مسودة قانون لتجنيد الحريديم يثير الجدل بإسرائيل
قالت وزارة المالية في إسرائيل إن مسودة القانون الحالي للتجنيد الإجباري لفئة الحريديم (اليهود المتدينين) لن تزيد من مشاركتهم في القوى العاملة، كما أن القانون لن يلبي الاحتياجات الأمنية خلال حالة الحرب الحالية في قطاع غزة، وفق ما ذكرت صحيفة غلوبس الاقتصادية.
وقبل تأجيل جلسة الحكومة المقررة للموافقة على مشروع القانون إلى أجل غير مسمى بسبب الخلافات، نقلت الصحيفة الإسرائيلية عن خطاب للمستشار القانوني بالمالية آسي ميسينغ انتقاده للقانون بشدة.
ومع الخسائر البشرية الكبيرة لإسرائيل في قطاع غزة –والتي يشير إليها قادة جيش الاحتلال- دعا وزير الدفاع يوآف غالانت نهاية الشهر الماضي إلى سن قانون جديد يلغي إعفاءات التجنيد والخدمة العسكرية التي يحظى بها اليهود المتشددون (الحريديم).
ويقول الخبير بالشؤون الإسرائيلية أحمد البهنسي للجزيرة نت -في وقت سابق- إن الأحزاب الدينية في إسرائيل “عالة” على المجتمع الإسرائيلي لأسباب تتعلق برفضها الخدمة العسكرية بداعي التفرغ لدراسة الدين أو الاعتماد على المساعدات المالية من الحكومة بدلا من العمل.
ووفق تصريحات ميسينغ “تنص ديباجة القرار الحكومي المقترح على أن البيانات الاقتصادية لا علاقة لها بالقرار، الذي ليس له أي تأثير على الاقتصاد. لكن هذه القضية لها آثار اقتصادية كبيرة”.
ويضيف -في خطاب نقلته الصحيفة- أن هذا يأتي رغم إسقاط الحكومة البند الذي يعد أكثر إثارة للجدل في مشروع القانون، والذي ينص على رفع سن إعفاء الذكور الدارسين بالمدرسة الدينية من الخدمة العسكرية إلى 35 سنة.
ويقول أيضا إن تلبية الاحتياجات الأمنية من الجنود عن طريق إطالة الخدمة الإلزامية والاحتياطية خلال العقد المقبل من شأنها أن تكلف إسرائيل 104 مليارات شيكل (28.35 مليار دولار) مضيفا أنه من الأجدى اقتصاديًا تخفيف العبء الواقع على الذين يخدمون (بالجيش) عبر زيادة عدد المجندين وهو ما يتسق مع مستهدفات القانون.
وضع التجنيد الحالي للحريديم
- يسمح القانون حاليا من انتسب للتعليم الديني الأرثوذكسي المستقل “الحريدي” لمدة لا تقل عن 4 سنوات بالإعفاء من الخدمة العسكرية الإجبارية عند بلوغه سن 18 سنة.
- يعود قرار إعفاء شباب “الحريديم” من التجنيد الإجباري حال التحاقهم بالمدارس الدينية، إلى تسوية تم التوصل إليها في عهد مؤسس إسرائيل ديفيد بن غوريون، عام 1948، وتم التوسع بشكل متزايد في الإعفاءات، بفضل قرار عام 1977.
- يرفض الحريديم التجنيد في الجيش باعتبار إسرائيل دولة علمانية.
- بلغ عدد الحريديم عام 2022 حوالي مليون و280 ألف نسمة، مقارنة مع 750 ألفا عام 2009، وباتوا الآن يشكلون 13.3% من إجمالي سكان إسرائيل.
لا أهداف واضحة
أما الجانب الآخر من مشروع القانون الذي أثار انتقادات فهو عدم وجود أهداف واضحة لتجنيد الحريديم، أو فرض عقوبات مالية كبيرة على من لم يتجند منهم.
ووفق ميسنغ، ورغم أهمية الأمر، لا يحدد مشروع القانون أي أهداف للتجنيد، ولا يوفر الأدوات التي من شأنها إيجاد اليقين بشأن تحقيق هذه الأهداف، كما أنه سيكون بمثابة أساس لتخطيط بدائل التجنيد بالخدمة الإلزامية والاحتياطية مع الثغرات القانونية التي يمكن أن تستخدم في الإعفاء من التجنيد أو تأجيله.
كما أنه ينتقد عدم الاهتمام حتى الآن بموقف مهنيي وزارة المالية بشأن القانون، قائلًا “نظرا للأهمية الاقتصادية لهذه الخطة بكل مكوناتها، فإن ثمة ضرورة لإشراك المختصين بالمالية الذين يتعاملون مع هذا المجال في عملية صياغة الخطة ودراسة التبعات التي ستترتب على ذلك”.
ويستبعد ميسينغ أن تؤدي الصيغة الحالية المقترحة للقانون إلى التوسع المطلوب في معدل التجنيد الإجباري للحريديم، بحيث يلبي الاحتياجات الأمنية الحالية، في حين لا يتوقع المتخصصون بالوزارة أي تغيير في نسبة مشاركة الحريديم بالقوى العاملة.
آليات بديلة
ويحدد ميسينغ الأساسيات التي تعتقد وزارة المالية أنها يجب أن تشكل الأساس لخطة بديلة لتجنيد الحريديم، وفق ما نقلت عنه الصحيفة الإسرائيلية كالتالي:
- فصل واجب الخدمة العسكرية عن القيود المفروضة على دخول سوق العمل.
- تجنب تحديد سن للإعفاء من التجنيد.
- خدمة مفيدة عسكريا ومن شأنها أن تخفف العبء الأمني على قطاعات السكان التي تخدم حاليا، في أقرب وقت ممكن.
- استخدام الحوافز الاقتصادية التي من شأنها التأثير بشكل مباشر على دخل الأفراد.
ويضيف “يمكن دراسة آليات بديلة لصياغة ترتيب يكون هدفه زيادة عدد مجندي الحريديم بالجيش من أجل تلبية الاحتياجات الأمنية، مع السماح لبعض أفراد هذا المجتمع بالانخراط بقضاء وقتهم في دراسات التوراة، مع تجنب الأضرار الاقتصادية الكبيرة التي تنشأ عن حظر مشاركتهم في سوق العمل”.
ويختتم ميسينغ تصريحاته بالقول “مثل هذا الترتيب يمكن أن يشمل وضع إطار عددي لكوتة إعفاءات طلاب المدارس الدينية. مع إلزام بقية الطلاب بالتجنيد على أساس الآليات الموجودة في قانون الخدمة بجيش الدفاع، وسيخضعون بشكل فردي لعقوبات مالية”.