بوستر فيلم "ما الصحة؟" (مواقع التواصل الاجتماعي)

بوستر فيلم "ما الصحة؟" (مواقع التواصل الاجتماعي)

صانع أفلام شجاع قرر أن يخوض في طرق وعرة يستكشف من خلالها ما يمكن أن يعتبر أكبر سر صحي في عصرنا، ويلقي الضوء على التواطؤ بين الصناعة العلاجية العالمية والحكومات والمؤسسات الصيدلانية والصحية التي تحتفظ بهذه المعلومات.

“ما الصحة؟” (What the Health? 2017) للمخرج كيب أندرسون وهو فيلم تسجيلي أنتجه النجم الهوليوودي يواكين فينكس ويتتبع المعلومات التي يصنعها كل هؤلاء ليقنعوا الجمهور بمزاعم تدر أرباحا بالمليارات.

 

من أين يحصل النباتيون على البروتين إذا كانوا لا يتناولون الأطعمة التي يستمد منها الجسد بروتينه؟ تدعي نظرية الفيلم أن اللحوم والألبان تقتلنا وأنه يمكن الوقاية من جميع الأمراض الرئيسية وعلاجها من خلال اتباع نظام غذائي نباتي فقط.

يحكي ذلك بشهادات شخصية تحمل خبرات ومشاعر أشخاص يقدمون شهاداتهم، بالإضافة إلى دراسات علمية مختارة، كما يزعم أن المنظمات الصحية والوكالات الحكومية الكبرى قد “تم شراؤها” من قبل شركات كبرى مثل Big Food وBig Pharma ويتآمرون لإخفاء الحقيقة عن الجمهور.

اجعل دواءك طعامك

رسالة كيب أندرسون تؤكد أن الوقاية خير من العلاج، إذ يركز في فيلم “ما الصحة؟” على الصحة الحقيقية للفرد والرفاهية العامة التي يمكن أن يحظى بها البشر دون تناول هذه الأشياء، ويتساءل كيف يمكن للدم النباتي أن يقتل الخلايا السرطانية، فقط إذا كان صاحبه لا يتناول هذه الأشياء.

على المتابع أن يخرج من الفيلم بقرار واحد وهو أن يصبح نباتيا، لأنه يشمل خبرات وقصصا شخصية عن أشخاص أرقهم تناول الطعام بشراهة ولم ينجهم سوى تحولهم لأشخاص نباتيين أصحاء، وتبدو تلك النقطة وعظية تماما.

يبدأ الفيلم من الحكمة القديمة التي كتبها أبقراط “فليكن الطعام دواؤك والدواء طعامك”.

توفي أبقراط في عام 370 قبل الميلاد، قبل أن يكون هناك الكثير في طريق الطب الفعال وقبل أن يتعلم الناس الكثير عن الطعام (مثل وجود الفيتامينات). لذا فإن أبقراط ليس سلطة ذات مصداقية، وعلينا أن نترك اللحوم والألبان حتى لا نضطر للعلاج.

يصف المخرج كيب أندرسن نفسه بقوله “شعرت أن معلومات الطعام النباتي قد تم حجبها عمليا”. وشرع في مقابلة الأطباء وغيرهم ممن يؤمنون بهذا الاعتقاد، ومحاولة العثور على المعلومات الداعمة لنظريته التي استشعر صحتها منذ اللحظة الأولى.

تفضل الدجاج أم اللحوم؟

يستشهد هنا بملخص للدراسات الوقائية التي تُظهر أن تناول حصة واحدة من اللحوم المصنعة يوميا يزيد من خطر الإصابة بسرطان القولون بنسبة 18%.

في المقام الأول، في الوقت الذي يبلغ فيه خطر الإصابة بسرطان القولون عند سن 65 عامًا نحو 2.9% إذا لم تأكل لحوما مصنعة، فإنه يصبح 3.4% إذا كنت تأكل حصة واحدة يوميا.

لذلك، فإن الاختلاف في الخطر المطلق هو حالة أخرى من السرطان من بين كل 200 شخص.

ويصنع الفيلم قدرا كبيرا من تصنيف IARC للحوم المصنعة (تصنيف يقسم الأطعمة 4 مجموعات طبقا لاحتمالات تسببها بمرض السرطان) على أنها مادة مسرطنة من المجموعة 1، وهي نفسها مجموعة السجائر والأسبستوس والبلوتونيوم.

ويفسر الفيلم أنه يعني أن النقانق ولحم الخنزير يمكن أن تكون خطيرة مثل منتجات التبغ، ويقول بوضوح “أكل اللحوم له فوائد صحية معروفة. (لكن) تنصح العديد من التوصيات الصحية الوطنية الناس بالحد من تناول اللحوم المصنعة واللحوم الحمراء، التي ترتبط بزيادة أخطار الوفاة بسبب أمراض القلب والسكري وأمراض أخرى”.

ويدّعي الفيلم عموما أن الغذاء هو سبب معظم الأمراض، وأنه يمكن الوقاية من 70% من الوفيات بتغيير نمط الحياة. وتسمي السمنة بـ “حكم الإعدام”، فهي ستؤدي بالتأكيد إلى الإصابة بمرض السكري، وفي كثير من الأحيان إلى الإصابة بالسرطان.

ونظرت دراسة حديثة في العلاقة بين العوامل الغذائية والوفيات الناجمة عن أمراض القلب والأوعية الدموية والسكري، وخرجت بنتيجة مؤداها أن هناك 10 عوامل غذائية تسببت في 45.4% من الوفيات.

السكري

يخبرنا الفيلم أيضا أن مرض السكري لا يسببه السكر، بل اللحوم والدهون، وتقول الدراسة أن الكربوهيدرات لا تجعل الشخص بدينا. بل الدهون يمكن أن تفعل ذلك، فالجسم لا يستطيع تحويل الكربوهيدرات إلى دهون (نعم، يمكن).

ويستشهد في ذلك بدراسة جامعة هارفارد التي تظهر أن حصة واحدة من اللحوم المصنعة في اليوم تزيد من خطر الإصابة بمرض السكري بنسبة 51%، لكن هذه المراجعة المنهجية لعام 2017 تقول إنها تزيد الخطر بنسبة 19%، وتذكر أن هذه مخاطرة نسبية وليست مخاطرة مطلقة.

يتساءل كذلك “هل لحوم الدجاج أفضل من اللحوم الحمراء؟”، يقول في ذلك “إنها مسألة ما إذا كنت تفضل إطلاق النار عليك أو شنقك”، على اعتبار أن الدجاج هو المصدر الأول للكوليسترول في النظام الغذائي، وهو المصدر الرئيسي للصوديوم لأن الدجاج يُحقن بالماء المالح.

ويخبروننا أن خطر الإصابة بسرطان البروستاتا أكبر 4 مرات مع الدجاج. (ليس صحيحا: التحليل لم يجد أي ارتباط).

الفيلم في أغلبه معلوماتي تماما يميل إلى تجريم أي إنسان لم يتخذ قرار “النباتية” بعد، أو يعتبره متواطئا مع الشركات ورؤوس الأموال التي تتربح من خيانات تناول اللحوم والألبان.

المصدر : الجزيرة

About Post Author