وزير النقل المصري كامل الوزير (مواقع التواصل)

وزير النقل المصري كامل الوزير (مواقع التواصل)

القاهرة- في تصريح مفاجئ، كشف وزير النقل المصري كامل الوزير أنه أحال 11 من قيادات وزارته إلى النيابة العسكرية بتهم سرقة وفساد، مشيرًا إلى الحكم على بعضهم بالسجن 15 سنة، فضلا عن سجن 4 تجار آخرين أدينوا في الوقائع ذاتها 5 سنوات.

وفي مداخلة متلفزة، شدد الوزير على أن القرار جاء قويا وسريعا وفق القانون؛ لردع الآخرين والحفاظ على أرواح المواطنين، مشيرا إلى أن المدانين سرقوا صناديق إشارات مسؤولة عن تنظيم حركة سير القطارات.

 

حديث الوزير جدد الجدل المثار منذ سنوات بشأن إحالة المدنيين إلى القضاء العسكري، بين من يراها وسيلة للردع عبر سرعة الفصل في القضايا ومواجهة “ألاعيب” المحامين واستغلالهم الثغرات القانونية، وبين من يراها انتهاكا لحقوق الإنسان وفتحًا لباب المظالم وابتعادا عن مفهوم مدنية الدولة والمؤسسات.

وفي أكثر من مناسبة، طالبت جهات أممية ومنظمات حقوقية محلية ودولية بوقف إحالة المتهمين للمحاكم الاستثنائية، ودعت إلى ضرورة عرضهم على قاضيهم الطبيعي، بدعوى “افتقار تلك المحاكم لمعايير المحاكمة العادلة المعترف بها دوليا”.

وفي المقابل، رفضت السلطات المصرية مرارا على لسان مسؤولين وبيانات رسمية، أي مساس بالقضاء المصري، وهي تشدد دائما على أنه بشقيه المدني والعسكري يتمتع بالاستقلالية والنزاهة، ويخضع المتهمون أمامه لأكثر من درجة تقاض.

وفي تصريحات سابقة، أكد رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي في مجلس النواب، أن قانون إحالة المدنيين للقضاء العسكري للردع ولصالح المواطن المصري والحفاظ على ممتلكاته.

وفي ضوء تقنين إحالة المدنيين للقضاء العسكري، في ملف شهد توسعا واستدامة في السنوات الأخيرة، تسعى “الجزيرة نت” إلى رصد أبرز القضايا المثيرة للجدل التي تمت إحالتها للمحاكم العسكرية، وتوضيح اختصاصات تلك المحاكم وأنواعها والقوانين المنظمة لها.

أرقام ومؤشرات

الناشط الحقوقي أحمد العطار، المدير التنفيذي للشبكة المصرية لحقوق الإنسان (غير حكومية)، يقدر عدد المدنيين المحالين للقضاء العسكري في السنوات العشر الماضي بنحو 16 ألف مواطن.

وفي تصريحات للجزيرة نت، أوضح العطار أن قرارات الإحالة كانت في البداية تجري بشكل يومي، لكنها حاليا أقل كثيرا، مشيرا إلى أن القضايا المرتبطة حاليا -على سبيل المثال- بملف إزالة التعديات على أملاك الدولة، من المتوقع أن تقتصر على تحرير المحاضر والتعويضات دون أن تصل للقضاء العسكري.

ووفق تقرير أصدرته الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان (غير حكومية ومقرها القاهرة)، في يناير/كانون الثاني الماضي، فقد نظر القضاء العسكري في 3 محاكمات مثُل أمامها 432 مدنيا، خلال العام الماضي 2021.

وأشار تقرير المنظمة -التي توقف نشاطها منذ بداية العام- إلى مثول 1132 مدنيا خلال عام 2020، بينما مثل 1832 مدنيا عام 2019، بينما شهد عام 2018 مثول 1562 مدنيا، وشهد 2017 مثول 1869 مدنيا في محاكمات عسكرية مقارنة بـ 3037 مدنيا مثلوا عام 2016.

وبين عامي 2014 و2016، تمت محاكمة ما يقارب 7400 مدني أمام المحاكم العسكرية، كان أغلبهم بأثر رجعي بعد إقرار الرئيس عبد الفتاح السيسي قانون تأمين وحماية المنشآت العامة والحيوية، بحسب تقرير هيومن رايتس ووتش.

أنواع واختصاص وقوانين منظمة

تاريخيا، بدأ خضوع المدنيين للمحاكمات العسكرية منذ الإطاحة بالحكم الملكي وإعلان الجمهورية عام 1952، وكان على رأسها محكمتا “الغدر” و”الثورة”، بينما أُنشئت المحاكم العسكرية بمقتضى “قانون القضاء العسكري” الذي أدخلت عليه تعديلات عدة منذ صدوره عام 1966.

وبموجب قرار رئيس الجمهورية المؤقت عدلي منصور في فبراير/شباط 2014، جرى تعديل القانون وتنظيم درجات التقاضي أمامه لتصبح أنواعها:

  • محكمة جنح عسكرية: وتشكّل من عدة دوائر، تؤلف كل دائرة من قاضٍ واحد لا تقل رتبته عن رائد، وبحضور ممثل للنيابة العامة، وتختص بنظر قضايا الجنح والمخالفات.
  • محكمة جنح عسكرية مستأنفة: وتشكل من عدة دوائر، تؤلف كل دائرة من 3 قضاة عسكريين برئاسة أقدمهم، على ألا تقل رتبته عن مقدم، وبحضور ممثل للنيابة العسكرية، وتختص بنظر الطعون المقدمة من النيابة العسكرية أو من المحكوم عليهم في الأحكام النهائية الصادرة من المحكمة العسكرية للجنح.
  • محكمة جنايات عسكرية: وتشكل من عدة دوائر، وتؤلف كل دائرة من 3 قضاة عسكريين برئاسة أقدمهم، على ألا تقل رتبته عن عقيد، وبحضور ممثل للنيابة العسكرية، وتختص بنظر قضايا الجنايات.
    ولا يجوز لها أن تصدر حكما بالإعدام إلا بإجماع آراء أعضائها، ويجب عليها قبل أن تصدر هذا الحكم أن تأخذ رأي مفتي الجمهورية، ويجب إرسال أوراق القضية إليه، فإذا لم يصل رأيه للمحكمة خلال الأيام العشرة التالية لإرسال أوراق القضية إليه، جاز لها الحكم في الدعوى.
  • المحكمة العليا للطعون العسكرية: وتتضمن التعديلات الجوهرية في القانون، تقرير حق الطعن في الأحكام الصادرة في الجنح لتكون على درجتين بدلًا من درجة واحدة، إضافة إلى ضرورة أخذ رأي المفتي في الأحكام الصادرة بالإعدام كضمانة للمحكوم عليهم، ولتحقيق التماثل مع ما يتم في القضاء العادي.
  • إضافة إلى تعديل اسم المحاكم العسكرية، ليتماشى مع أسماء المحاكم في القضاء العادي التي وردت في قانون السلطة القضائية، بحسب تقارير صحفية محلية.

وثمة جدل أثارته تعديلات القانون، حيث يلاحظ أن تشكيل المحاكم العسكرية يعتمد بشكل رئيسي على رتبة أعضائها في الجيش، دون أن ينص بوضوح على ضرورة الحصول على إجازة في الحقوق لممارسة هذا العمل، بما قد ينذر بسوء تطبيقه أثناء المحاكمات، وفق تقارير حقوقية.

وبشأن اختصاصات المحاكم العسكرية، فإنه بموجب المادة 204 من الدستور، يجوز محاكمة المدنيين عسكريا في الجرائم التي تمثل اعتداء على:

  • المعسكرات والمنشآت العسكرية أو التي يتولى الجيش حمايتها أو ما في حكمها (ولم توضح المادة ما المقصود بما في حكمها).
  • المناطق العسكرية، أو الحدودية المقررة كذلك.
  • المعدات والمركبات والأسلحة والذخائر.
  • الوثائق والأسرار العسكرية، وأموالها العامة، والمصانع الحربية.
  • الجرائم المتعلقة بالتجنيد، أو التي تمثل اعتداءً مباشرًا على ضباط الجيش أو أفراده بسبب تأدية وظائفهم.

ويشدد الدستور على أن أعضاء القضاء العسكري مستقلون غير قابلين للعزل، وتكون لهم كافة الضمانات والحقوق والواجبات المقررة لأعضاء السلطة القضائية.

 

توسع واستدامة

وفي عامه الأول بالسلطة 2014، أصدر السيسي (حين كان يملك وحده صلاحية التشريع لغياب البرلمان) قرارا بقانون يوسع اختصاصات القضاء العسكري، ويعتبر:

  • المنشآت العامة في حكم المنشآت العسكرية، مما يقتضي بإحالة المعتدين عليها من المدنيين إلى النيابة العسكرية.
  • شمل مرسوم القانون المنشآت بما فيها: محطات وشبكات وأبراج الكهرباء، وخطوط الغاز، وحقول النفط، وخطوط السكك الحديدية، وشبكات الطرق والكباري (الجسور)، وغيرها من المنشآت والمرافق والممتلكات العامة وما يدخل في حكمها.
  • نص على ضرورة أن تحيل النيابة العامة هذه الجرائم إلى النيابة العسكرية المختصة.
  • في أعقاب إعلان إنهاء حالة الطوارئ في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وافق مجلس النواب على تعديل مقدّم من الحكومة حول بعض أحكام قوانين حماية المنشآت العامة والحيوية، وقانون مكافحة الإرهاب، وقانون العقوبات.

وبدورها، قضت تعديلات قانون تأمين وحماية المنشآت العامة والحيوية، بما يأتي:

  • إحالة المدنيين إلى المحاكمات العسكرية بصورة دائمة من دون ارتباط بمدة محددة، كما كان معمولاً به كإجراء استثنائي لفترة محددة (عامين).
  • تخضع كافة الجرائم التي تقع على المنشآت والمرافق والممتلكات العامة والحيوية لاختصاص القضاء العسكري، وذلك اعتبارًا من 28 أكتوبر/تشرين الأول 2021.
  • تتولى القوات المسلحة وأجهزة الشرطة تأمين وحماية المنشآت العامة والحيوية، إضافة إلى إحالة جميع الجرائم المتعلقة بها إلى القضاء العسكري.

أبرز القضايا

وفيما وضعت التعديلات التشريعية والمراسيم الرئاسية فئات عدة بالمجتمع تحت طائلة المحاكم العسكرية، كانت أبرز القضايا التي أحيل مدنيون على إثرها للقضاء العسكري في السنوات العشر الماضية هي:

  • مخالفات البناء
    أحالت السلطات المصرية مئات الحالات المرتبطة بمخالفات البناء والمتعدين على الأراضي الزراعية إلى المحاكم العسكرية في قضايا ترفع أمام النيابة العسكرية؛ بغرض تسريع الإجراءات، وفق تقارير صحفية.
  • صيادو المنزلة
    قبل أيام، عاقب القضاء العسكري قرابة 150 صيادًا من محافظة الدقهلية (شمال) بالحبس 6 أشهر مع إيقاف التنفيذ ومصادرة أدوات الصيد؛ بتهمة الصيد بدون ترخيص في بحيرة المنزلة. وكان السيسي قد أصدر في منتصف 2019 قرارا باعتبار البحيرة و6 بحيرات مائية أخرى مناطق عسكرية تخضع للقانون العسكري بوصفها مناطق متاخمة للحدود.
  • محاولة اغتيال السيسي
    في أكتوبر/تشرين الأول 2021، أيدت المحكمة العليا للطعون العسكرية أحكام السجن بحق 293 متهمًا، بينهم 32 بالمؤبد، في القضية المعروفة بـ”محاولة اغتيال السيسي”. وأحيل المدانون إلى القضاء العسكرية بتهم “تكوين خلايا إرهابية”، ونسبت إليهم اتهامات “بالرصد والتخطيط لاغتيال السيسي”.
  • عمال الترسانة البحرية
    في أواخر 2019، قضت محكمة الجنح العسكرية بحبس 26 من عمال الترسانة البحرية في محافظة الإسكندرية (شمال) عاما واحدا مع إيقاف التنفيذ، وغرامة بألفي جنيه وفصلهم من العمل، بعد اعتصامهم في مايو/أيار 2016 احتجاجا على تأخير مستحقاتهم.
  • هشام جنينة
    في مارس/آذار 2019، أيدت محكمة الطعون العسكرية، سجن المستشار هشام جنينة الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات، 5 سنوات بتهمة “بث أخبار مسيئة وغير صحيحة”، على خلفية تصريحات أدلى بها “تمس القوات المسلحة”، وفق قرار إحالة القضاء العسكري.
  • إسماعيل الإسكندراني
    في مايو/أيار 2018، عاقبت المحكمة العسكرية الباحث إسماعيل الإسكندراني بالسجن 10 سنوات في قضية اتهامه بـ”إفشاء أسرار تتعلق بالأمن القومي لشبه جزيرة سيناء”. ونفى الإسكندراني خلال التحقيقات ما نسب إليه من اتهامات، مشيرًا إلى أن جهات أمنية تعاونت معه في عمل هذه الأبحاث لصالح مؤسسات دولية.

 

 

 

 

المصدر : الجزيرة

About Post Author