بعد تخصيص ميزانية لتنمية المناطق الفقيرة في العراق.. هل تتحسن أوضاع الفقراء؟
كشفت وزارة التخطيط العراقية عن تنفيذ مشروع تنموي بدعم من الصندوق الاجتماعي للتنمية، بهدف توفير الخدمات الأساسية لسكان المناطق الفقيرة في عموم البلاد، بمساندة فرق الحشد المجتمعي بكل محافظة.
وبيّنت الوزارة أنها باشرت العمل في 60 مشروعا شملت 3 محافظات حتى الآن، في مرحلة أولى، وتتمثل الخدمات في إنجاز مشاريع للماء والكهرباء والمدارس والطرق وغيرها.
الحشد المجتمعي
وعن طبيعة مهام الحشد المجتمعي، يبين المتحدث باسم وزارة التخطيط، عبد الزهرة الهنداوي، أنه فريق مجتمعي تم تشكيله من كوادر وزارة التخطيط في المحافظات، على أن يكون ضمن أعضائه أحد أبناء المنطقة المشمولة بالمشروع التنموي، ويقوم الحشد المجتمعي بعقد لقاءات موسعة مع أبناء القرى وأخذ آرائهم، ثم تجري عملية مناقشة المشاريع واختيارها وفقا لأصوات أبناء المنطقة نفسها.
ويلفت الهنداوي إلى أن الهدف من هذه الفكرة هو تثقيف وتوعية تلك المناطق بالآليات التي يمكن اعتمادها في اختيار المشاريع، وتنبيههم إلى الأهمية الحيوية لتلك المشاريع، فيتم اختيار المشروع وفق أولوية احتياج كل منطقة.
ويعرب عن اعتقاده أن هذه الآلية تشجع الناس على المشاركة الحقيقية والمحافظة على هذه المشاريع وديمومتها؛ لأنهم أساسا هم من يختارها ويشاركون في عملية التنفيذ كأيدي عاملة، حيث وفرت المرحلة الأولى التي دشنت 60 مشروعا، أكثر من ألف فرصة عمل لأبناء تلك القرى، وكانت هناك فرحة كبيرة لدى أبناء تلك المناطق المحرومة.
ووقع اختيار الحشد المجتمعي في المرحلة الأولى من المشروع على 29 قرية في 3 محافظات (المثنى وصلاح الدين ودهوك)، وشملت بناء مدارس ومراكز صحية ومد خطوط كهرباء وشبكات مياه وتعبيد طرق، وفق الهنداوي.
ويؤكد أن هذا المشروع سيشهد توسعا لا بأس به خلال السنوات المقبلة، وهذا التوسع سينعكس إيجابا على المناطق العراقية الفقيرة بوجه عام.
معالجة الفقر
من جانبه، يلفت الخبير المالي والاقتصادي الدكتور صفوان قصي عبد الحليم إلى أن معدل الفقر تفاعل في البيئة العراقية نتيجة أسباب خارجية ترتبط بالحرب الأوكرانية الروسية وتغير الأسعار العالمية والتضخم العالمي.
ويضيف عبد الحليم -للجزيرة نت- أن هناك أسبابا داخلية فاقمت مشكلة الفقر، منها انخفاض قيمة الدينار العراقي، وتراكمات فشل السياسة الاقتصادية بالسنوات السابقة، لأنها ركزت على الإنفاق الاستهلاكي بعيدا عن الإنفاق الاستثماري.
ويؤكد الخبير الاقتصادي أن معالجة البطالة والفقر تتطلب إعادة تأهيل الشباب العراقي من حيث التدريب وإكسابهم مهارات، لكي يستطيعوا العمل في بيئة المنافسة الدولية.
ويعرب عن اعتقاده أن تتبع حركة الأموال الداخلية والخارجية ستسهم في استرداد جزء من الأموال التي استطاع الفاسدون اقتناءها في السنوات السابقة، ويتم ذلك بالتعاون مع شركات التدقيق العالمية، لكي تتوفر إيرادات جديدة من هذه الأموال، قد تسهم إلى جانب ارتفاع أسعار النفط في تحريك الملف الاستثماري.
ويبين عبد الحليم أن العراق لديه طاقات غير مستغلة في كل القطاعات، لذا فإن تفعيل هذه النافذة سيسهم في زيادة قدرة العراق على التنويع الاقتصادي وتشغيل العاطلين، والتحول نحو اقتصاد مستدام لا يقتصر على النفط فقط.
ضرورة الشفافية
بدوره، يشكك الناشط وائل الطائي في أن يحقق هذا المشروع نتائج بالمستوى المطلوب، لا سيما أن العراق في المراتب الأخيرة في مستوى الشفافية، إذ إن كثرة الفساد في مفاصل الدولة أدت إلى تراجع مستوى الخدمات.
ويبيّن الطائي للجزيرة نت أن بناء المدراس من أهم أسباب نجاح هذا المشروع، لأنها ستقوم على تشغيل الأيدي العاملة، وكذلك توظيف الخريجين، والعمل على محو الأمية. وفي ما يتعلّق بملف الماء والكهرباء، فهذا الموضوع يخص سياسة الدولة وتعاملاتها.
ويشير الناشط إلى أن المواطن العراقي شهد كثيرا من الحكومات المتتالية بعد عام 2003، ولكنه إلى الآن لم يجد حكومة تُلبي أبسط متطلباته، ولذا فإنه لم يعد يثق بأي مبادرة، وإن كان هنالك جديد فيجب على الحكومة أن تبدأ به وتنتهي بنتائج جيدة وطموحة للمواطن، فهذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكن أن تعيد ثقة المواطن بالمشاريع الحكومية.
ويحذر الطائي جميع الجهات المسؤولة عن هذا المشروع من مغبة ضياع أمواله، مشددا على ضرورة بذل جهود حقيقة ومكثفة من الحكومة على أرض الواقع لتنفيذ هذه المبادرة بكل شفافية، حتى يلمس المواطن وجود تغيير حقيقي نحو الأفضل.