جولة مباحثات بين أمير قطر (يسار) والرئيس البولندي (وكالة الأنباء الأوروبية)

جولة مباحثات بين أمير قطر (يسار) والرئيس البولندي (وكالة الأنباء الأوروبية)

سيطر التعاون الاقتصادي على زيارة أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى بولندا بفضل العلاقات الاقتصادية والاستثمارية المتنامية بين الدولتين، خاصة خلال الفترة الأخيرة.

وخلال السنوات الخمس الماضية، حقق التبادل التجاري بين قطر وبولندا نموا بنسبة 23%، إذ بلغت قيمته نحو 4.8 مليارات ريال (الدولار 3.65 ريالات) عام 2023، مقابل 3.9 مليارات ريال عام 2018، وفي عام 2022 استوردت بولندا بأكثر من ملياري دولار الغاز القطري.

وخلال جولة مباحثات بين أمير قطر والرئيس البولندي أندريه دودا في العاصمة وارسو، جرى بحث العلاقات الثنائية وآفاق تعزيزها وتطويرها بما يخدم المصالح الإستراتيجية المشتركة ويدفع العلاقات بين البلدين إلى مستويات أوسع، لا سيما في مجالات الطاقة والتكنولوجيا والتعليم والدفاع.

ووصف بافو كواغا، رئيس مجلس الأعمال البولندي القطري، زيارة أمير دولة قطر إلى بولندا بالمهمة للغاية، وأنها تؤكد حرص البلدين على تطوير علاقاتهما الثنائية، وتعزيز تعاونهما في مختلف المجالات، قائلا “بدأت علاقتنا مع قطر على مستوى جدي، لأننا بدأنا في استيراد الكثير من الغاز من قطر، وهذا الأمر مهم جدا بالنسبة لبولندا، لأنه يجعلنا مستقلين عن المصادر الأخرى”.

ولفت إلى أهمية تعزيز الشراكات بين قطر وبولندا بهدف زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين في القطاعات كافة، خاصة النفط والغاز والمواد الغذائية، موضحا أن “إحصاءات عام 2022 كشفت أننا استوردنا كميات من الغاز القطري بأكثر من ملياري دولار، وقمنا بتصدير بضائع بحوالي 150 مليون دولار، لذلك هناك كثير مما يتعين القيام به في هذا الشأن”.

 

تشجيع الاستثمارات

وأكد كواغا أن الاقتصاد البولندي يعد الآن سادس أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي، كما أن بولندا تعد خامس أكبر دولة أوروبية، داعيا رجال الأعمال القطريين للاستثمار في بلاده، موضحا أن بولندا حريصة على تشجيع الاستثمارات في مجالات الخدمات اللوجستية ونقل البضائع والتقنيات الجديدة المرتبطة بالطب، وتكنولوجيا المعلومات والتصنيع والزراعة.

 

وأشار إلى أن هناك عديدا من الفرص الاستثمارية المتاحة في مختلف القطاعات بدولة قطر، مضيفا “نتابع أيضا البرامج التي تديرها الحكومة القطرية لتشجيع المشاريع المشتركة”، كما أشاد بالتعاون الوثيق مع مركز قطر للمال والمناطق الحرة بقطر، في إطار جهود الترويج لقطر كونها وجهة استثمارية مهمة في الشرق الأوسط.

 

ومن جانبه، أكد رئيس غرفة قطر الشيخ خليفة بن جاسم بن محمد آل ثاني أن زيارة أمير قطر إلى بولندا سوف تعزز العلاقات الثنائية بين البلدين، وتمهد الطريق نحو آفاق جديدة للتعاون، خصوصا في المجالات التجارية والاقتصادية، مما سيكون دافعا مهما للتجارة البينية إلى الأمام.

وأشار إلى وجود عدد من الشركات البولندية التي تعمل في السوق القطري بشراكة مع شركات قطرية في مجالات متنوعة كالمقاولات والتجارة والصحة وغيرها، وفي المقابل، تعتبر بولندا وجهة جاذبة للاستثمارات القطرية، خصوصا في قطاعي الضيافة والصناعة، مشددا على دعم غرفة قطر للتقريب بين أصحاب الأعمال في البلدين، وتشجيعهم على إقامة تحالفات تجارية واستثمارية تعزز اقتصاد البلدين.

 

فرص متعددة

أما رئيس غرفة التجارة البولندية مارك كوشكو، فأكد أن الارتفاع الكبير في التبادل التجاري بين البلدين يدل على عزمهما لتطوير علاقاتهما الاقتصادية إلى مستوى كبير، معربا عن أمله في زيادة الاستثمارات بين الجانبين.

وأوضح رئيس غرفة التجارة البولندية أن الغاز وكل المنتجات المتعلقة بالمواد الكيميائية من أهم الواردات القطرية إلى بولندا، مؤكدا سعي الغرفة التجارية البولندية لزيادة الصادرات إلى قطر كونها دولة إستراتيجية لبولندا، خاصة في ما يخص الطاقة وتستورد منها كميات كبيرة من الغاز.

 

وبشأن الفرص المشتركة بين البلدين والقطاعات التي يمكن زيادة التعاون فيها، أشار إلى أن قطر هي الأولى في مجال الغاز المسال وبولندا تحتاج الغاز، ومن هذا المنطلق قطر شريك مهم في هذا الشأن، كما أن هناك مجالات أخرى للتعاون بين البلدين، مثل صناعة المواد الغذائية والزراعية وفي مجال المواصلات، بالإضافة أيضا إلى مجالات يمكن للبلدين تبادل المعرفة فيها كالطاقة النظيفة ومجال التعليم.

 

زيادة كبيرة

وحسب بيانات المجلس الوطني للتخطيط، بلغ حجم التبادل التجاري بين قطر وبولندا نحو 4.8 مليارات ريال العام الماضي، وبلغ إجمالي صادرات دولة قطر إلى بولندا 3.9 مليارات ريال، في حين سجل إجمالي الواردات القطرية من بولندا 897 مليون ريال، بينما بلغ فائض الميزان التجاري نحو 3 مليارات ريال في العام 2023.

ووفقا للبيانات ذاتها، فإن صادرات دولة قطر إلى بولندا تمثلت أساسا في غازات نفط وهيدروكربونات غازية أخرى، بواقع 3.892 مليارات ريال، إضافة إلى صادرات أخرى متنوعة مثل بولميرات إيثيلين بأشكالها الأولية، في حين تركزت واردات قطر في وحدات معالجة رقمية ذاتية ووحدة تخزين الذاكرة وأنواع أخرى من الواردات.

وأسهم المنتدى القطري البولندي للتكنولوجيا، الذي اختتم 4 نسخ ناجحة عام 2023، في تعزيز العلاقات والعمل المشترك بين كل من قطر وبولندا، ويتطلع منظمو المنتدى إلى إحداث دفعة إيجابية في ما يتعلق بقطاع التكنولوجيا، عن طريق طرح شراكات جديدة تجمع بين رجال الأعمال القطريين ونظرائهم البولنديين المتميزين في هذا القطاع.

وظل المنتدى على مدار سنوات انعقاده الماضية يستضيف نخبة من المتحدثين وصناع القرار، لاستكشاف فرص وآفاق المستقبل بين البلدين، بالتركيز على التكنولوجيا الجديدة ودورها في تنشيط حركة التبادل التجاري والاستثماري، كما نجح في توقيع عدد من مذكرات التفاهم بين البلدين، أبرزها بين مركز قطر للمال ومؤسسة بولندا الرقمية، التي تهدف إلى تعزيز التعاون بينهما في القطاع الرقمي، وتسريع الخطى نحو ابتكار تقنيات رقمية جديدة، وهي خطوة أولى في إطار السعي لإقامة تعاون طويل الأمد مع المؤسسات البولندية.

 

وشكل عام 2009 نقطة تحول في التعاون الطاقي بين قطر وبولندا، إذ شهد توقيع اتفاق طويل الأمد تستورد بموجبه وارسو نحو 1.3 مليار متر مكعب من الغاز المسال القطري سنويا، وتم تسليم هذه الإمدادات في محطة الاستقبال البولندية الجديدة للغاز الطبيعي المسال، التي بدأ تشغيلها عام 2014، خصيصا لهذه الغاية.

وتطور التعاون بين قطر وبولندا إلى ما هو أبعد من مجرد استيراد الغاز، إذ شكل عام 2016 علامة فارقة في العلاقات التجارية بين البلدين، كما شهد ذلك العام التدفق الكبير لشحنات الغاز القطري إلى بولندا، والبدء في تسليمها في محطة شينويشجا بعد افتتاحها في ميناء سوينوجيسي على بحر البلطيق، وقد استقبلت هذه المحطة ما يقارب 126 شحنة غاز مسال، مما يعكس النمو المستمر في التعاون الطاقي بين البلدين.

المصدر : الجزيرة + وكالة الأنباء القطرية (قنا)

About Post Author