قالت إيكونوميست (The Economist) إن قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) التي ستنطلق غدا الثلاثاء في العاصمة الإسبانية مدريد، ستكون أهم قمة يعقدها الحلف منذ أجيال.

وأفاد تقرير نشرته هذه المجلة البريطانية إلى أن قادة الناتو سيجتمعون غدا لإعداد التحالف لأيام قاتمة مقبلة، ونقلت عن ينس ستولتنبرغ (الأمين العام لحلف الناتو) قوله في مقابلة أجرتها معه إن هذا الاجتماع سيكون “قمة تحول”.

 

وأشار التقرير إلى أن الحلف يعكف حاليا على تحصين حدوده الشرقية، لكنه منقسم حول مدى الدعم والمشاركة في الحرب الدائرة في أوكرانيا.

وأبرز أن الناتو وضع تصورا إستراتيجيا جديدا ستتم المصادقة عليه في قمة مدريد، يعكس تغير أولويات الحلف، حيث يعتبر روسيا “التهديد الأكثر إلحاحًا لأمنه” خلافا للتصور الإستراتيجي الذي صادق عليه الحلف عام 2010 وينص على أن الناتو يريد أن يؤسس شراكة إستراتيجية حقيقية مع موسكو. لكن ذلك الأمل يبدو بعيد المنال الآن مع دخول الغزو الروسي لأوكرانيا شهره الخامس.

وقالت المجلة إنه رغم ما سبق، فإن هناك خلافات بين أعضاء الحلف حول مدى الدعم والمشاركة بالحرب في أوكرانيا، وماتزال هناك نقاط في التصور الجديد قيد التفاوض، مشيرة إلى أن دول الحلف التي تعتبر في معسكر الصقور -على حد تعبير كاتب التقرير- ومن ضمنها بريطانيا وبولندا ودول أوروبا الشرقية الأخرى- حريصة على إبقاء روسيا دولة منبوذة.

هذا الموقف يتعارض مع موقف إيمانويل ماكرون (الرئيس الفرنسي) الذي كرر التحذير خلال زيارة إلى كييف في 16 يونيو/حزيران الحالي من أن أوروبا ستضطر في النهاية إلى العودة للتعامل مع روسيا “إننا نحن الأوروبيين نتشارك قارة واحدة، والجغرافيا عنيدة حيث سيتضح نهاية الأمر أن روسيا ما زالت هناك”.

 

إستراتيجية “الردع من خلال المنع”

وأبرز تقرير إيكونوميست أن قمة مدريد ستشهد أيضا توقيع قادة الناتو على تغييرات كبيرة في الموقف العسكري للتحالف، موضحا أنه قبل عام 2014، لم يكن لدى أعضاء الناتو الشرقيين قوات أجنبية متمركزة في أراضيهم. لكن ذلك تغير بعد الغزو الروسي الأول لأوكرانيا الذي ضمت خلاله شبه جزيرة القرم، حيث نشر الناتو قوات مقاتلة متعددة الجنسيات في إستونيا ولاتفيا وليتوانيا وبولندا، وهي الدول التي اعتبرت حينها معرضة لتهديد أكثر خطورة.

وقالت المجلة إنه بالرغم من كون تلك القوات التي لا يتجاوز عددها نحو 5 آلاف جندي صغيرة جدًا ولا تستطيع وقف أي غزو روسي، فإن الهدف من نشرها هو أن مشاركتها في حرب من شأنها أن تؤدي إلى رد دولي أوسع بما في ذلك تعزيزات من الولايات المتحدة لطرد الغزاة.

وأشار التقرير إلى أن الحلف يعكف الآن على نشر 4 مجموعات قتالية أخرى في كل من بلغاريا والمجر ورومانيا وسلوفاكيا، الأمر الذي يعكس التهديد المتزايد جنوبًا حول حدود أوكرانيا وبالقرب من البحر الأسود.

ونقلت المجلة عن وزير الدفاع البريطاني بن والاس قوله في تصريح لوسائل الإعلام في وقت سابق من هذا الشهر “ليس لديك 60 يومًا لإحضار دباباتك إلى إستونيا، لأنه بحلول تلك المرحلة لن تكون هناك إستونيا بالنظر إلى ما فعله الروس في أوكرانيا”.

وقالت أيضا إن ما يقوم به الناتو الآن يدخل في إطار تبني إستراتيجية دفاع استباقية، تُعرف أحيانًا باسم “الردع من خلال المنع” تقوم على نشر قوات مقاتلة كافية شرقا لمنع الدبابات الروسية من اختراق حدود الدول الأوروبية في المقام الأول.

وأشارت إلى أن ينس ستولتنبرغ (الأمين العام لحلف الناتو) صرح بأن الحلف سيكشف النقاب خلال قمة مدريد عن حزمة مساعدات شاملة لمساعدة أوكرانيا “في الانتقال الأساسي من معدات الحقبة السوفياتية إلى الاعتماد على معدات الناتو”.

وأضاف ستولتنبرغ أن الحلف سيساعد أوكرانيا على تبني هياكل قيادة لامركزية بدلاً من نموذج القيادة الذي ورثته من الاتحاد السوفيتي، والذي أعاق الجيش الروسي خلال غزو أوكرانيا الأشهر الأخيرة.

وختمت المجلة تقريرها بالإشارة إلى أن المسار الذي يسير عليه الناتو الآن يمثل ضربة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي شن حربه الحالية على أوكرانيا لوقف وعكس اندماجها السياسي والعسكري مع الغرب.

المصدر : الصحافة البريطانية

About Post Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *