توقع البنك المركزي البريطاني أن تصل معدلات التضخم إلى 13.3% بحلول أكتوبر/تشرين الأول القادم (الفرنسية)

توقع البنك المركزي البريطاني أن تصل معدلات التضخم إلى 13.3% بحلول أكتوبر/تشرين الأول القادم (الفرنسية)

لندن- يضع البريطانيون أيديهم على قلوبهم وهم يشاهدون النشرات الحمراء التي بات البنك المركزي يصدرها، محذرا من إمكانية وصول مستوى التضخم إلى 15%، ودخول البلاد في حالة ركود، بالتوازي مع ارتفاع غير مسبوق في تاريخ البلاد بأسعار الطاقة.

وأعلن “البنك المركزي البريطاني” (Bank of England) عن رفع معدل الفائدة إلى 1.75% بزيادة 0.5% عن المعدل السابق، وهي أعلى زيادة منذ سنة 1997 عندما حصل البنك المركزي على استقلاليته من الحكومة.

 

وقدم البنك المركزي أرقاما صادمة عن مستوى التضخم في البلاد، حيث توقع أن تصل إلى 13.3% بحلول أكتوبر/تشرين الأول المقبل و15% بداية العام القادم، وأن تستمر على هذا النحو المرتفع طيلة سنة 2023، قبل أن تتراجع إلى 2% بحلول سنة 2025.

ويحدث كل هذا مع توقعات عدد من المراكز الاقتصادية بدخول البلاد في حالة ركود بداية من نهاية هذا العام إلى نهاية 2023.

ويبرر البنك المركزي قراره رفع معدل الفائدة بالرغبة في التحكم بمعدل التضخم، ويلقي باللائمة على الحرب الروسية في أوكرانيا، التي أدت لارتفاع في الأسعار لم تشهده البلاد منذ 40 عاما، كما أدت لانخفاض مستوى المعيشة بنسبة 5% وهو أعلى معدل منذ 70 سنة.

3 أسباب

ويحدد البنك المركزي في ورقة بحثية له، بأن السبب الرئيسي للتضخم هو ارتفاع أسعار فاتورة الطاقة، حيث من المتوقع أن تصل إلى ما يعادل 5 آلاف دولار سنويا، وهو أعلى رقم تم تسجيله في تاريخ البلاد.

 

ويقول البنك المركزي إن الحرب في أوكرانيا أدت لارتفاع أسعار الغاز، فمنذ مايو/أيار الماضي ارتفعت أسعار الغاز بمقدار الضعف، ويتوقع المركزي البريطاني أن يؤدي ذلك لرفع معدل التضخم لأكثر من 13%.

السبب الثاني من وجهة نظر المؤسسة المالية البريطانية هي ارتفاع أسعار البضائع والمنتجات، القادمة من الخارج، حيث رصد البنك المركزي ارتفاعا قياسيا للطلب وعملية الشراء خلال فترة وباء كورونا بسبب حالة الهلع، ثم حدثت أزمة الخلل في سلاسل التوريد مما أدى لارتفاع الأسعار.

السبب الثالث مرتبط بوباء كورونا أيضا، وهو وجود عدد من مناصب العمل الشاغرة، حيث إن عددا قليلا فقط من العمال كان يبحث عن العمل مباشرة بعد الوباء، خصوصا في بريطانيا والولايات المتحدة، وكانت المساعدات الحكومية سخية بشكل جعل العمال يبتعدون عن العمل لفترة، وعند عودتهم أصبح العاملون يشترطون أجورا مرتفعة، وما كان من أصحاب الشركات إلا أن رفعوا أجور العمال، ما أدى لارتفاع كلفة الإنتاج، وبالتالي ارتفاع الأسعار.

محاربة التضخم بأي ثمن

وكان البنك المركزي البريطاني سباقا برفع معدل الفائدة، قبل البنك الفدرالي الأميركي، وكلاهما يتفقان على مواصلة الرفع من معدل الفائدة لمحاربة التضخم مهما كلف الثمن.

هذه السياسة يفسرها “زكريا كرتي” الخبير الاقتصادي في إحدى المؤسسات المالية الدولية “بأن المهمة الرئيسية للبنوك المركزية هي محاربة التضخم وليس تحقيق النمو الاقتصادي”.

 

أما عن العلاقة بين رفع معدل الفائدة وتراجع معدل التضخم، فيقول في حديثه مع الجزيرة نت، إنه “كلما ارتفعت أسعار الفائدة؛ قلّت السيولة في السوق، حيث يميل الأشخاص لتخزين الأموال في البنوك للاستفادة من عائدات الفائدة المرتفعة”.

ويصف كرتي أزمة التضخم في العالم (أميركا وبريطانيا وأوروبا) بأنها أسوأ أزمة تضخم منذ أكثر من 40 سنة “وهذا راجع لفترة وباء كورونا، حيث قامت الحكومات بضخ السيولة بشكل كبير للمساعدة على الحفاظ على الوظائف ودعم المتضررين من الإغلاق”.

التضخم قادم

ويتوقع كرتي أن الاقتصاد العالمي سيدخل حالة من الركود، والسبب أنه “في العلوم الاقتصادية هناك ارتباط وثيق وآلي بين رفع معدلات سعر الفائدة وبين الركود الاقتصادي”، فهذا ما حدث بالولايات المتحدة في الثمانينيات عندما قرر محافظ البنك الفدرالي رفع معدلات الفائدة بدون توقف إلى حين تراجع معدل التضخم وهو ما أدخل البلاد في حالة ركود استمرت لسنتين.

وبالنظر للأرقام التي حققها الاقتصاد البريطاني والأميركي خلال الفصل الثاني والثالث من العام الحالي “فإنه يمكن القول وبكل ثقة إننا دخلنا بالفعل في حالة ركود ستظهر في الأشهر المقبلة”، ننتظر فقط معرفة حدة هذا الركود وذلك مرتبط بطول أمد الحرب في أوكرانيا.

المصدر : الجزيرة

About Post Author