قالت وكالة بلومبيرغ إن الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن وعد ذات يوم وهو مرشح للرئاسة بسياسة خارجية “متواضعة” تجعل العالم يرحب بالولايات المتحدة، وعندما أصبح رئيسا، نفذ سياسة متغطرسة -عكس ما وعد- وشن حروبا فاشلة، لكن المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس قد تفعل ذلك في الاتجاه المعاكس.
وأوضح الموقع -في عمود بقلم كاتبه أندرياس كلوث- أن موضة المحافظين الجدد تلك، قادت إلى هذا التناقض المعرفي الذي يعيد التذكير بأنه يكاد يكون من المستحيل التنبؤ بكيفية تصرف السياسيين الذين يترشحون للمكتب البيضاوي بمجرد وصولهم إليه.
ولذلك قد نتكهن بالسياسات الخارجية المحتملة لكامالا هاريس أو للمرشح الجمهوري دونالد ترامب -يتابع الكاتب- لكنه من المرجح أن تنفجر هذه النظريات عند الاصطدام بتقلبات الأحداث العالمية، مثل هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، في حالة بوش.
غير أن هاريس -كما يقول الكاتب- أظهرت علامات على أنها قد ترسم مسارا سيكون تقريبا عكس مسار بوش، ولكنها لا بد أن تظهر للجميع، أنّها ستكون قوية مثل ترامب، وتقول “بصفتي القائد الأعلى، سأضمن أن تمتلك الولايات المتحدة دائما أقوى قوة قتالية وأكثرها فتكا في العالم”، كما وعدت في مؤتمر الحزب الديمقراطي.
ويزيد كلوث أنه يمكن استنتاج هذا من الأشخاص الذين اختارتهم لتقديم المشورة لها بشأن الأمن القومي، والذين من المرجح أن يشغلوا بعض مناصب السياسة إذا فازت، مثل الدبلوماسية والباحثة ريبيكا ليسنر، وفيليب غوردون الذي خدم في إدارتي الرئيسين السابقين باراك أوباما وبيل كلينتون وتحدث كثيرا عن “الحاجة إلى إضفاء قدر معين من التواضع على فكرة وجود حل بسيط لأي من هذه التحديات الكبرى” في الشؤون العالمية.
وتشمل روايته بعض الإخفاقات والحماقات والعواقب غير المقصودة للتدخلات الأميركية في المنطقة، مثل الإطاحة برئيس الوزراء الإيراني محمد مصدق عام 1953، ومثل غزو بوش الخاطئ للعراق الذي أدى إلى ظهور تنظيم الدولة وأعطى نصرا لإيران، فضلا عن المغامرات غير المتوقعة في أفغانستان وسوريا وليبيا وأماكن أخرى، يشرح كلوث.
ويتمتع غوردون -بحسب الكاتب- بنظرة ثاقبة للغرور الذي يصاحب غالبا الاستثنائية الأميركية، والاعتقاد الساذج بأن الولايات المتحدة، بحكم خصائصها الفريدة المفترضة، قادرة على إصلاح كل شيء وإنقاذ العالم، وهو يدرك حقيقة حدود القوة الأميركية، والحاجة إلى التواضع في عالم مجهول وغير معروف.
ومع ذلك، ليس غوردون خجولا بشأن تأكيد قوة الولايات المتحدة عند الضرورة، وخاصة أمام روسيا، ولكن بصفته ممارسا، فهو على دراية بالمشاكل غير المتوقعة، وقد ناقش الرئيس جو بايدن وهاريس في موضوع الانسحاب من أفغانستان عام 2021، وحذر على ما يبدو من الفوضى التي قد تنجم عنه، وحث على إبقاء وجود عسكري لمنع ذلك.
ويضيف الكاتب أن ريبيكا ليسنر شرحت في كتاب لها موضوعات مماثلة، واستنتجت أن الولايات المتحدة تفتقر في الوقت الحاضر إلى الوسائل اللازمة لمراقبة العالم باعتبارها “قوة مهيمنة”، والدفاع عما يسمى “النظام الدولي القائم على القواعد”، وهي تفضل تقليص الإستراتيجية الأميركية الكبرى إلى أهداف أكثر قابلية للتحقيق مثل الحفاظ على قدر ضئيل من التبادل المفتوح الذي من شأنه أن يحافظ على ازدهار الولايات المتحدة.
ومثل بايدن، ستميل هاريس إلى “الدولية” بدلا من انعزالية ترامب، وستزرع التحالفات والمنظمات المتعددة الأطراف، في حين سيذهب ترامب إلى الأحادية والقومية، كما ستمزج هاريس بين الواقعية والمثالية، ولكن ترامب لن يتصرف بهذه الطريقة، بحسب الكاتب.
ويضيف كلوث أنه قد لا يقترب بايدن من غطرسة ترامب -كما يقول الكاتب- لكنه اكتسب مهاراته خلال عصر الغطرسة الوطنية، حيث دخل مجلس الشيوخ عندما كانت الولايات المتحدة قوة عظمى وانضم إلى لجنة العلاقات الخارجية عندما كانت لفترة وجيزة قوة عظمى في عالم أحادي القطب، وهو بالتالي معتاد على استعارة لغة الاستثنائية المسيحانية، واصفا أميركا بأنها “الأمة التي لا غنى عنها” و”منارة” للعالم.