يشعر أغلبنا بالغبطة تجاه الأشخاص الذي يتمتعون بذكاء حاد، ونعتقد أن حياتهم سهلة لأنه يمكنهم استخدام ذكائهم بشكل فعال وتحصيل النجاح الأكاديمي وفرص العمل التي لا حصر لها، مما يعني أيضًا المزيد من المال، ولكن هل تعلم أنه كلما ارتفع مستوى الذكاء زادت مخاطر الإصابة بالأمراض النفسية؟
وفي هذا التقرير الذي نشره موقع “ويب تكنو” (webtekno) التركي، قالت الكاتب بتول أوزدان إن الاكتئاب واضطراب القلق من أكثر الأمراض النفسية انتشارًا في الآونة الأخيرة، وهي ليست أمراضًا بسيطة على عكس ما هو شائع.
وفي ما يلي توضيح للعلاقة بين هذه الأمراض النفسية ومستوى الذكاء:
فقد أشارت الكاتبة إلى أن القلق شعورٌ نعايشه مرات عديدة عندما تسوء الأمور في حياتنا، بينما اضطراب القلق هو الشعور بالقلق بشكل مستمر من دون وجود سبب حقيقي.
ويعد الاكتئاب حالة مزاجية يشعر فيها الشخص بالحزن المستمر، ويفقد الاهتمام بالعديد من الأمور من حوله، ومن أنواعه الاكتئاب الوجودي الذي ينتج عن عدم القدرة على العثور على إجابات للأسئلة العميقة بشأن الحياة التي تنشأ أثناء البحث عن المعنى من هذا الوجود؛ وهنا بالتحديد تبدأ مشكلة الأشخاص الأذكياء.
وفي دراسة علمية اتضح أن الأشخاص الذين لديهم معدل ذكاء أعلى من 130 يكونون أكثر ميلًا للإصابة بالأمراض النفسية.
وأجريت هذه الدراسة لتحديد مدى قابلية إصابة الأشخاص الأكثر ذكاءً بالاضطرابات النفسية، بمشاركة 3715 عضوًا من جمعية “منسا” الدولية لأصحاب الذكاء العالي، وتعد أكبر وأقدم جمعية تضم الأفراد الموهوبين والمتفوقين بنسب ذكاء مرتفعة.
وذكرت الكاتبة أن نسبة لقاء شخص يعاني من القلق أثناء مشيك في الشارع أقل من 10%، بينما تصل هذه النسبة إلى 20% بين أفراد مجتمع “منسا” الأميركي.
ونتيجةً للاختبارات النفسية التي أجريت مع أفراد من هذه الجمعية، تبيّن أن 26.7% من المشاركين يعانون من اضطرابات نفسية، مثل الاكتئاب والاضطراب ثنائي القطب، وفي حين يشكل الأشخاص المصابون بمثل هذه الأمراض النفسية نحو 10% من المجتمع، فإن نسبة 26.7% لا يمكن الاستهانة بها.
لا يستطيع الأشخاص ذوو الذكاء العالي أن يظلوا في منأى عن العديد من الأحداث والمشكلات العميقة التي تواجههم في ما يتعلق بالحياة، وإلى جانب مشكلاتنا اليومية السطحية، تجدهم يتصارعون مع علامات استفهام مختلفة.
في هذه المغامرة التي تبدأ منذ الطفولة، فإن الأطفال الأذكياء يبدؤون منذ عمر صغير التفكير في أسئلة لا تخطر على بالنا نحن الأشخاص العاديين في صخبنا اليومي من قبيل: “كيف يضيف الإنسان معنى إلى العالم؟ ولماذا يقول الناس أشياء لا يقصدونها؟ ولماذا يفعل المنافقون مثل هذا الأمر؟”
وحتى لو أرادوا الحديث مع الآخرين من حولهم لملء الفراغات التي في أذهانهم، فإنهم لا ينالون الإجابات التي يتوقعونها، حتى أنهم يواجهون نظرات غريبة في معظم الأحيان. وعدم التوصل إلى إجابات شافية لأسئلتهم يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب الوجودي مع مرور الوقت.
ورغم أن الأشخاص الذين يتمتعون بمستوى ذكاء عال أكثر عرضةً للإصابة بالاكتئاب واضطراب القلق، فإن هذا لا يعني أن كل من يعاني من القلق أو الاكتئاب شخص حاد الذكاء.