أكدت مها هلال الباحثة في مجال الإسلاموفوبيا في مقال لها بموقع “ميدل إيست آي” (Middle East Eye) أن التعذيب سيبقى “قيمة أميركية” ما دامت الإدارات الأميركية المتعاقبة عاجزة عن القيام بمساءلة حقيقية للمسؤولين، ولا تبادر لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتصحيح هذا المسار.

وأضافت مها هلال أن الإدارة الأميركية دائما ما تردد -مثلما يفعل الرئيس جو بايدن- أن التعذيب يتعارض مع القيم الأميركية، وتدعو لمحاسبة الدول الأخرى، لكنها لا تتخذ قرارات تنهي مسار التعذيب الذي يعد “ممارسة منهجية ودائمة”.

 

وتوضح الكاتبة أن منهج التعذيب ترسخ أكثر مع ما عرف بالحرب على الإرهاب، حيث مارسته الولايات المتحدة باسم حماية الأمن القومي في باغرام بأفغانستان والفلوجة وأبو غريب بالعراق، وفي مواقع اعتقال تابعة لوكالة المخابرات المركزية الأميركية في جميع أنحاء العالم.

 

تحقيق

وأضافت الكاتبة أن على واشنطن المسارعة إلى التحقيق في مناهج التعذيب الممارسة واتخاذ قرارات حاسمة بشأنها إذا كانت جادة في الشعارات الحقوقية التي ترفعها، ولا تكتفي بترديد تلك الأسطوانة السنوية عن الحقوق والحريات ورفض التعذيب، والتي أصبح الجميع يحفظها عن ظهر قلب.

وتحدثت عن حالة “أبو زبيدة” المعتقل في سجن غوانتانامو الذي ألقي عليه القبض عام 2002 بدعوى انتمائه لتنظيم القاعدة، وتعرض لبرنامج تعذيب ممنهج تمثل في إيهامه بالغرق 80 مرة، وإجباره على قضاء 11 يوما في صندوق بحجم تابوت.

وأضافت أنه على الرغم من اعتراف المسؤولين الأميركيين عام 2006 بأن “أبو زبيدة” لم يكن عضوا في تنظيم القاعدة، فإنه ما يزال محتجزا في غوانتنامو من دون أي أمل في الإفراج عنه، وذكرت أن إطلاق سراحه سيُعد خطوة جيدة من إدارة بايدن في طريق مكافحة التعذيب.

 

وجها لوجه

وأوضحت الكاتبة أن حكام البيت الأبيض اضطروا في مناسبات عدة للتعامل مع قضايا التعذيب وجها لوجه، مثلما فعل الرئيس السابق جورج بوش الابن مع قضية “أبو غريب” في العراق بعدما تحولت إلى فضيحة عالمية، حيث صرح حينها بأن “الشعب الأميركي فزع من إساءة معاملة المعتقلين في أبو غريب بالعراق. كانت أعمالا خاطئة وتتعارض مع سياساتنا وقيمنا كأمة”.

وتقول الكاتبة “لكن بوش لم يتحدث عن إصلاح الأضرار”، وركز -كغيره- على السرديات المعروفة حول “القيم الأميركية”. وعلى الرغم من كل الوثائق والأدلة التي تثبت منهج التعذيب في أبو غريب، فإن الإدانة شملت 11 جنديا فقط، ولا يوجد من ضمنهم مسؤول برتبة عسكرية كبيرة.

 

وقالت الكاتبة إن الرئيس السابق باراك أوباما نفسه تحدث في بيان صدر عام 2015 بمناسبة اليوم العالمي لدعم ضحايا التعذيب؛ عن أنه “لا توجد دولة كاملة”، وأن على الولايات المتحدة أن تواجه ماضيها وأخطاءها علانية، موضحا أنه أنهى برنامج الاعتقال والاستجواب التابع لوكالة المخابرات الأميركية ورفع السرية عن التفاصيل الرئيسية لذلك البرنامج. لكن -تتابع الكاتبة- أن عدم رفع السرية عن كل التفاصيل المرتبطة بذلك البرنامج معناه عدم محاسبة أي مسؤول.

وأضافت أن تصريح أوباما الذي قال فيه “يجب أن نتطلع إلى الأمام” يفهم منه أنه إغلاق لأبواب المساءلة القضائية بشأن التعذيب إلى الأبد.

المصدر : ميدل إيست آي

About Post Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *