وفاء جرار اعتقلها الاحتلال من منزلها بمدينة جنين وأعلن إصابتها في تفجير جيب عسكري كانت تُحتجز بداخله (مواقع التواصل)

وفاء جرار اعتقلها الاحتلال من منزلها بمدينة جنين وأعلن إصابتها في تفجير جيب عسكري كانت تُحتجز بداخله (مواقع التواصل)

جنين– بعد شهرين من مكثها في حالة غيبوبة بقسم العناية الفائقة بمستشفى ابن سينا بمدينة جنين شمال الضفة الغربية، إثر إصابتها بانفجار آلية عسكرية إسرائيلية كانت تحتجزها بعد اعتقالها من منزلها، أُعلن صباح اليوم الاثنين استشهاد الجريحة الفلسطينية وفاء جرار عن 50 عاما.

ورغم تحويلها للاعتقال الإداري لمدة 4 أشهر، فإن الاحتلال أفرج عن جرار بعد 10 أيام فقط من اعتقالها، إثر تعرضها لإصابات بالغة، حيث خضعت لعمليات جراحية في المستشفيات الإسرائيلية جرى خلالها بتر ساقيها إلى الفخذين، ثم نُقلت إلى المستشفى بجنين في حالة صحية صعبة.

_ ذوي الشهيدة وفاء جرار يحملون نصف جثامنها خلال تشيعها في مدينة جنين_
تشييع نصف جسد وفاء جرار في جنازة حاشدة بمدينة جنين (الجزيرة)

محاولة اغتيال

وأكدت عائلة جرار أن تعمُّد جيش الاحتلال إبقاء والدتهم في الآلية العسكرية لعدة ساعات، خلال عملية اقتحام واسعة لمخيم ومدينة جنين يوم 21 مايو/أيار الماضي، هو السبب في تعرضها للإصابة، خاصة أن رواية جيش الاحتلال تفيد بانفجار عبوة محلية الصنع في الجيب العسكري الذي كانت تُحتجز بداخله بعد اعتقالها من منزلها في حي المراح بمدينة جنين.

وقال نجلها حذيفة جرار، للجزيرة نت، إن هذه الرواية لا يمكن التأكد من صحتها، وإن ما حدث بالضبط بقي عند والدته، التي كانوا يرجون استفاقتها من الغيبوبة على نحو يسمح لها بشرح حقيقة ما جرى في ذلك اليوم.

وأضاف جرار “كنا على أمل أن تعود الوالدة لوعيها، وتقول لنا الحقيقة، لكن -للأسف- لم يسمح لها وضعها الصحي بذلك. وخلال الشهرين الماضيين، استفاقت أمي عدة مرات وكانت مدركة لما يدور حولها، لكنها لم تكن تستطيع التحدث لوقت طويل، وكانت تحمد الله على ما أصابها، مدركة إصابتها وبتر قدميها، لكنها كانت تعود للغيبوبة مرة أخرى”.

ويؤكد جرار -وهو مقيم في تركيا– أن والدته أخبرت أشقاءه في إحدى استفاقاتها القصيرة أن “جنود الاحتلال في الجيب العسكري حاولوا خنقي، وضربوني منذ لحظة اعتقالي، لقد حاولوا اغتيالي”.

وعلى الرغم من التحسن الذي طرأ على حالتها الصحية بعد نقلها من مشفى العفولة الإسرائيلي إلى مستشفى ابن سينا، فإن مضاعفات كثيرة أصابت جسدها بعد عملية بتر ساقيها المعقدة.

 

تدهور وضعها الصحي

وفي مستشفى ابن سينا قدم الأطباء تقريرا مفصلا لعائلة جرار يفيد بتعرضها لعملتي بتر في الأقدام من فوق الركبة، إضافة لكسور في الأضلاع تسببت في التهابات شديدة في الرئة اليسرى، وكسر في العمود الفقري، وانخفاض كبير في نسبة الدم إثر تعرضها للنزيف لحظة الإصابة.

ورغم بقائها لمدة شهرين في قسم العناية الفائقة، فإن حجم الإصابة وشدتها لم تُمكن جسدها من الاستجابة للعلاج، وهو ما أدى لظهور تقرحات شديدة، وكانت تخضع لعملية كل يومين لتنظيف التقرحات وتطهيرها، إضافة لتقديم مجموعة من المضادات الحيوية لعلاج الالتهاب في رئتيها وعموم جسدها.

وحسب نجلها حذيفة، فإن ما زاد من صعوبة وضعها، هو تعرضها لجرثومة تسببت لها في التهاب حاد بالدم، حيث “حاول الأطباء إجراء عمليات نقل دم وصفائح دموية لوالدتي لكن من دون نتيجة، جسمها لم يستجب، ومناعتها كانت ضعيفة وهذا أدى لاستشهادها أخيرا”.

وفي إعلانه نبأ استشهاد والدته، كتب حذيفة جرار -صباح اليوم الاثنين- في منشور عبر صفحته على فيسبوك “نزف إلى العليا أيقونة الوفاء والعطاء، والدتنا الصابرة المحتسبة الأسيرة الجريحة، وفاء زهدي جرار، لتلتحق بركب الشهداء في معركة طوفان الأقصى”.

ونعى نادي الأسير الفلسطيني الشهيدة وفاء جرار، في بيان، وقال إنها تعرضت لجريمة مركبة منذ لحظة اعتقالها، كما حمّل الاحتلال المسؤولية الكاملة عن استشهادها. وبين أنها تعرضت لاعتقال وحشي من منزلها وتم التنكيل بها، ثم تعرضت لإصابة أدت لبتر ساقيها في مستشفى العفولة الإسرائيلي.

 

وكان نادي الأسير قد تقدم عبر محاميه بطلب لاسترداد ساقي الشهيدة جرار المبتورتين، بعد ورود أخبار من أطباء بمستشفى العفولة أن إدارة المستشفى تخلصت من القدمين، إلا أن الاحتلال لم يرد حتى الآن على هذا الطلب.

تشييع جماهيري

ووسط حشد كبير من أهالي مدينة ومخيم جنين، حُمل جثمان الشهيدة جرار على الأكتاف في جنازة كبيرة، حيث نقلت للوداع الأخير في منزلها بحي المراح في جنين، ومن ثم دُفنت في مقبرة المدينة.

واستقبلت الابنة الوحيدة لجرار والدتها بالدموع، وقالت بصوت باكٍ “مع السلامة يمة، مع السلامة يا حبيبتي، الحمد لله، راضين بقضاء الله”، بينما ازدحم المنزل بالمعزّين.

وتحظى جرار بمكانة كبيرة في مدينة جنين بشكل خاص وفي مدن الضفة الغربية عامة، لا سيما بعد إنشائها وتوليها رئاسة رابطة أهالي شهداء وأسرى جنين، التي تعنى بزيارة بيوت وأمهات الشهداء، وكان ناشطة في الوقفات التضامنية المطالبة باسترداد الجثامين المحتجزة لدى الاحتلال الإسرائيلي.

وكانت وفاء جرار أيضا إحدى المرشحات ضمن قائمة “القدس موعدنا” الممثلة لحركة حماس في الانتخابات التشريعية، والتي تراجعت السلطة الفلسطينية عن عقدها أوائل عام 2021.

 

والشهيدة زوجة القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عبد الجبار جرار، المعتقل منذ بداية العام الحالي ويواجه حكما بالحبس الإداري.

وكان الأسير جرار على موعد مع انتهاء حكمه بعد 3 أيام، غير أن سلطات الاحتلال قررت اليوم الاثنين، بعد الإعلان عن استشهاد زوجته، تجديد اعتقاله لمدة 6 شهور جديدة.

وبينما كانت العائلة تترقب الإفراج عنه ليشارك في عزائها، قال نجله حذيفة للجزيرة نت “إنه سيخرج من دون أن تكون أمي في استقباله، كما اعتاد في كل سنوات اعتقاله السابقة”.

وأضاف “أرجو أن ينزل الله الصبر على قلبه، بخسارة الوالدة، فهي رفيقة دربة، وحاملة همه، وهي التي صبرت في كل المرات التي كان يعتقل فيها أبي، وكانت تحمل مسؤولية البيت والأولاد في سنوات سجنه التي وصلت إلى 16 عاما”.

وذكر حذيفة جرار أن والده تلقى خبر إصابة زوجته، أواخر يونيو/حزيران الماضي، بالقول لحظة سماعه الخبر: “أم حذيفة أصدق مني، اختارها الله واصطفاها، وأقدامها سبقتنا إلى الجنة، هذه حبيبتي ورفيقة دربي”.

 
المصدر : الجزيرة

About Post Author