الدوحة- تسعى دولة قطر إلى حماية لهجتها المحلية باعتبارها حافظة لتراثها وتاريخها ورمزا لهويتها وأمجادها، وذلك عبر وسائل عدة كان آخرها مشروع “معجم قطر الثقافي” الذي تعكف على إعداده منذ 3 سنوات المؤسسة العامة للحي الثقافي (كتارا).

وقبل أيام، أعلنت كتارا أنها انتهت من تجهيز 4 أجزاء من معجم مفردات الحياة اليومية، ضمن مشروع “معجم قطر الثقافي” الثنائي اللغة، والذي يشتمل على عدة معاجم، هي: معجم البحر والبر، ومعجم الأمثال، ومعجم الحيوان، ومعجم الأطعمة ومتعلقاتها، ومعجم الملابس والمشغولات بجميع متعلقاتها.

 

ويشتمل المعجم على التأصيل اللغوي الفصيح لأسماء الأماكن والمواقع والمفردات المستخدمة جميعها في المجتمع القطري، من خلال الرجوع إلى أصل الكلمة في كتب فقه اللغة والمعاجم العربية القديمة والشعر العربي ومعجم البلدان والأماكن القديمة، وكذلك التحقيق اللهجي للنطق المحلي لأسماء الأماكن والمواقع، وتتبع التطور الذي طرأ على الأصل الفصيح، والتتبع الحضاري الثقافي للهجة القطرية الأصيلة.

شعار “معجم قطر الثقافي” (الجزيرة)

ويهدف “معجم قطر الثقافي” إلى حماية اللهجة القطرية بمفرداتها القديمة للأجيال القادمة، والحفاظ على المخزون القيمي للهجة القطرية التي تحمل مجموع القيم والعادات السائدة في المجتمع، حيث ترى كتارا أن ترقية اللهجة العامية ليست متنافية مع الحفاظ على اللغة العربية الفصيحة الأم لهذه اللهجة.

رصيد ثقافي علمي

ويتضمن معجم قطر الثقافي معلومات لغوية توضح الأصل اللغوي والتطور في اللهجة المحلية لهذا الأصل، كما يشتمل على الصور والرسوم البيانية والفهارس والملحقات المكملة.

وتهدف المؤسسة العامة للحي الثقافي (كتارا) من خلال مشروع معجم قطر الثقافي وما يرتبط به من بحث ودراسة، إلى تنمية الوعي الوطني بأهمية التراث الثقافي من خلال إرساء ثقافة متكاملة تربط كل معلم ومفردة قطرية بدلالاتها اللغوية والتراثية والثقافية، وربط جميع المعالم والأسماء القطرية بأصولها اللغوية الفصيحة وأبعادها في اللهجة والثقافة.

كما تسعى إلى إتاحة رصيد ثقافي علمي يبرز أصالة وجذور المفردات القطرية، وذلك بالغوص في أصول الأسماء في المعاجم اللغوية القديمة ومصادر التراث منذ 500 عام.

ويقول خالد عبد الرحيم السيد مدير الفعاليات والشؤون الثقافية في المؤسسة العامة للحي الثقافي كتارا، عضو اللجنة العليا لمشروع “معجم قطر الثقافي”، إن مشروع معجم قطر الثقافي يعد من أهم المشروعات التي اضطلعت بها كتارا منذ إنشائها  عام 2010 ، وذلك نظرا لارتباطه بجمع وتوثيق التراث الثقافي غير المادي لدولة قطر.

تدوين اللهجة المحلية

ويوضّح السيد -في تصريح للجزيرة نت- أن المشروع يشتمل على عدة معاجم، هي: معجم مفردات الحياة اليومية، ومعجم البحر والبر، ومعجم الأمثال، ومعجم الحيوان، ومعجم الأطعمة ومتعلقاتها، وكذلك معجم الملابس والمشغولات بجميع متعلقاتها، لافتا إلى أن جميع هذه المعاجم يجرى العمل على إعدادها في وقت واحد من قبل مختصين.

خالد السيد يقول إن معجم قطر هدفه تدوين اللهجة كتراث وطني شاهد على خصوصية المجتمع الثقافية والحضارية (الجزيرة)
السيد: معجم قطر يهدف لتدوين اللهجة باعتبارها تراثا وطنيا شاهدا على خصوصية المجتمع الثقافية والحضارية (الجزيرة)

ويشير إلى أنه تم إنجاز 4 أجزاء من معجم مفردات الحياة اليومية الذي يكتسب أهمية خاصة لكونه يتناول اللهجة القطرية، باعتبار أن التعبير الشفهي أو اللغة عموماً تعتبر أهم وسيلة للتعبير عن التراث الثقافي غير المادي، ولمعرفة الدول والشعوب بتراثها الثقافي، كما ينمي لديها الإحساس بهويتها والشعور باستمراريتها، ومن ثم يعزز احترام التنوع الثقافي والقدرة الإبداعية البشرية.

وأضاف عضو اللجنة العليا لمشروع “معجم قطر الثقافي” أن المشروع يهدف إلى تدوين اللهجة باعتبارها تراثا وطنيا شاهدا على خصوصية المجتمع الثقافية والحضارية، موضحا أنه من خلال هذا العمل يمكن تتبع الروافد الأخرى غير العربية التي غذت هذه اللهجة برصيد معجمي أثراها، بوساطة التواصل الذي ربط المجتمع القطري بالشعوب الأخرى في محيطها الجغرافي، وقد تبنى المعجم دراسة المفردة القطرية ببيان الأصل اللغوي والتطور اللهجي لهذا الأصل، والبحث عن جذور هذه المفردات في المعاجم العربية وتتبعها في الشعر والأدب.

وأشار السيد إلى أن المشروع يتبنى كلَّ السمات والمعارف والسلوكيات الاجتماعية للإنسان القطري، لاضطلاعه بجمع وتدوين كل المفردات اللهجية للمجتمع القطري بمعارفه ولغته وكيانه الاجتماعي، ووسائل التواصل بينه وبين الآخر.

أصول عربية للمفردات القطرية

كما نبه إلى أن معجم قطر الثقافي هو بمثابة موسوعة ثقافية شاملة للتعريف بالثقافة القطرية بكل معانيها وسماتها ومفرداتها، باعتبار أن الثقافة سلوك اجتماعي ونظام يتكون من مجموعة المعتقدات والمعارف والسلوكيات وعلاقة الإنسان بلغته وثقافته التي ظهرت في مختلف العلوم.

ويتفرد معجم قطر الثقافي بالبحث والتقصي في كل ما يخص الإنسان، باعتبار العلاقات بينه وبين لغته وسلوكياته الاجتماعية والتراثية، وإزالة الإبهام عن مفردات اللهجة القطرية. وأظهر البحث في مرحلة التأصيل والتجذير اللغوي والتراثي والاجتماعي أن أغلب المفردات القطرية توجد لها جذور في العربية الفصحى، ممتدة عبر العصور القديمة.

وتجدر الإشارة إلى أن معجم قطر الثقافي الذي يقوم على إعداده مجموعة من الكوادر الوطنية في تخصصات مختلفة، يشتمل على جميع الأماكن والمواقع في قطر، وأسماء الطيور، والأسماك والنباتات في البيئة القطرية، بالإضافة إلى الحِرف والمهن.

وإلى جانب احتوائه على معلومات لغوية توضح الأصل اللغوي، والتطور في اللهجة المحلية لهذا الأصل، فإنه مزود بمفردات صوتية بحسب اللهجة القطرية، ومعلومات جغرافية وتاريخية وسياحية وثقافية وأثرية عن كل مكان وموقع في الدولة، بما في ذلك المواقع البرية والبحرية وما تحتويه من معالم ومهن.

ومن المقرر أن يظهر المعجم في 3 أشكال: الأول منصة إلكترونية، والثاني تطبيق للهواتف الذكية مزود بخاصية نطق الأسماء والمواقع باللهجة المحلية، والثالث نسخة ورقية مطبوعة، كما أن هناك أبوابا من المعجم في شكل كتيبات مصورة للأطفال، وذلك لربطهم بتراثهم وبيئتهم القطرية.

المصدر : الجزيرة

About Post Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *