على الرغم من الحرب الإسرائيلية التي يشهدها قطاع غزة، فإن شوارع مدينة رفح جنوبي القطاع لا تخلو من بائعي الفوانيس، ابتهاجا بحلول شهر رمضان.
ففي إحدى البسطات الصغيرة، يعرض الشاب الفلسطيني محمد فايز (35 عاما) فوانيسه على حبل صغير بطريقة مبتكرة لجذب انتباه الأطفال.
وتميّزت الفوانيس المعروضة في شوارع مدينة رفح بألوانها الزاهية وتصاميمها المتنوعة، إذ تنبعث منها روح الفرح والاحتفال بحلول شهر رمضان.
ويعتبر الفانوس بأشكاله وألوانه وأحجامه المتنوعة جزءا لا يتجزأ من المظاهر التقليدية في استقبال شهر رمضان المبارك في الثقافة العربية والإسلامية.
ويتوافد الأطفال لشراء الفوانيس المضيئة التي تتميز بقدرتها على ترديد أغانٍ مميزة لشهر رمضان.
أمام البسطة الصغيرة، تحولت المشاهد الحزينة التي خلّفتها الحرب على غزة إلى لوحات فرح، حيث يتوافد السكان للاستمتاع برؤية الفوانيس وسماع الطبل وترديد أغاني رمضان.
وفي مدينة رفح جنوب القطاع، تمسكت الطفلة نسمة بدر (9 سنوات) بفانوس صغير اشترته، فرحة به لتُزيّن خيمتها التي نزحت إليها من مدينة غزة.
وعلى وجه بدر ينعكس الفرح بوضوح بعدما اشترت والدتها الفانوس الذي يردد أغاني رمضان، ويضيء بمزيج من اللونين الأحمر والأصفر.
بينما يرتب فايز بسطته بأناقة، يقول “عملت جاهدا على بيع الفوانيس، إنها مهنة موسمية لا غنى عنها في كل شهر رمضان، فهي تمثل جزءًا لا يتجزأ من تقاليدنا”.
ويضيف “بالرغم من الحرب، نرغب في جلب الفرح للأطفال خلال رمضان، والفانوس يعد رمزا لهذا الشهر الكريم”.
ويتابع “الحرب تسببت في الكثير من المعاناة، فليس لدينا طعام ولا مياه، ونعيش النزوح عن منازلنا ونحزن على فقدان أحبائنا، ولكن ما زلنا نتمنى أن نجلب قليلا من الفرح”.
وأشار إلى أن “هناك إقبالا على الفوانيس في شهر رمضان، خاصة من الأطفال رغم الظروف الصعبة جراء الحرب”.
ويتمنى الشاب الفلسطيني أن تنتهي الحرب وتعود الحياة إلى طبيعتها في قطاع غزة، بالحب والسلام، ويبتعد عن ضجيج الطائرات والغارات الإسرائيلية المستمرة.
ويخشى فايز إقدام إسرائيل على شن عملية عسكرية في مدينة رفح، لا سيما وسط التهديدات المستمرة وفشل الجهود المبذولة للتوصل إلى وقف إطلاق النار.
ومؤخرا، بحث المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية “الكابينت” خطة لإجلاء الفلسطينيين من رفح في إطار الاستعداد لاجتياحها، رغم تحذيرات دولية من أن خطوة كهذه قد تؤدي إلى مجازر بحق مئات آلاف النازحين، الذين لا مكان آخر يذهبون إليه بعدما أُجبروا على النزوح من كافة مناطق القطاع تحت وطأة الحرب المستعرة التي دخلت شهرها السادس.
وجراء الحرب وقيود إسرائيلية، بات سكان غزة، لا سيما محافظتي غزة والشمال، على شفا مجاعة، في ظل شح شديد في إمدادات الغذاء والماء والدواء والوقود، مع نزوح نحو مليوني فلسطيني من سكان القطاع الذي تحاصره إسرائيل منذ 17 عاما.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حربا مدمرة على قطاع غزة خلّفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين، معظمهم أطفال ونساء، فضلا عن كارثة إنسانية غير مسبوقة ودمار هائل بالبنية التحتية، الأمر الذي أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة “الإبادة الجماعية”.