خطوط أنابيب وتخزين واعتماد على الفحم.. ألمانيا تتحرك لمواجهة “محنة وشيكة” في إمدادات الغاز
توقع المستشار الألماني أولاف شولتز استمرار اتخاذ تدابير ضد نقص الطاقة حتى بعد الشتاء المقبل، ولم يستبعد وزيره للاقتصاد روبرت هابيك حدوث “محنة” وشيكة في إمدادات الغاز خلال الشتاء.
وقال شولتز، في رسالة عبر الفيديو نُشرت اليوم السبت، “نحن في هذه الأيام معنيون بأمن إمدادات الطاقة لدينا. سيكون الأمر على هذا النحو أيضا خلال الأسابيع والأشهر والسنوات المقبلة”.
وهذا ليس تحذير شولتز الأول، حيث دعا مواطنيه يوم الاثنين الماضي بالفعل للاستعداد لمواجهة أزمة طويلة الأمد ناجمة عن ارتفاع أسعار الطاقة.
وأكد شولتز في رسالته اليوم السبت أن الحكومة الألمانية اتخذت بالفعل العديد من القرارات في غضون فترة زمنية قصيرة حتى تكون ألمانيا مستعدة جيدا لنقص الطاقة، وقال “نبني خطوط الأنابيب ومحطات الغاز المسال. ونعمل على تخزين الغاز في الصهاريج المتاحة لدينا، كما نعمل أيضا على استخدام محطات الطاقة التي تعمل بالفحم الآن حتى نوفر الغاز”.
وفي المقابل، أوضح شولتز أنه من المهم على المدى الطويل الاستقلال عن استيراد النفط والفحم والغاز، وتوسيع حصة مصادر الطاقة المتجددة، وقال “نفعل ذلك عبر العديد من القوانين التي صدرت هذا الأسبوع”، موضحا أن هذا يحدث بوتيرة “لم نشهدها من قبل في ألمانيا”، وأشار إلى أن ألمانيا “ستكون دولة محايدة مناخيا، وأمة صناعية قوية اقتصاديا”.
وشبّه شولتز في رسالته ارتفاع الأسعار الحالي بأزمة التضخم التي حدثت في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، وقال إن حكومته وضعت حزمة مساعدات قيمتها 30 مليار يورو لمواجهة الأزمة، موضحا أن هذه الحزمة تتضمن إلغاء الرسوم الإضافية على الكهرباء، وخفضا حادا في أسعار تذاكر المواصلات العامة، وتقديم إعانات مدفوعة لمرة واحدة بقيمة 100 يورو لكل طفل و300 يورو لكل دافع لضريبة الدخل.
محنة وشيكة
من جانبه، توقع وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك حدوث “محنة” وشيكة في إمدادات الغاز خلال الشتاء المقبل، وقال في تصريحات لمحطة “دويتشلاند فونك” الألمانية الإذاعية اليوم السبت في إشارة إلى كميات الغاز المنتظرة من روسيا هذا العام “كل شيء ممكن. كل شيء يمكن أن يحدث. قد يتدفق الغاز مرة أخرى، حتى أكثر من ذي قبل. قد لا يأتي شيء على الإطلاق. وبصراحة علينا دائما الاستعداد للأسوأ والعمل قليلا لصالح السيناريو الأفضل”.
وذكر هابيك أن توفير الغاز وتخزينه وبيعه بالمزاد العلني للشركات من شأنه أن يحول دون حدوث “السيناريو الكابوسي” المتمثل في نقص الإمدادات.
وأضاف الوزير أن حدوث ذلك السيناريو “سيضع ألمانيا في محنة لم تمر بها منذ فترة طويلة… وهذا من شأنه أن يصل بالتضامن الاجتماعي إلى حدوده القصوى وربما إلى حد الإجهاد”.
قيود على استخدام الغاز
وتخشى ألمانيا نقصا في إمدادات الغاز الروسي الذي تحتاج إليه سواء لتأمين المياه الساخنة للمنازل أو تدفئة المكاتب أو حتى لتشغيل إشارات السير، ويتهيّأ البلد برمته بدءا بالبلديات وصولا إلى الشركات الكبرى لشتى أنواع القيود على استخدام الغاز.
وتعيش الحكومة الألمانية في حال تأهب مع اقتراب استحقاق جوهري هو الوقف التام لخط أنابيب الغاز “نورد ستريم” بسبب صيانة روتينية. ومن المتوقع أن يستمر التوقف 10 أيام لكن ألمانيا تخشى أن تقطع روسيا بشكل نهائي الإمدادات عبر هذا الأنبوب الذي يؤَمِّن قسما أساسيا من وارداتها.
وعمدت موسكو في الأسابيع الماضية إلى خفض صادرات الغاز عبر نورد ستريم بنسبة 60%، مشيرة إلى مشكلة فنية، فيما نددت برلين بقرار “سياسي”.
وأدى ذلك إلى تباطؤ عملية إعادة تشكيل احتياطات الغاز، وحذر كلاوس مولر رئيس الوكالة الفدرالية للشبكات “إذا لم نعد نتلقى إمدادات غاز من روسيا… فإن الكميات المخزنة حاليا لن تكفي سوى لشهر أو شهرين”. ودعا بالتالي إلى استباق الأمور لأن المستهلكين “سيصدمون حين يتلقون رسالة إلكترونية من مزودهم بالطاقة” تتضمن “زيادة بـ3 أضعاف” في الفاتورة.
وكانت الإمدادات الروسية تشكل في مطلع يونيو/حزيران 35% من واردات ألمانيا، مقابل 55% قبل الحرب في أوكرانيا. ولا يزال الغاز يؤمن أكثر من 50% من تدفئة المنازل.