من الممكن أن يكون الركود العالمي قادما؛ حيث تراجعت أسواق السلع بسبب انخفاض الطلب؛ كما تواجه أوروبا احتمالية ما أسماه أحد الاقتصاديين “العلاج بالصدمة الكربونية” لأسعار الطاقة المرتفعة، وأخيرا وليس آخرا، يبقى التأثير النهائي للمعدلات الأعلى غير معروف.
ونشرت صحيفة “فايننشال تايمز” (Financial Times) الأميركية مقالا قالت فيه إنه لا داعي للقلق؛ فقد ينقذنا استهلاك الأسر؛ حيث سيتم الاعتماد عليهم باعتبارهم ممتصي الصدمات الأساسيين في أيامنا هذه، فالقدرة على تحمل العبء الأكبر للدخل الحقيقي تنخفض بسبب التضخم بينما يتم الإنفاق أيضا لتجنب الركود.
وأضافت الصحيفة أن الوسيلة لتحقيق هذه الرؤية هو إنفاق ما أصبح يعرف باسم المدخرات الوبائية. فخلال جائحة كورونا؛ أصبحت الفجوة بين الاستهلاك والدخل واسعة جدا خاصة في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
ويفترض معظم الاقتصاديين -بحسب الصحيفة- أنه مع انخفاض الدخل الحقيقي، ستكون الأسر قادرة على الحفاظ على إنفاقها من خلال الاستفادة من هذه المكاسب المفاجئة للوباء.
وأعطت الصحيفة مثالا بالبيان الصادر عن مكتب الميزانية بالكونغرس، الذي يقول: “بحسب توقعات مكتب الميزانية في الكونغرس، فإن المبالغ الكبيرة من المدخرات المتراكمة وصافي ثروة الأسرة المرتفعة يدعمان إنفاق المستهلكين في المستقبل”.
ويضيف البيان “لقد ارتفعت المدخرات الشخصية إلى مستويات عالية خلال الوباء، وذلك لأن الدعم المالي الذي قدمته الحكومة للعديد من الأسر عوّض الانخفاض في الدخل ولأن العديد من الأسر خفضت نفقاتها. وتشير الأرصدة الكبيرة، مثل الودائع في الحسابات الجارية أو حسابات سوق المال، إلى أن بعض الأسر تخطط لإنفاق الكثير من تلك المدخرات المتراكمة خلال فترة قصيرة نسبيا”.
ذكرت الصحيفة أنه ليس من الجيد أن يكون لديك هذا الافتراض عندما يتعلق الأمر بتوقعات النمو في الولايات المتحدة، بل إنه أمر ضروري؛ حيث يمثل الاستهلاك ثلثي الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة، وتوضح أحدث التوقعات الصادرة عن مكتب الميزانية في الكونغرس أن الأسر يجب أن تنفق إذا كان الاقتصاد الأميركي سيبقى بعيدا عن الركود.
ويعتبر هذا المثال قصة مماثلة لما يحدث في المملكة المتحدة؛ ففي أحدث توقعاته ربع السنوية، قام المعهد الوطني للبحوث الاقتصادية والاجتماعية بتجنيب الاقتصاد البريطاني من الوقوع في الركود من خلال تعزيز عادات الإنفاق الجيدة للأسرة البريطانية.
تقول الصحيفة إن المشكلة التي تنتظر الحل هي ما إذا كانت الأسر في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ستفي بالفعل بوعدها كممتصي للصدمات التضخمية وآخر ملاذ نلجأ له من أجل الإنفاق؛ حيث تكشف أحدث الأرقام ربع السنوية أن تقارير الولايات المتحدة والمملكة المتحدة قد تكون مختلفة تمامًا.
وخلال الوباء، تم الحفاظ على الدخل في المملكة المتحدة من خلال نظام الإجازات المؤقتة المدفوعة بجانب ادخار إضافي بسبب إنفاق الأسر القليل خلال فترات إغلاق كوفيد، بينما كان الوضع في الولايات المتحدة مختلفا؛ حيث أدت الشيكات الحكومية إلى حدوث ارتفاعات كبيرة في الدخل والتي قطعت شوطًا طويلاً نحو خلق فائض في الادخار.
ومع مرور الوقت؛ تنفق الأسر الآن من جديد أكثر أو أقل مما تكسبه في كلا البلدين، ومع ذلك؛ بدأ الاستهلاك يفوق الدخل المتاح في الولايات المتحدة، وإذا استمر هذا المسار، فقد يكون علامة على إنفاق مدخرات الوباء الأميركية.
وترى الصحيفة أنه لا توجد علامات على هذا حتى الآن في المملكة المتحدة لكن لا يزال هناك أمل؛ حيث تشمل أحدث الأرقام تأثير متحور أوميكرون وستظهر صورة أوضح بلا شك بمجرد إصدار أرقام الربع الثاني.
ومهما كانت النتيجة النهائية تقول الصحيفة- فإن التوقعات المرجوة من الأسر جديرة بالملاحظة ويجب أن نأمل جميعا في أن يكونوا على مستوى المهمة.