يقول رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك إن إسرائيل في مأزق حقيقي، وإن الحل يكمن في إبعاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والموافقة على المبادرة الأميركية لإنشاء ما يُسمى “محور الاعتدال” ضد “محور المقاومة” في المنطقة.
وأوضح في مقال له في صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية أن القراء ربما يكون لديهم انطباع بأن إسرائيل تستطيع القضاء على “أعدائنا” جميعهم واحدا بعد آخر وبأسرع ما يمكن وبتكلفة يمكن تحملها، وكذلك ربما يكون لدى القراء أيضا انطباع بأن العالم كله “ضدنا” ولا يمكننا إلا “الاعتماد على الرب ومفاعل ديمونة”.
وقال إنه على الرغم من مرور 9 أشهر على الحرب في قطاع غزة، فإن إسرائيل لم تحقق “أيا من أهدافها، والأنكى من ذلك أن الشلل الإستراتيجي” الذي أظهرته القيادة الإسرائيلية ينذر باندلاع صراع إقليمي شامل وطويل الأمد.
وأضاف أن ذلك كله يحدث في وقت يتفاقم فيه الخلاف مع الولايات المتحدة، وتغرق إسرائيل في لجج عزلة دولية.
وأوضح أن هذا “الوضع المعقد” أثار موجة من النقاشات في الأيام الأخيرة في الصحف والقنوات التلفزيونية، تمحورت حول توقعات أو مطالبات بأن تلوّح إسرائيل باستخدام قدراتها النووية المزعومة كوسيلة للخروج منتصرة من هذه الأزمة، بل إن هناك من يقترح النظر في الاستفادة من هذه القدرات فعليا.
ويعتقد باراك أن هذا النقاش “لا داعي له، وغير مفيد، وربما يكون ضارا”، كما أنه يعكس “مشاعر إحباط ويأس”، واصفا ما يتداول داخل إسرائيل من آراء بأنها لا تنطوي على نصائح “مستحبة” في ما يتعلق بالإستراتيجية وتدبير شؤون الدولة، والمطلوب -من وجهة نظره- هو الحس السليم وليس الأوهام.
ووفقا للمقال، فإن “الفشل” في تحقيق أهداف الحرب في غزة ليس ناشئا من استخدام إسرائيل للأسلحة التقليدية وحدها، بل كان بسبب التردد في تحديد الشكل الذي تريد أن يبدو عليه “اليوم التالي” للحرب، في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول، أي بعد يوم من هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على جنوب إسرائيل.
وينبع هذا التردد -برأي الكاتب- من اعتبارات تخصّ رئيس الوزراء الحالي بشأن بقائه السياسي و”ابتزاز” المتطرفين له في ائتلافه الحاكم.
ويكمن حل هذا المأزق -في نظر باراك- في أمرين: أولهما ضرورة إزالة “المعيق” الذي تسبب فيه، أي استبدال الرأس (يقصد هنا نتنياهو) وإزاحة الشخصيات “الطائشة” من الحكومة.
والأمر الثاني هو الموافقة “المشروطة” على المبادرة الأميركية لإنشاء ما يُسمى “محور الاعتدال” تحت قيادة الولايات المتحدة.
ويعد باراك محور الاعتدال الذي تقترحه الولايات المتحدة “الرادع الأكثر فعالية” ضد حرب إقليمية شاملة في أي مستقبل منظور، وهو “الإطار الصحيح” لضمان النصر عند نشوب حرب من هذا القبيل.
التهديد بخيار ديمونة، والحديث عنه لا يوحي بالعزيمة والقوة؛ بل يشي بعدم الأمان والضعف والارتباك واختلال التوازن وبعض الذعر، على حد تعبير باراك الذي يعزو السبب في ذلك إلى أن إيران تدرك “قدراتنا الإستراتيجية على نحوٍ أفضل بكثير من الجماهير الإسرائيلية”. ومع أنه نعت الملالي في طهران بـ”المتعصبين المتطرفين”، إلا أنه مع ذلك يصفهم بأنهم “متروون” غير مندفعين، و”بالتأكيد ليسوا أغبياء”.
ويشكل محور الاعتدال -بحسب المقال- الرد الصحيح على الوضع الراهن، حيث لا تزال إيران، رغم تقدمها السريع، مترددة في تطوير قدراتها النووية العسكرية. وحتى إذا قررت ذلك، فإن الأمر قد يستغرق منها عاما آخر أو نحوه للحصول على سلاح نووي “خام”، وعقدا من الزمن لبناء أولى ترساناتها.
وينظر باراك إلى الحديث عن مفاعل ديمونة النووي، في سياقه الحالي، بأنه لن يؤدي سوى إلى صرف انتباه الإسرائيليين عما هو مطلوب حقا ألا وهو تفادي غرق بلادهم، داعيا إلى الانضمام إلى محور الاعتدال.
وختم بالقول إن مثل هذه الأحاديث حول ديمونة لا تسهم في استثارة فهم صحيح وحس سليم أو مسار عمل ذي صلة بالتحدي الذي تواجهه إسرائيل، وذلك يستوجب وقفها فورا.