سُجلت مئات الوفيات جراء موجة الحر الشديد التي تضرب إسبانيا والبرتغال، وجرى إجلاء آلاف الأسر في فرنسا وإسبانيا والبرتغال، ودمرت الحرائق الناتجة عن الحرارة المرتفعة مساحات واسعة من الغابات في دول جنوب أوروبا، وأعلنت السلطات البريطانية حالة الطوارئ لأول مرة في عموم أنحاء البلاد بسبب موجة الحر.
ففي إسبانيا، تفيد إحصائيات معهد “كارلوس الثالث” الصحي أن موجة الحر أودت خلال أسبوع بحياة 360 شخصا، في حين قالت وزارة الصحة البرتغالية إن 238 شخصا لقوا حتفهم نتيجة موجة الحر بين السابع من يوليو/تموز الجاري و13 من الشهر ذاته، معظمهم من كبار السن الذين يعانون من أمراض مزمنة.
وقالت السلطات في إقليمي “نوفيل-آكيتين” و”لاجيروند” جنوب غربي فرنسا إنها أجلت أكثر من 12 ألفا و200 شخص من المنطقة المتضررة من اندلاع حرائق الغابات بحلول صباح اليوم السبت، في حين يحاول أكثر من ألف من رجال الإطفاء السيطرة على الحرائق التي أتت على نحو 100 كيلومتر مربع في إقليم “لاجيروند”.
وفي إسبانيا المجاورة، يكافح رجال الإطفاء لإخماد 17 حريقا في الغابات بعد أيام من ارتفاع درجات الحرارة على نحو غير معتاد، إذ بلغت 45.7 درجة مئوية.
وقالت أجهزة الطوارئ في منطقة “ميخاس” (جنوب شرق) قرب البحر المتوسط صباح اليوم السبت إن أكثر من 3 آلاف شخص أُجلوا من منازلهم في المنطقة بسبب حريق غابات كبير بالقرب من البلدة الواقعة في إقليم مالقة، ومن المقاصد الشهيرة للسائحين الأوروبيين.
كما اشتعلت النيران في أجزاء من منطقة إكستريمادورا، بالقرب من حدود إسبانيا مع البرتغال، حيث انتشر أفراد من وحدة الطوارئ العسكرية الإسبانية للمساعدة في التصدي لألسنة اللهب.
وفي البرتغال، رفعت السلطات أمس الجمعة مستوى التحذير إلى الأحمر في 5 مناطق بالوسط والشمال، وبقيت البلاد بأكملها تقريبا تحت التحذير من اندلاع حرائق غابات مع مكافحة أكثر من ألفي رجل إطفاء 4 حرائق. وفي وقت متأخر من أول أمس الخميس، قالت السلطات البرتغالية إن شخصا قُتل وأصيب 60 آخرون وأجلي نحو 900 شخص من منازلهم بسبب الحرائق.
وسجلت البرتغال أول أمس أعلى درجة حرارة في يوليو/تموز الجاري، ووصلت إلى 47 درجة مئوية.
ورفعت وكالة الأمن الصحي في بريطانيا تحذيرها من تأثير الحرارة على الصحة من المستوى الثالث إلى الرابع، وهي “حالة طوارئ وطنية”.
وقالت الوكالة إن الوصول إلى المستوى الرابع يكون “عندما تكون موجة الحر بالغة الشدة، و/أو تكون ممتدة بحيث تمتد آثارها إلى خارج نظام الرعاية الصحية والاجتماعية”، محذرة من وقوع مرض ووفيات بين الأصحاء وليس فقط في صفوف الفئات الأكثر ضعفا.
وحذرت مستشفيات المملكة المتحدة من زيادة في حالات الدخول المرتبطة بارتفاع درجات الحرارة، وطلب مشغلو القطارات من الركاب توقع إلغاء رحلات، وقال مكتب الأرصاد الجوية إن هناك قلقا من مخاطر متزايدة على حياة الناس في ظل درجات حرارة غير مسبوقة تلامس الـ40 درجة مئوية لأول مرة بدءا من بعد غد الاثنين وحتى الخميس المقبل.
وأصدرت هيئة الأرصاد الجوية الأيرلندية تحذيرا وطنيا بشأن الطقس أيام الأحد والاثنين والثلاثاء مع توقع “طقس دافئ بشكل استثنائي”، ودرجات حرارة نهارا تتراوح بين 25 و30 درجة.
وقالت السلطات البلجيكية إنها تتوقع أيضا درجات حرارة أعلى بكثير الأسبوع المقبل، مع توقع ارتفاع محتمل عند 38 درجة مئوية في بعض أجزاء البلاد الثلاثاء المقبل.
وتقول فريدريكه أوتو المحاضرة بجامعة “أمبريال كوليدج” في لندن إن “التغير المناخي يقود هذه الموجة من الحرارة، تماما كما يقود كل موجة حر الآن”، وأضافت “انبعاثات الغازات الدفيئة الناتجة من حرق الوقود الأحفوري مثل الفحم والغاز والنفط تجعل موجات الحرارة أكثر سخونة، وتستمر لفترة أطول وأكثر تعاقبا”.