انتشرت حالة عامة من خيبة الأمل على منصات التواصل الاجتماعي تجاه صناع مسلسل “خالد نور وولده نور خالد” بعد عرض الحلقات الـ5 الأولى منه، بما يعادل الثلث؛ إذ هو من الدراما الرمضانية ذات الـ15 حلقة.
نبعت الانطباعات السلبية اللاذعة من ارتفاع سقف التوقعات المسبق تجاه العمل، خاصة أن فكرته بدت واعدة، سواء على مستوى الدراما أو الكوميديا، بالإضافة إلى أن شيكو وكريم محمود عبد العزيز يجيدان تقديم الأعمال الكوميدية المعتمدة على أفكار تجمع بين الفانتازيا والخيال العلمي، ومع ذلك جاء مستوى العمل أقل من المتوقع.
فكرة غير مكررة، حبكة تعتمد على الكوميديا السوداء، طاقم عمل مبشر، ومخرج صاحب أعمال مهمة بعضها يشغل حيزا ضمن أهم الأعمال في تاريخ السينما الحديث، مثل فيلم “فيلم ثقافي” وفيلم “ليلة سقوط بغداد”.
كل ما سبق سمح للجمهور بالرهان بثقة على مسلسل “خالد نور وولده نور خالد” وقصته التي تحكي عن مهندس يشرف على مشروع نووي مهم، لكن الأمور لا تسير كما يجب وتنتهي بانفجار ضخم يتحول المهندس إثره إلى العمل المكتبي.
ثم بعد 7 سنوات ودون مقدمات يلتقي مصادفة بشخص يماثله في العمر ويحمل اسم ابنه، والملابسات القديمة نفسها، الفارق أن هذا الابن توفي أبوه وأمه في الانفجار وعاش هو في دار أيتام، وأمام استحالة فكرة أن يكون الاثنان أبا وابنه، وتشبث الابن (يلعب دوره شيكو) بأنه وجد والديه، أخيرا يقع الأب (كريم محمود عبد العزيز) فريسة الاستغراب وعدم الرغبة في التصديق، وتتوالى الأحداث.
المحصلة لا شيء
كما لاحظنا يحظى العمل بمساحة هائلة لكوميديا الموقف، في وقت أسندت فيه بطولته إلى اثنين من أنجح الممثلين القادرين على إضحاك الجمهور والمقربين إلى قلب المشاهد، ومع ذلك جاءت الكوميديا في العمل شحيحة للغاية وثقيلة الظل، وحتى تلك التي قد تنجح في حث المتفرج على الابتسام أحيانا تفقد رونقها وتأثيرها حين يظل قائلها يكررها أكثر من مرة في المشهد الواحد أو على مدى الحلقات.
هذا الفقر الشديد في الكتابة وإهدار الحلقات الأولى لكشف حبكة يعرفها الجميع مسبقا ترتبت عليهما إصابة المشاهدين بالملل، وإزالة العمل من قائمة مشاهدات معظمهم حين لم يجدوا ما يستحق منحه وقتهم الثمين، خاصة مع وجود العديد من الأعمال الرمضانية الجديدة التي بدأ عرضها في النصف الثاني من رمضان وتتنافس على كسب ود الجمهور وبدا بعضها جيدا بالفعل، مثل مسلسل “بدون سابق إنذار” ومسلسل “جودر”.
والغريب أن أداء النجوم الرئيسيين جاء ضعيفا ودون بصمة حقيقية بحالة شيكو، أما كريم فرغم محاولاته تجسيد الشخصية فإنه ظهر مصطنعا ومجرد استنساخ من حركات وإيماءات والده النجم الراحل محمود عبد العزيز.
حضور نسائي باهت
4 نماذج نسائية ضمها المسلسل باعتبارهن زوجات لأبطال العمل، لعبت أدوارهن كل من آية سماحة ودنيا ماهر ودنيا سامي وحنان سليمان، ورغم اختلاف شخصياتهن شكلا ومضمونا، فإنه يمكن وصف وجودهن بالباهت، حيث صُبغت الشخصيات جميعها بالإطار العام نفسه الذي قدمها نماذجَ تتسم بالسطحية الشديدة وقلة الذكاء، مما أجهض أي احتمال لحدوث تنوع درامي بالخطوط النسائية في ظل سوء استغلال القدرات الكوميدية لدنيا سامي أو دنيا ماهر.
عيوب فنية أخرى
بجانب الخطوط الدرامية الأساسية، ضم العمل بعض الخطوط الجانبية دون الحاجة إليها، على رأسها خط الشاب ابن الأخ الذي يتسبب بالكثير من المصائب ويتعامل مع الكبار بعصبية وسوء خلق، مستخدما لغة غير مفهومة وغير مناسبة (أقرب إلى لغة الشارع والبلطجة)، وهو ما لم يأت منفِّرا على مستوى الحوار فقط، وإنما حتى الانفعالات اتسمت بالمبالغة، والأهم أن استخدام هذا الأسلوب من أجل الضحك بات مستهلكا وقديما وانقضى منذ عهد “اللمبي”.
وبالنظر إلى الفنيات الأخرى، لم يأت الإخراج على المستوى المتوقّع من محمد أمين وانتظر منه جمهوره أن يقوم بتمرير بعض الرسائل السياسية والاعتراضات على الوضع الراهن بطريقة كوميدية وغير مباشرة بين حين وآخر، وهو ما يحترفه ويُجيده، غير أن هذا لم يتحقق هذه المرة.
وأخيرا مع الموسيقى التصويرية التي يمكن وصفها تارة بالإزعاج وتارة أخرى بعدم الملاءَمة. العنصر الإيجابي الأوضح والأكثر بهجة جاء من نصيب “تتر” البداية للمسلسل وأغنية “قلبت عك” -غناء عطار وكلمات منة القيعي- التي أحبها الكثيرون وناسبت الحبكة تماما.
مقارنة لابد منها
رغم كل تلك العيوب، رجّح بعض رواد منصات التواصل الاجتماعي أن الهجوم الطاغي على مسلسل شيكو وكثرة الانتقادات السلبية لم يكن سيحدث بالقدر نفسه لولا أنه سبقه مسلسل “أشغال شقة” الذي لم يحقق نجاحا هائلا وكسب محبة الجمهور فحسب، وإنما لا يزال رغم انتهاء حلقاته منذ ما يقارب أسبوعا الأعلى مشاهدة على منصة “شاهد”، في حين لم يدخل مسلسل شيكو حتى الآن ضمن المسلسلات الـ10 الأوائل.
لكن ببساطة يمكن دحض تلك المزاعم بالنظر إلى رمضان 2023 حين عُرض مسلسل “تحت الوصاية” بالنصف الثاني من الشهر واستطاع أن يلفت انتباه الجمهور والرأي العام ويُصنفه الكثير من النقاد أفضل مسلسل رمضاني.
وبالعودة للمقارنة بين مسلسل هشام ماجد ومسلسل شيكو، نجد الفرق شاسعا ليس فقط على مستوى الكوميديا والقدرة على إمتاع الجمهور سواء بالمواقف المضحكة الجديدة أو “الإيفيهات” غير المستهلكة، وإنما على مستوى عناصر أخرى أهمها الكتابة الذكية والسلسة والكيمياء الجلية بين أبطال العمل.
مسلسل “خالد نور وولده نور خالد” من تأليف أحمد عبد الوهاب وكريم سامي، وإخراج محمد أمين، والبطولة من نصيب شيكو، وكريم محمود عبد العزيز، وشريف رمزي، ودنيا ماهر، وحمزة العيلي، ودنيا سامي، وآية سماحة، وصلاح عبد الله، والطفل آدم وهدان.