التغيير جزء لا مفر منه، ورغم ذلك لا يعد التأقلم وركوب موجات الحياة خلال صعودها وهبوطها المستمرين أمرا سهلا، ولكن مع حتمية هذه الموجات سيكون رفضها أو محاربتها أمرا غير مجد، ويجب تعلم المهارات اللازمة للقبول والتكيف.
وتختلف قابلية قبول التغيير والقدرة على التأقلم من شخص لآخر، إذ تتأثر بعدة عوامل. فما أسباب صعوبة قبول التغيير؟ وما الذي يمكنك القيام به لجعل هذه التحولات أكثر سلاسة وأقل إزعاجا؟
اضطراب منطقة راحتك
قد يتمثل التغيير في بعض التعديلات البسيطة، مثل تغيير موعد خلال يومك، أو قد يكون التغيير سبب حدوث اضطرابات كبيرة في حياتك، ويحتاج مجهودا كبيرا للتعرف على أبعاده والتأقلم على الوضع الجديد؛ مما يثير مشاعر القلق والاكتئاب.
ولا يقتصر الشعور بالاضطراب والقلق على التغييرات السلبية فقط، فحتى التغييرات الإيجابية التي نتحمس لها يمكن أن تكون محفزة للتوتر، إذ تحتاج أيضا إلى مواجهة تحديات غير مألوفة، وتدفعك خارج منطقة راحتك الخاصة.
ويتأثر الأشخاص الذين يتسمون بالحساسية النفسية المفرطة أكثر من غيرهم عند حدوث التغييرات، إذ يتأثرون بشكل أعمق بالمؤثرات الخارجية التي تحيط بهم، والداخلية مثل المشاعر والأفكار، وذلك نتيجة اختلاف تكوين جهازهم العصبي، ومع التغيرات الكبيرة يحتاجون وقتا أطول للملاحظة والتعرف على الوضع الجديد، ومحاولة التكيف معه.
آثار التغيير
تنتج عن التغيير في بعض الحالات آثار سلبية على الصحة الجسدية والعقلية. على سبيل المثال، قد تجد نفسك تعاني من أعراض، مثل:
- الشعور بالقلق والحزن
- تغيرات في الشهية واضطراب المعدة
- الانفعال وصعوبة التركيز
- ألم العضلات والصداع
- اضطراب النوم
وقد لا تستطيع التحكم أو إيقاف التغيرات التي تحدث، لكن يمكنك التحكم في استجابتك، وهذه بعض الإستراتيجيات الفعالة لتصبح أكثر مرونة، وتتأقلم مع التحولات بشكل أسهل وأسرع:
لا تصارع الأمواج
قبول حتمية التغيرات يخفف شعورك بالرفض والمفاجأة، وهو ما يؤثر على استجابتك لما يحدث، ويخفف تأثيره السلبي على صحتك الجسدية والعقلية والنفسية.
جهز نفسك
توفر التغيرات المرتقبة -مثل الانتقال إلى بيت جديد، أو تغيير الوظيفة أو السفر- فرصة لتهيئة نفسك لما ستعيشه، وتشعر بأن لديك سيطرة أكبر على ما سيحدث. وهناك خطوات يمكنك اتخاذها لتحضير نفسك وجعل التحولات أقل إرهاقا، مثل:
- إنشاء قوائم بالنقاط التي تحتاج إلى القيام بها.
- توفير المال لتجنب الضغوط المالية خلال المرحلة الانتقالية.
- مناقشة ما سيحدث في حالة الطوارئ مع المعنيين معك بالأمر.
انتبه لأنماط تفكيرك
تلعب طريقة تفكيرنا دورا رئيسيا في تعاملنا مع التغيير، فيمكن أن تقوض أنماط التفكير السلبي التلقائية قدرتك على قبول التحولات والتفكير بطريقة فعالة، كما تحجب الأفكار السلبية نظرتك للجوانب الإيجابية المحتملة في الحدث.
ولجعل تفكيرك أكثر إيجابية، هذه بعض الطرق:
- استخدام تقنية “إعادة الصياغة المعرفية”، التي من شأنها مساعدتك على تغيير هذه الأفكار السلبية، ورؤية المواقف والتغيرات من منظور جديد؛ بأسلوب أكثر واقعية وتفاؤلا، والتركيز أكثر على نقاط قوتك وقدراتك.
- لاحظ التشوهات المعرفية: هل تسيطر عليك أنماط إدراكية تزيد أفكارك سوءا، مثل: التفكير الكارثي أو التفكير الذي يعني “كل شيء أو لا شيء”.
- تحقق من أفكارك: ما مدى واقعية أفكارك؟ هل ما تخاف منه مبني على حقائق أم أوهام؟
كن لطيفا مع نفسك
الحديث الإيجابي مع النفس يعني استخدام لغة أكثر تفاؤلا داخل رأسك، والتركيز أكثر على ما يمكنك فعله بدل التركيز على ما تعجز عن فعله.
حافظ على الروتين
عندما تطرأ التغييرات على عالمك الخاص، فإن التمسك بروتين منتظم يمكن أن يكون وسيلة مفيدة لتقليل شعور فقدان السيطرة، والتعامل بشكل أفضل مع أعراض التوتر والقلق.
ويمكن أن توفر لك الأشياء البسيطة؛ مثل الذهاب إلى الفراش والاستيقاظ في الوقت نفسه، وممارسة نشاط بدني بانتظام؛ إحساسا بالاستقرار، حتى لو شعرت بأن جوانب أخرى من حياتك أقل قابلية للسيطرة والتوقع.
ابتعد عن وسائل التواصل الاجتماعي
خلال ما تمر به من تغيرات وإحساس بعدم الاستقرار، قد لا تساعدك مشاهدة حياة العشرات ممن حولك وهي تبدو ظاهريا مستقرة، لذلك سيكون من الأفضل الابتعاد عن وسائل التواصل الاجتماعي إذا بدأت في مقارنة حياتك بالآخرين.
وذكّر نفسك بأن معظم الأشخاص ينشرون فقط الجانب المضيء من حياتهم، وكل شخص لديه معارك يخوضها، هي فقط معارك مختلفة مع أشخاص مختلفين.
مارس الامتنان
تذكير نفسك بكل ما أنت ممتن لوجوده يساعدك على تعزيز الأفكار والمشاعر الإيجابية، إذ نميل تلقائيا للتركيز على النواقص في الحياة، وتجتر الأفكار السلبية المزيد من مثيلاتها، لذا يحميك الامتنان من السقوط في هذه الدوامة.
كما يساعد تذكر الأوقات السعيدة السابقة في الإيمان بأن هناك أشياء إيجابية دائما في الحياة.
اعتن بنفسك
التأقلم مع الأحداث المجهدة يصبح أسوأ بكثير عندما تكون مرهقا أو جائعا، لذا فإن التركيز على تلبية احتياجاتك الأساسية كتناول وجبة صحية أو الحصول على قسط من الراحة أو مجرد قضاء بعض الوقت للاسترخاء؛ يمكن أن يعيد بعض الشعور بالتوازن إلى حياتك.
ابحث عن الدعم الاجتماعي
الدعم الاجتماعي ضروري للصحة النفسية والعقلية، خاصة في أوقات الضغط والشعور بعدم الاستقرار، ويمكن للروابط الاجتماعية توفير المساعدة العملية والمعلومات اللازمة لمواكبة التغير، كالاستدلال على طريقة للحصول على شيء ما، أو تقديم المساعدة المعنوية، مثل التعاطف ومشاركة التجارب المشابهة.
وقد تحتاج للعلاقات الاجتماعية للحصول على دعم ملموس، مثل مساعدة جسدية فعلية في مهام الانتقال، أو مرافقة شخص يتحدث لغة البلد الجديد الذي انتقلت إليه لإنجاز بعض المهام.