بثروة بلغت 74 مليار دولار.. كيف أصبح هذا الرجل منافسًا لمارك زوكربيرغ؟
يبدو تشانغ بينغ تشاو شخصا عاديا، لذلك لم يعرفه النادلون في أحد أفخم فنادق لندن عندما وصل لمقابلة مع مجلة “فورتشن” (fortune).
وفي الواقع، من الصعب أن نتخيل عدم تعرف الناس على مارك زوكربيرغ مثلا لو رأوه في مكان عام.
وفي هذا التقرير الذي نشرته مجلة “فورتشن” الأميركية، تقول الكاتبة فيفيان والت إن تشانغ بينغ تشاو غير معروف تقريبًا خارج صناعته على عكس زوكربيرغ، لكن المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة “بينانس”(Binance) البالغ من العمر 44 عامًا يستحق نفس المكانة التي يحظى بها رئيس شركة “ميتا” (META).
حسب تقديرات وكالة “بلومبيرغ”، وصل صافي ثروة تشاو إلى 96 مليار دولار. ومع أن هذا الرقم يتقلب كثيرًا في سوق العملات المشفرة -إذ إنه بحلول أواخر مارس/آذار كانت ثروته في حدود 74 مليار دولار فقط- فإنه لا يزال يعتبر أحد أغنى الأشخاص في العالم.
تشير الكاتبة إلى أن تشاو وصل إلى القمة في هذه الصناعة بسرعة البرق حتى بالمعايير التقنية، لقد أسس شركة “بينانس” من الصفر في عام 2017 لتصبح أكبر بورصة تشفير في العالم.
وتطرقت الكاتبة إلى طفولة تشاو الذي نشأ في قرية ريفية في مقاطعة جيانغسو الصينية، ويقول تشاو إن والده -وهو أستاذ جامعي- نُفي من مدينة أكبر بسبب ميوله البرجوازية. لكن حياة تشاو المتواضعة تغيرت بشكل كبير في عام 1989، بعد اندلاع انتفاضة طلاب ميدان تيانانمين والقمع العنيف الذي شنته الحكومة. في ذلك الوقت، كان والد تشاو طالب دكتوراه في فانكوفر الكندية، وقد استغلت والدة تشاو هذه اللحظة الفوضوية ووقفت مع أطفالها أمام القنصلية الكندية في بكين، وتناوبوا على الانتظار لمدة 36 ساعة للحصول على تأشيرات من أجل لمّ شمل الأسرة.
مثّل الانتقال إلى فانكوفر مصدر إلهام لتشاو البالغ من العمر 12 عامًا آنذاك. يقول تشاو: “شربت الحليب الطازج لأول مرة، وكانت سنوات دراستي في الثانوية رائعة”. وهو يذكر أنه شعر لأول مرة أن لديه مالًا ينفقه، حيث كسب 3.5 دولارات في الساعة مقابل تقليب الهامبرغر في أحد محلات ماكدونالدز، و12.6 دولارًا في الساعة مقابل تحكيم لعبة الكرة الطائرة، وكذلك عمل في مناوبات ليلية في إحدى محطات وقود “شيفرون”.
توضح الكاتبة أن تشاو أصبح مطور برمجيات من خلال التدريب، حيث أمضى سنوات في العمل في طوكيو ونيويورك وأسهم في بناء برنامج التداول الخاص بوكالة “بلومبيرغ” ثم عاد أخيرًا إلى الصين، حيث سمع عن “البيتكوين” في عام 2013 خلال لعبة بوكر مع أصدقائه.
وبناءً على اقتراحهم، باع تشاو شقته في شنغهاي واستثمر مليون دولار في العملات المشفرة. يتذكر دامينغ زهو، وهو أحد أصدقاء تشاو، “لم يفهم أحد منا ما كان يفعله تشاو عندما بدأت شركة “بينانس” لكنه كان مثابرًا جدًّا”. وقد استثمر زهو حوالي مليون رنمينبي (ما يقارب 157 ألف دولار) في شركة صديقه الناشئة، وهو يؤكد أن “هذا أفضل استثمار قمت به على الإطلاق”.
كان تداول البيتكوين في ذلك الوقت يستغرق أيامًا أو حتى أسابيع حتى يكتمل، ويتذكر تشاو “قلنا إننا سوف نختصر تلك الاستجابة، ونأمل أن تكون خلال ساعة”. ثم تجاوب التجار الأفراد “وتجار التجزئة” بحماس واكتظ الموقع بالمستخدمين مع صعود العملات المشفرة.
عندما سألت الكاتبة تشاو عن شعوره بأن يكون ثريًا بشكل لا يمكن قياسه، أجاب أنه لا يستطيع استيعاب حقيقة ذلك، حيث يقول “لقد تحولت من رائد أعمال إلى مالك عشرات المليارات”. ويشير إلى أنه اشترى بدلته قبل 4 سنوات مقابل 300 دولار، وكان يرتدي ساعة آبل، وحتى الفندق الذي التقيا فيه لا تتجاوز تكلفة الجناح فيه ألفي دولار.
يقول تشاو إنه مندهش من بعض الأسعار الضخمة للأصول الرقمية، وخاصة الرموز غير القابلة للاستبدال. وعندما قالت الكاتبة إن المستثمرين يبدون مجانين لإنفاق الملايين على الأعمال الفنية الرقمية، أضاف تشاو: “أوافقكِ الرأي، أعتقد أن الناس ربما فقدوا عقولهم”.
تطرق تشاو إلى الدور الحاسم الذي لعبته العملات المشفرة في دعم أوكرانيا، فقد جمعت حكومة كييف تبرعات بالعملات مشفرة تجاوزت قيمتها 65 مليون دولار لحملتها العسكرية ضد روسيا في شهر واحد فقط، والتي كان يستحيل جمعها من خلال المؤسسات المصرفية العادية.
لكن قرار تشاو بمواصلة التداول بالروبل الروسي تعرض لانتقادات حادة في أوكرانيا. ويقول مايكل تشوبانيان، مؤسس بورصة “كونا” (CONA) للعملات المشفرة في كييف، لموقع “كوين ديسك” (COIN Disc) الإخباري إن “الوقت قد حان ليتخذوا قرارهم، هل يريدون الاستمرار في دعم النظام أم يريدون الانضمام إلى العالم المتحضر؟”.
من جانبه، أصر تشاو على أن العديد من الأشخاص الأبرياء سوف يتضررون جراء تجميد جميع حسابات “بينانس” الروسية. وتؤكد منصة “بينانس” أن فريق الامتثال لديها فحص نحو 6 آلاف حساب، وأغلق حوالي 150 منها لصلاتهم بأفراد خاضعين للعقوبات.
يعيش العالم حاليا الحرب الأولى في عصر التشفير، الذي يُظهر بشكل فعلي جانبه المشرق والمظلم. ويقول تشاو إنه يفضل أن يكون متفائلًا ويرى أن تقنية البلوكتشين الأساسية للتشفير تمثل تطورا في سد فجوة التفاوتات في الخدمات المصرفية العالمية القديمة، وخلق بعض الشفافية في أزمة مثل أزمة أوكرانيا، مضيفا “هذه هي المرة الأولى في تاريخ البشرية التي يمكننا فيها الاتفاق بشكل جماعي والاحتفاظ بسجل، حيث لا يتحمل شخص واحد مسؤولية ما يحدث، وهذا الأمر له آثار عميقة”.