يحتمي الفلسطيني عدنان نغناغية بمنزله من 8 أيام، في وقت تنفذ القوات الإسرائيلية عمليات دهم وتوقيف وتخوض معارك مع مسلحين في الضفة الغربية المحتلة.
يقطن نغناغية البالغ من العمر 56 عاما، وهو أب لـ5 أبناء، في مخيم جنين للاجئين شمالي الضفة الغربية المحتلة، وهي منطقة تُستهدف بسلسلة هجمات إسرائيلية مكثفة منذ 28 أغسطس/آب الماضي بزعم “مكافحة الإرهاب”.
ويشبه نغناغية الظروف التي يعيشها بـ”السجن”، ويؤكد أن وجود الجنود الإسرائيليين في إطار أطول عملية لهم منذ عقود ضد عناصر فلسطينية في الضفة الغربية شل الحياة في جنين.
ومضى قائلا “يجبرونك على المكوث داخل المنزل بدلا من الخروج وعيش حياة طبيعية”. حيث بات الخروج من المنزل مهمة محفوفة بالمخاطر حتى أن نغناغية كان يتحدث مع مراسل “فرانس برس” عبر الهاتف رغم أن كليهما في مخيم جنين على بعد 600 متر عن بعضهما.
وفي أزقة المخيم الضيقة، خلفت المركبات المدرعة والجرافات الإسرائيلية الدمار في ظل تواصل المعارك، وقال نغناغية إن معظم السكان “غادروا بالفعل”، بحثا عن ملاذ آمن في أماكن أخرى.
وبعد سنوات من عمليات الدهم المتكررة لمخيم جنين، اكتسب سكانه “خبرة” في انتظار انتهائها، بحسب نغناغية الذي خزن مواد غذائية تكفيه لعدة أيام، لكنه يخشى الآن من إمكانية نفادها. وقال “نخطط ليومين أو 3 أيام، لا لأسبوع أو أسبوعين”.
والاثنين الماضي فتشت قوات الاحتلال الإسرائيلية منزل العائلة الذي يؤوي نحو 20 شخصا، بينهم أطفال من أقارب نغناغية الذي قال إنه قبل مغادرتهم، أطلق أحد الجنود النار داخل المنزل باتجاه السقف، مشيرا إلى أن لا علم لديه عن سبب التفتيش.
وفي مدينة جنين، تعتمد فدوى دبابنة (68 عاما) على سيارة إسعاف لإيصال مواد البقالة إليها. واختفت المركبات الأخرى من الشوارع إلى حد كبير في ظل إطلاق النار بينما جُرفت العديد من الطرقات. وتقول إنه بالنسبة لمياه الشرب، “عندما مرت سيارة الهلال الأحمر، أخذنا منهم”.
وإلى جانب علاج المصابين، بات على الفرق الطبية الآن إيصال المواد الغذائية وغيرها من الأساسيات أو مساعدة السكان على التنقل في المدينة في الحالات الاضطرارية.
وقالت امرأة طلبت عدم ذكر اسمها إنها اضطرت للصعود على متن سيارة إسعاف للخضوع لفحوص طبية روتينية في أحد المستشفيات، وقالت “هناك دمار كثير وخراب كثير. الناس تعبوا”.
أجبرت الهجمات العسكرية الإسرائيلية العاملين في قطاع الصحة على إدخال تغييرات سريعة على طريقة عملهم. ويعمل بعض من عجزوا عن العودة إلى منازلهم مدة 24 ساعة.
وقال الطبيب مؤيد خليفة (29 عاما) من “مستشفى الأمل” قرب جنين، وهو مستشفى للتوليد بات يستقبل المصابين جراء الاعتداءات الإسرائيلية، “إذا كنا نريد الخروج من المستشفى نحتاج إلى تصريح أو تنسيق مع سيارة إسعاف بحكم أن المنطقة التي نحن فيها خطر وأغلب المواجهات وأغلب عمليات الإغلاق تكون على باب المستشفى”.
ولم يتمكن مدير المستشفى محمد العارضة من الوصول إلى المنشأة على مدى أسبوع بسبب القتال فاضطر لإدارة العمليات عبر الهاتف، بينما لم يكن بإمكان بعض الموظفين القدوم إلى العمل، وفق ما أفادت به فرانس برس.
وأشار إلى أن الوضع تدهور أكثر بسبب انقطاع المياه “6 أو 7 مرات” منذ الأسبوع الماضي والانقطاع المتكرر للكهرباء.
وأدت الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة في شمال الضفة الغربية إلى استشهاد 36 فلسطينيا منذ الأسبوع الماضي، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية التي أعلنت اليوم الخميس سقوط 5 شهداء في ضربة على سيارة في منطقة طوباس جنوب جنين، وأعلنت فصائل مسلحة استشهاد عدد من رجالها، وأوقفت قوات الاحتلال الإسرائيل عشرات الفلسطينيين.
ومنذ أن بدأت حرب غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي استشهد 661 فلسطينيا على الأقل في اعتداءات شنها جيش الاحتلال والمستوطنون بالضفة الغربية، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية، بينما قُتل 23 إسرائيليا على الأقل، بينهم عناصر عسكرية، في هجمات نفذها فلسطينيون في المنطقة خلال الفترة ذاتها، بحسب مسؤولين إسرائيليين.