزاب، ومن ضمنها شعبية نتنياهو والقوة البرلمانية لحزب الليكود.
وأكد أن العدوان على غزة مهما كانت نتائجه، فإنه لن يمنح نتنياهو صورة انتصار واضحة، خاصة في أول يومين من بدء العلمية العسكرية، لا سيما مع تباين وجهات النظر بين المستويين السياسي والعسكري بشأن الجدوى من استمرار العملية العسكرية.
ما أثر استمرار المعركة على صورة نتنياهو التي كان يحاول تحسينها عبر استهداف قيادات فلسطينية في #غزة؟#الأخبار pic.twitter.com/eJ7NJFPQSR
— قناة الجزيرة (@AJArabic) May 13, 2023
معارضة داخلية وخارجية
ويقول مجادلة إن “رئيس الوزراء سيواجه معارضة على جبهتين: معارضة داخلية في حكومته واتهامه بأنه وافق على شروط فصائل المقاومة ورضخ لها”، إلى جانب “المعارضة التقليدية من قبل الأحزاب خارج الائتلاف التي ستتهمه بفشل إدارة العملية العسكرية، وأنه كان بإمكانه إنهاؤها في أول يومين من دون تكبّد خسائر”.
أما في ما يتعلق بمستقبل المظاهرات الاحتجاجية ضد نتنياهو وأحزاب اليمين بعد انتهاء العدوان على غزة، فيقول مجادلة إن “الإنجاز الطفيف الوحيد الذي حققه نتنياهو هو الحد من الاحتجاجات خلال العملية العسكرية، وذلك لأول مرة منذ 19 أسبوعا”.
لكن مجادلة لا يستبعد أن تعود الاحتجاجات إلى زخمها، بل ربما ستتصاعد إذا أيقنت المعارضة الإسرائيلية أن حكومة نتنياهو ماضية في التشريعات والانقلاب على الجهاز القضائي، وهو ما أعلنته قوى المعارضة فعلا بنيتها استئناف المسيرات حتى قبل انتهاء العدوان على غزة.
الهروب إلى الأمام
ويتفق المتحدث باسم كتلة “السلام الآن” آدم كلير مع طرح مجادلة، ويعتقد أن الاحتجاجات ضد حكومة نتنياهو ستتصاعد مع انتهاء جولة التصعيد، وستكشف عن أن نتنياهو يراوغ ويماطل بالمفاوضات مع الرئيس الإسرائيلي من أجل التوصل إلى تسوية مع المعارضة بشأن “خطة الإصلاح بالجهاز القضائي”.
وشكك كلير -في حديثه للجزيرة نت- في إمكانية أن ينجح نتنياهو في الخروج بصورة انتصار من التصعيد على جبهة غزة، مشيرا إلى أنه لم تكن هناك أي مبررات لهذه العملية العسكرية إلا من أجل تحقيق مكاسب سياسية.
وأوضح أن نتنياهو عمد إلى توظيف العدوان على الفلسطينيين من أجل تحصين حكومته واحتواء الخلافات الداخلية مع حزب “عظمة إسرائيل” برئاسة إيتمار بن غفير، وحزب الصهيونية الدينية برئاسة بتسلئيل سموتريتش، إذ أتت العملية العسكرية من قبل نتنياهو للهروب إلى الأمام ولتفادي تفكك حكومته.
لا تغييرات جوهرية
أما في ما يتعلق برؤية الشارع الإسرائيلي لنتنياهو وحكومته بعد انتهاء جولة التصعيد، يقول كلير إن “التجارب في إسرائيل تؤكد أنه ما إن تنتهي العمليات العسكرية وتضع الحرب أوزارها، حتى تبدأ التناقضات في المشهد السياسي وتطفو على السطح الانتقادات والمعارضة وتوجيه الاتهامات”.
وأشار إلى أن ارتفاع شعبية من يقود العمليات العسكرية على الفلسطينيين أو من يشن حروبا أمر لحظي في المشهد الإسرائيلي ولا يدوم طويلا، خاصة مع نتنياهو وحكومته الحالية.
ويعتقد المتحدث أن التصعيد على غزة لن يحدث تغييرات جوهرية على المستوى الإستراتيجي، وذلك رغم الإجماع الصهيوني والدعم الأولي للحكومة بشن الهجوم العسكري، وذلك بسبب “الخوف والخطر على الأمن القومي الإسرائيلي”، وهي الفزاعة التي يرفعها من يقود أي عملية عسكرية.