قالت صحيفة واشنطن بوست (Washington Post) الأميركية إن موجات الحر المستمرة التي يشهدها العالم الآن، تعطي صورة مصغرة لما سيحدث في المستقبل إذا استمر الاحتباس الحراري دون جهود لكبحه.
وحذّرت الصحيفة في افتتاحيتها من أنه حتى لو تمكن العالم من إبقاء ارتفاع درجات الحرارة العالمية تحت 1.5% -وهي العتبة التي يعتقد العلماء أنه لا ينبغي أن تتجاوزها- فإن الأحداث المناخية القاسية التي سيعيشها الناس سيتضاعف عددها 4 مرات تقريبا عما هي عليه الآن، وفقا للجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة.
فيما سيكون ارتفاع درجات الحرارة بنسبة أكبر من 1.5% كارثيا، وستترتب عليه تداعيات لا يمكن تصوّرها من بينها المجاعة والأمراض والهجرة وتدني مستويات الإنتاجية والمعيشة حول العالم.
وأشارت واشنطن بوست إلى أن موجات الحرّ المرتفع تسببت هذا الصيف -وخلال السنوات الماضية- في العديد من الأحداث المناخية الدرامية في الولايات المتحدة وشتى أنحاء العالم. ففي ولاية تكساس الأميركية، على سبيل المثال، أجبرت درجات الحرارة القياسية الشركة التي تشغّل شبكة الكهرباء في الولاية على تحذير السكان ومطالبتهم بخفض استخدام الطاقة أو مواجهة خطر انقطاع التيار الكهربائي. وقد أصدرت السلطات الأميركية تحذيرات لنحو 35 مليون شخص من سكان الولايات المتحدة، بسبب الارتفاع المفرط لدرجات الحرارة في البلد.
كما تشهد أوروبا الغربية أيضا موجات حرّ شديدة، حيث تشهد إسبانيا موجة حرّ هي الثانية في أقل من شهر واحد، وقد أصدرت المملكة المتحدة أول تحذير في تاريخها من موجة “حرّ شديدة” تضرب البلاد، وواجهت إيطاليا ارتفاعا في درجات الحرارة وجفافا طال أمده، كما أدى انهيار جليدي منسوب إلى تغير المناخ إلى وفاة 11 شخصًا في وقت سابق من هذا الشهر.
وفي الصين، أصدرت 86 مدينة على الأقل تحذيرات من الحرارة المرتفعة، كما فتح المسؤولون في مدينة نانجينغ ملاجئ كانت مخصصة للاختباء من الغارات الجوية، للسكان المحليين الهاربين من الحر الشديد.
وحذرت الصحيفة الأميركية من الآثار الكارثية البعيدة المدى لهذه الأنماط المناخية، وقالت إن موجات الحرّ الشديد تشكل تهديدًا خاصًا لإمدادات الغذاء العالمية، التي تتعرض الآن لضغوط ناجمة عن الغزو الروسي لأوكرانيا.
كما أشارت إلى أن ارتفاع درجات الحرارة يتسبب في ظهور العديد من المشكلات الصحية، ويرتبط بارتفاع معدلات الجريمة والقلق والاكتئاب. وقد قدّر تحليل أجراه المجلس الأطلسي (the Atlantic Council) عام 2021، أن انخفاض مستوى إنتاجية العمال بسبب الحرارة الشديدة يكلّف الاقتصاد الأميركي 100 مليار دولار سنويا، وهو رقم يمكن أن يتضاعف بحلول عام 2030.
وختمت واشنطن بوست بأن خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري والانتقال إلى اقتصاد أكثر خضرة بالنطاق والوتيرة اللازمين، سيتطلب قدرا معتبرا من الإبداع والابتكار والشجاعة السياسية. لكن تكلفة الفشل في تحقيق ذلك ستكون أكثر صعوبة، إذ تعني أن بانتظارنا مستقبلا تصبح فيه الكوارث المناخية وكل الأضرار المترتبة عليها وعدم الاستقرار المصاحب لها، هي الوضع الطبيعي الجديد في شتى أنحاء العالم.