ستة أشهر على الحرب الروسية الأوكرانية.. ما السيناريوهات المتوقعة؟
عندما اندلعت الحرب الروسية الأوكرانية 24 فبراير/شباط الماضي، ربما لم يتوقع كثيرون أن تستمر طويلا، لكن ما حدث أن هذه الحرب توشك على إكمال 6 أشهر من دون أن تبدو في الأفق مؤشرات على اقترابها من وضع أوزارها.
وعلى العكس، هناك ترجيحات بأن يطول أمد هذه الحرب، كما يوضح تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية تحدثت فيه إلى خبراء وطرحت عليهم أسئلة من قبيل:
هل يمكن أن تستمر الحرب لسنوات؟
ما المقومات التي قد يعول عليها البلدان؟
هل سيستمر الصراع؟
ويعتقد محللون تحدثت إليهم الوكالة أنه لا يوجد أي سبب يدعو إلى وقف الصراع، إذ لا تظهر تسويات أو مفاوضات سلام في الأفق، في ظل المواقف شديدة التناقض.
يقول ديمتري مينيك -الباحث في مركز روسيا التابع للمعهد الفرنسي للعلاقات الدولية- لوكالة فرانس برس “تشهد الجبهة استقرارا. حتى وإن استمر الجيش الروسي في شن هجمات (محدودة)، إلا أننا نرى أن هناك فقدانا للزخم؛ موسكو في موقف دفاعي في جزء كبير من المواقع المتقدمة وفي جزء من خطوطها الخلفية في أوكرانيا”.
ويضيف “من المحتمل أن يشن الجيش الأوكراني عملية واسعة النطاق لاستعادة جزء من منطقة خيرسون، أو حتى مدينة خيرسون، على المدى القريب أو المتوسط”.
ومن جانبها، تقول ماري دومولين، مديرة برنامج “أوروبا الأوسع” في المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية، “نحن في طريقنا إلى صراع قد يكون طويلا جدا، بالنظر إلى أن هناك بداية لشكل من أشكال توازن القوى بين الطرفين”.
وتقول “يمكننا التفكير في أنه (الصراع) قد يدوم حتى سنة 2023” على الأقل، مشيرة إلى أن انتخابات رئاسية مقررة في البلدين عام 2024، وتتساءل “هل سيلعب ذلك دورا. وفي أي اتجاه؟”.
من جهته، يرى المحلل السياسي الروسي كونستانتين كالاتشيف أن الصراع قد يستمر “لسنوات أخرى”، ويقول إن “روسيا تفتقر إلى الموارد البشرية، إنها غارقة في المستنقع. لكن أوكرانيا أيضا تفتقر إلى الموارد البشرية لشن هجوم مضاد، وليست لديها أسلحة هجومية ثقيلة”.
يرى ديمتري مينيك أن الجيش الأوكراني يتمتع بميزة “الإمداد بالأسلحة والمعدات الغربية التي قد تكون من الجيل الأحدث أو متفوقة على ما يملكه الجيش الروسي، كما أن الأوكرانيين يتمتعون بميزة الدفاع عن أراضيهم ومعنوياتهم أعلى”
هل يمكن للأوكرانيين أن يواصلوا مقاومتهم؟
قد يكون الشتاء صعبا على المجتمع الأوكراني، في ظل احتمال حدوث انقطاع في إمدادات التدفئة. وتشير ماري دومولين إلى أن “البلاد على وشك التخلف عن السداد؛ هناك 40% من المدارس التي لن تتمكن من فتح أبوابها في بداية العام الدراسي؛ هناك نقص في الوقود”.
وتؤكد الخبيرة أن “الأوكرانيين لديهم الرغبة في تحقيق انتصار تكتيكي على الأقل بحلول الشتاء، لأن ذلك سيعيد تحفيز القوات والمجتمع، كما يبرر مطالبهم من الشركاء الغربيين”.
ويرى مينيك أن الجيش الأوكراني يتمتع بميزة “الإمداد بالأسلحة والمعدات الغربية التي قد تكون من الجيل الأحدث أو متفوقة على ما يملكه الجيش الروسي، كما أن الأوكرانيين يتمتعون بميزة الدفاع عن أراضيهم ومعنوياتهم أعلى”، على حد قوله.
وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قد حرص أمس الأحد على تأكيد وحدة شعبه وقال إن “الغالبية المطلقة من شعبنا لا يساورها أدنى شك بأننا سنحقق النصر لأوكرانيا”. وقال “نحن موحدون، لدينا ثقة أكبر بأنفسنا الآن مما كانت لدينا منذ عدة عقود”.
بدوره، يشير كونستانتين كالاتشيف إلى أن “احتياطي الصبر” لدى الروس “أكبر بكثير مما هو لدى الأوروبيين”، ويرى أن “روسيا تأمل في الفوز عن طريق الاستنزاف”
هل يمكن للروس تحمل التكلفة الاقتصادية خصوصا؟
يقول كريس ويفر مؤسس شركة الاستشارات “ماكرو أدفايزوري” إن “الاقتصاد الروسي ليس في أزمة حاليا”؛ إذ تستخدم الحكومة عائدات الميزانية من البرامج الاقتصادية والصناعية “لتمويل الجيش وتأمين مساعدات اجتماعية والدعم في المجال التوظيفي والدخل”.
من جهتها، تشير دومولين إلى أن تأثير العقوبات “بدأ يظهر في بعض القطاعات”؛ فتقول إن “لدى الحكومة الروسية احتياطات؛ كما أنها تملك دعامة مالية تساعد في تخفيف الآثار قليلا، لكن ذلك لن يستمر إلى الأبد”؛ فقد يبدأ الشعور بقوة بآثار الانكماش في النشاط الاقتصادي في الخريف.
وتضيف “لكنني لا أظن أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد يتخلى عن حربه لمجرد انخفاض النشاط الاقتصادي”.
بدوره، يشير كالاتشيف إلى أن “احتياطي الصبر” لدى الروس “أكبر بكثير مما هو لدى الأوروبيين”، ويرى أن “روسيا تأمل في الفوز عن طريق الاستنزاف”.
ما السيناريو المتوقع؟
السيناريو الأكثر ترجيحا هو “إطالة أمد الحرب”. تقول دومولين “يمكننا الاعتماد بشكل معقول على هذا السيناريو”، مشيرة إلى “تراخ تدريجي سيبدأ في الظهور لدى الجانب الغربي، وبالتالي لن يسهل دعم أوكرانيا”.
ويأتي ذلك في حين يتعين على الدول الأوروبية التخفيف من استياء شعوبها بسبب ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء.
من جهته، يقول ديمتري مينيك “نحن في حرب مواقع وسط احتلال روسي بطيء للأراضي، ودفاع شرس من الجيش الأوكراني”.
غير أن دومولين ترى أن “من المحتمل أن يصل الأمر إلى نقطة يعتمد فيها بوتين على التراخي الغربي ويبدي بعض الانفتاح… ويحث القادة الغربيين على الضغط على أوكرانيا من أجل إنهاء الصراع وفقا للشروط الروسية”.
وحسب رأيها، لا يمكن للمرء استبعاد سيناريو “يواصل فيه الغربيون دعمهم لأوكرانيا، وأن يتم في مرحلة ما تعديل التوازن بين القوات الروسية والأوكرانية على الأرض، لصالح أوكرانيا” حتى وإن كان السيناريو الأقل ترجيحا.
ووفقا لمينيك -الذي يتذكر تظاهرات مارس/آذار الماضي في روسيا ضد الحرب على أوكرانيا- فإن “ما قد يفاقم الوضع بين السلطة الروسية وما تبقى من المجتمع المدني هو إعلان الحرب والأحكام العرفية أو التعبئة العامة”.
ويشير إلى أنه “سيكون من الصعب السيطرة على الوضع في المدن الكبرى مثل موسكو أو سان بطرسبورغ، حيث يكون للخطاب المهووس ضد الغرب تأثير أقل”، على حد قوله.