عندما يشاهد المرء إحدى السيارات المزودة بنظام القيادة الآلية، يلاحظ تحرك مقود السيارة من تلقاء نفسه، ويشعر كأن هناك مجموعة من السحرة يتحكمون في السيارة، ولكن في حقيقة الأمر مجموعة من الأنظمة المساعدة المتطورة هي من تتحكم بالسيارة، وتستمد معلوماتها من مستشعرات تراقب محيط السيارة عن كثب.
وفي سيارة “مرسيدس بنز” (Mercedes-Benz) من الفئة “إس” (S) الجديدة، يتولى نظام المساعدة “درايف بايلوت” (Drive Pilot) قيادة السيارة بمفرده على الطرق السريعة حتى سرعة 60 كيلومترا في الساعة، ويعتمد هذا النظام -الذي يروج له على أنه مساعد للقيادة في الزحمة المرورية- على مجموعة من المستشعرات المختلفة.
وأوضح مدير تطوير أنظمة مساعدة السائق بشركة مرسيدس، غريغور كوغلمان، أن “السيارة لا تتولى زمام القيادة إلا في حالة استيفاء الظروف الخارجية”.
مقالات ذات صلة
- تحديث يمنح سيارات تسلا القدرة على تجنب الحفر والطرق الوعرة
- هذه أفضل 7 سيارات كهربائية عام 2022 من حيث المدى
- لوسيد تعلن عن تحديث جديد لأداء أغلى سياراتها الكهربائية
كاميرا ستريو
وتعد كاميرا “ستريو” (Stereo) من المستشعرات لنظام القيادة الآلية، وأوضح البروفيسور كريستوفر شتيلر، من قسم تقنيات القياس والتحكم بمعهد كارلسروه للتكنولوجيا (KIT)، أن هذه الكاميرا تشبه العين البشرية، ومع ذلك تحتاج السيارة إلى أكثر من مجرد عدستين للحصول على نظرة شاملة للنطاق المحيط بالسيارة.
وأكد البروفيسور الألماني أن كاميرات “ستريو” تشاهد ما تراه العين البشرية، مثل علامات حارات السير والألوان الخاصة بإشارات المرور واللافتات الإرشادية على الطريق، ولكن ما يعيب كاميرات “ستريو” أنها لا ترى لمسافة بعيدة جدا؛ حيث يبلغ الحد الأقصى لها 80 مترا، وتعد هذه المسافة قصيرة عند القيادة بسرعة عالية.
أنظمة الرادار
وتعد أنظمة الرادار أفضل من كاميرات الستريو عندما يتعلق الأمر بالرؤية على مسافات بعيدة، إلا أن هذه الأنظمة -حسب ما أوضحه البروفيسور الألماني كريستوفر شتيلر- لا تتعرف على الألوان الخاصة بإشارات المرور أو اللافتات الإرشادية على الطريق أو العلامات الخاصة بحارات السير، ويتم الاعتماد على أنظمة الرادار في السيارات منذ عام 2000؛ حيث يتم استخدامها على سبيل المثال في منظم السرعات المحافظ على مسافة الأمان.
وأضاف ماركوس لينكامب، بروفيسور هندسة السيارات في الجامعة التقنية في ميونخ (TMU)، أنه “يمكن لأنظمة الرادار قياس السرعات بصورة جيدة، وهي من التجهيزات المثالية للتعرف على الأجسام المتحركة”.
مستشعرات الليدار
وعلى عكس أنظمة الرادار، فإن طريقة عمل مستشعرات “الليدار” تبدو مستقبلية بعض الشيء؛ فلا يصدر عن هذه الأنظمة أي موجات ميكروويف، ولكنها تقوم بإرسال أشعة ليزر مجمعة، وبالتالي تقوم هذه المستشعرات بمسح النقاط الفردية في النطاق المحيط بالسيارة، وتقاس المسافة من خلال قياس الوقت المستغرق بين عملية الإرسال والاستقبال.
وتنشئ أنظمة “الليدار” صورة من هذه الانعكاسات الكثيرة؛ حيث تجمع حوالي مليون بيكسل في الثانية، ومن خلال ذلك يتم إنشاء سحابة نقطة ثلاثية الأبعاد (3D)، التي تعرض المنطقة المحيطة بدقة أعلى من صورة الرادار، وتتمكن أنظمة الليدار من تصوير الأجسام المعقدة وتمييز المشاة عن السيارات في حركة المرور.
وتتعرف مستشعرات الليدار على العلامات الخاصة بحارات السير عن طريق الانعكاسات بشكل محدود، ولكنها لا تتعرف على الألوان الخاصة بإشارات المرور على الإطلاق.
وأضاف البروفيسور الألماني كريستوفر شتيلر أن “الميزة الرئيسية لمستشعرات الليدار تتمثل في التعرف على المشاة بشكل مبكر، الذين يصدر عنهم انعكاسات قليلة على العكس من السيارات أو راكبي الدراجات النارية”.
وعادة ما يشتمل كل نوع من أنواع المستشعرات على مزايا وعيوب، ولكن عند الجمع بين هذه الأنواع من المستشعرات فعندئذ يمكن توفير وظائف القيادة الآلية.
وتستقر مستشعرات “الليدار” في مقدمة سيارة مرسيدس لعرض النطاق المحيط بالسيارة بشكل ثلاثي الأبعاد، إضافة إلى وجود رادار لقياس السرعة ومسافة الأمان بين السيارة والمركبات التي تسير أمامها كما توجد كاميرا “ستريو” على الزجاج الأمامي لالتقاط الصور الضوئية وتتمكن الكاميرا المثبتة في مقصورة القيادة من التعرف على مدى انتباه ويقظة قائد السيارة حتى لا يغفو أثناء القيادة.
وركبت الشركة الألمانية مستشعرا في مبيت العجلات من أجل التعرف على هطول الأمطار على الطريق أثناء السير؛ نظرا لأنه في حالة هطول الأمطار بغزارة يتعين على قائد السيارة تولي زمام القيادة، وعلى سطح السيارة يوجد هوائي حساس ينقل موقع السيارة بدقة اعتمادا على خرائط فائقة الوضوح.
مستشعرات فوق صوتية
وبالنسبة للنطاق القريب من السيارة، فإن المستشعرات فوق الصوتية تتعرف على إذا كان هناك أشخاص بالقرب من السيارة، مثل الأطفال الذين يلعبون حولها وتتعرف الكاميرا المركبة على الزجاج الخلفي والميكروفونات على الضوء الأزرق وسيارات الطوارئ، وذلك للتأكد من أن السيارة -مثلا- لا تسير في حارة السير المخصصة للطوارئ في المواقف الطارئة.
وصرح المكتب الاتحادي للسيارات بهذه الوظيفة الجديدة لشركة مرسيدس منذ ديسمبر/كانون الأول 2021، باعتبارها أول شركة يصرح لها بهذه الوظيفة التي تتوافق مع المستوى الثالث (Level 3) من وظائف القيادة الآلية المصنفة إلى 5 مستويات، وتوفر الشركة الألمانية هذه الوظيفة ضمن باقة التجهيزات الاختيارية لسيارتها من الفئة “إس” بتكلفة تبلغ 5950 يورو.
ويتوقع بروفيسور هندسة السيارات، ماركوس لينكامب، أن تتجهز جميع السيارات مستقبلا بمستشعرات القيادة الآلية، ومع ذلك لن تتغير المستشعرات في السيارات ذات المستوى الرابع (Level 4) المزودة بوظيفة “القيادة الأوتوماتيكية بالكامل” ولكن التغييرات ستطرأ على الخوارزميات وبرمجيات الأنظمة التي ستتولى عملية القيادة على الطرق السريعة بشكل دائم.