قبل عقدين فقط من الآن، لم يكن الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر معروفا خارج العراق بل ولا حتى بين الكثير من العراقيين، لكن بعد سقوط نظام الرئيس صدام حسين في 2003 بدأ هذا الرجل يتبوأ مكانة بارزة في المشهد العراقي، فكيف تم له ذلك وما الذي يريده الآن من العراق؟
سؤال ناقشه الكاتب الأميركي الباحث في معهد أميركان إنتربرايز إنستيتيوت American Enterprise Institute مايكل روبين في مقال بحصيفة ناشونال إنترست Interest National أشار في بدايته إلى الصعوبات التي واجهت الأميركيين بعيد احتلالهم العراق، نظرا لتعقيد النسيج الاجتماعي العراقي والدور المحوري للحوزة الشيعية في النجف.
وذكر أنه مع سقوط بغداد حاول المسؤولون الأميركيون التواصل مع القيادة الدينية في العراق من خلال عبد المجيد الخوئي، نجل الراحل أبو القاسم الخوئي، لكن بعد أسبوع من عودة الخوئي إلى النجف زار مرقد الإمام علي حيث اغتيل.
ويقول الكاتب إن ذلك تزامن مع بزوغ اسم مقتدى الصدر بوصفه وريث عائلة الصدر الدينية ذات السمعة الواسعة والمشهورة بالعلم والتدين.
غير أن مقتدى -يضيف الكاتب- وعلى عكس شقيقيه اللذين قتلا، مثل والده، على يد قوات أمن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، لم يشتهر بالمعرفة ولا بالتدين، غير أنه كان خطيبا وإن كانت معارفه الدينية ضحلة، وفقا للكاتب.
ولفت الكاتب إلى أن خطاب الصدر الشعبوي وجد أرضا خصبة في الأحياء الفقيرة في بغداد، وأصبح قوة سياسية ذات شأن كبير.
ورغم أن الأميركيين كانوا ينظرون لمقتدى كحليف لإيران، فإن العديد من مسؤوليهم يرون في تحالف هذا الزعيم الشيعي الفعلي مع رئيس الوزراء العراقي الحالي مصطفى الكاظمي والحزب الديمقراطي الكردستاني تحولا جوهريا ورمزيا في الوقت نفسه في نهجه الفكري.
غير أن الكاتب يرى أن الاعتقاد بأن مقتدى قد تغير أو أنه يسعى إلى عراق ليبرالي لا ينخره الفساد إنما هو مجرد هراء، زاعما أن طموح مقتدى الصدر الحقيقي هو هدم النظام العراقي، ليس لأن الفساد المتأصل فيه يزعجه، بل لأن الأخذ والعطاء السياسي يتعارض مع أجندته الأوسع.
ويضيف أن مقتدى الصدر قد يخفي أهدافه لأسباب تكتيكية، لكن عندما يتعلق الأمر بالأيديولوجيا، فهو يقصد ما يقول، فهو يحتقر الغرب، وهو صادق في عدائه لإسرائيل وكذلك كراهيته للمثليين.
ويختم الكاتب بالقول إن ما يريده مقتدى الصدر هو أن يكون مرجعا لكل العراقيين كما هي حال المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي بالنسبة لشيعة إيران، زاعما أنه يسعى لفرض ما لا يستطيع أن يكسبه بالإجماع.