بوادر انقسام أوروبي بعد سماح واشنطن لكييف بضرب العمق الروسي
أثارت الأنباء المتواترة عن سماح الولايات المتحدة لأوكرانيا باستخدام الأسلحة الأميركية الصنع لضرب العمق الروسي ردود فعل متباينة بموسكو وفي دوائر القرار السياسي بالاتحاد الأوروبي.
فقد قال الكرملين، اليوم الاثنين، إن الضوء الأخضر الأميركي سيؤدي إلى زيادة التوتر وتعميق انخراط واشنطن في الحرب، مُتهما إدارة الرئيس جو بايدن بتأجيج الصراع.
كما كرر وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني موقف بلاده بشأن الأسلحة الموردة إلى أوكرانيا، مشددا على أنه “لا يمكن استخدامها إلا داخل الأراضي الأوكرانية فقط”.
وأعلن تاياني -على هامش اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل- أن “موقفنا بشأن استخدام أوكرانيا للأسلحة لم يتغير. لا يمكن استخدامها إلا داخل الأراضي الأوكرانية”.
في المقابل، عبّر مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل عن أمله في أن تتفق الدول أعضاء التكتل على السماح لكييف باستخدام الأسلحة المقدمة لها في تنفيذ ضربات داخل روسيا.
وقال -قبيل اجتماع وزراء الخارجية- “قلت مرارا إن أوكرانيا يجب أن تكون قادرة على استخدام الأسلحة التي قدمناها لها، ليس فقط في الدفاع بل وفي استهداف المهاجمين”.
وأضاف “ما زلت أرى أن هذا ما يتعين فعله. وأنا على يقين من أننا سنناقش الأمر مجددا. وآمل أن تتفق الدول الأعضاء على ذلك”.
صب الزيت على النار
وتقول روسيا للغرب منذ أشهر إن من شأن سماح واشنطن لكييف باستخدام أسلحتها لضرب العمق الروسي أن يزيد من خطر المواجهة مع حلف شمال الأطلسي (ناتو) الذي تقوده الولايات المتحدة.
وعند سؤال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف عما ذكرته وكالة رويترز وصحيفة نيويورك تايمز عن أن إدارة بايدن اتخذت قرارا يتيح لأوكرانيا شن هجمات بأسلحة أميركية في عمق الأراضي الروسية، أشار إلى أن هذه التقارير لم تستند إلى أي بيان رسمي.
وقال “إذا جرى بالفعل صياغة مثل هذا القرار ونُقل لنظام كييف، فهذه جولة جديدة من التوتر وموقف جديد نوعيا من ناحية تورط الولايات المتحدة في هذا الصراع”.
وأضاف أن الرئيس فلاديمير بوتين أوضح موقف روسيا بشكل قاطع عندما تحدث في سان بطرسبورغ في 12 سبتمبر/أيلول الماضي.
وقال بوتين حينها إن موافقة الغرب على مثل هذه الخطوة تعني “المشاركة المباشرة لدول حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة والدول الأوروبية في الحرب في أوكرانيا”، لأنه سيتعين استخدام البنية التحتية العسكرية للحلف ومشاركة قواته في تحديد الأهداف وإطلاق الصواريخ.
وقال بيسكوف “من الواضح أن الإدارة المنتهية ولايتها في واشنطن تنوي اتخاذ خطوات لمواصلة صب الزيت على النار ومواصلة إثارة التوتر حول هذا الصراع”.
وذكرت وكالة رويترز أمس -نقلا عن مسؤولين أميركيين ومصدر مطلع- أن إدارة بايدن اتخذت قرارا يتيح لأوكرانيا شن هجمات بأسلحة أميركية في عمق الأراضي الروسية.
كما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن إدارة بايدن اتخذت القرار ذاته.
وذكرت المصادر التي نقل عنها التقريران أن هذه الخطوة جاءت جزئيا ردا على وصول جنود كوريين شماليين إلى منطقة كورسك الروسية للمساعدة في صد توغل أوكراني.
زيارة تفقدية
ميدانيا، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اليوم أنه تفقد قواته التي تدافع عن مدينة بوكروفسك، وهي مركز لوجستي رئيسي للقوات الأوكرانية على الجبهة الشرقية والتي يقترب منها الجيش الروسي تدريجيا.
وقال زيلينسكي على تليغرام “زرت موقع اللواء 25 المجوقل الذي يدافع عن بوكروفسك. إنها منطقة متوترة”.
وأضاف “بفضل قوة الجنود لم يتم احتلال الشرق بالكامل من قبل روسيا”، في حين أن أقرب المواقع الروسية تبعد أقل من 10 كيلومترات عن هذه المدينة.
وتعد مدينة بوكروفسك، أحد أبرز أهداف القوات الروسية في هذا القطاع من الجبهة، ومركزا لوجسيتا مهما للجيش الأوكراني حيث تربط العديد من المواقع المحصنة في دونباس برا.
يشار إلى أن أوكرانيا تخضع للتحذيرات من الضربات والقصف منذ أسابيع خشية قيام روسيا بهجوم صاروخي كبير مع اقتراب الشتاء.
واستهدفت هجمات سابقة شبكة الكهرباء مما تسبب في انقطاع واسع النطاق للخدمة.
وتواجه القوات المسلحة الأوكرانية مهمة هائلة في الأيام والأسابيع المقبلة، حيث يتشكل هجوم مضاد من قبل موسكو في منطقة كورسك غربي روسيا، التي تحتلها القوات الأوكرانية جزئيا، فيما يعاني الجنود الأوكرانيون في الشرق قرب حافة إقليم دونباس من المزيد من الانتكاسات في شكل خسائر إقليمية.
وقال خبراء عسكريون غربيون وأوكرانيون، إن روسيا حشدت بالفعل نحو 50 ألف جندي للهجوم المضاد في كورسك، بما في ذلك أكثر من 10 آلاف مقاتل من كوريا الشمالية.