رئيسة الوزراء الجديدة ليز تراس تولت السلطة في وقت حرج سياسيا واقتصاديا (رويترز)

رئيسة الوزراء الجديدة ليز تراس تولت السلطة في وقت حرج سياسيا واقتصاديا (رويترز)

لندن- رفعت رئيسة الوزراء الجديدة ليز تراس شعار “الخروج من العاصفة” في أول خطاب موجّه للبريطانيين، ولم تخطئ في توصيف الحالة التي تعيشها البلاد، فهي بالفعل في قلب عاصفة اقتصادية وسياسية غير مسبوقة.

ولن تكون المهمة سهلة، فتراس تدخل مقر رئاسة الوزراء الذي عاش حالة من الفوضى والأحداث الدرامية في عهد سلفها بوريس جونسون الذي انتهى به المطاف إلى الاستقالة.

 

وكي لا تواجه المصير نفسه، تحاول تراس جاهدة ألا تكرر أخطاء جونسون، وهذا ما ظهر من خلال الأسماء التي اختارتها في حكومتها.

واعتمدت رئيس الوزراء الجديدة معيار الولاء للتعيين في المناصب الكبرى من داخل قيادات الصف الأول في حزب المحافظين، فقد عينت أسماء لها وزن وكلمة مسموعة داخل الحزب.

وتعلم تراس أنها تمشي في حقل من الألغام، وأن درس جونسون لن يكون سهلا، وهو الذي بنى مجد المحافظين السنوات الأخيرة ومنحهم أغلبية مطلقة بانتخابات 2019، لكنه وجد نفسه خارج الحزب بمجرد تراجع شعبيته. وستكون المهمة أسهل لإسقاط تراس التي تعلم ذلك جيدا، ولهذا تسعى لاسترضاء مراكز القوة داخل حزب المحافظين.

جونسون بعد خطاب استقالته من قيادة المحافظين حيث فقد الدعم من حكومته وحزبه (الأوروبية)

الأولوية للمقربين

بقراءة في أسماء كبار الوزراء بحكومة تراس، يتبين أنهم جميعا من حلفائها وتربطهم بها علاقة طويلة، بداية بنائبتها ووزيرتها في الصحة تيريز كوفي جارتها في الدائرة الانتخابية وحليفتها السياسية الأقرب.

أما وزير الخزانة كواسي كوارتينغ، فهو صديق قديم جدا لتراس وجارها في نفس المنطقة التي كانت تقطنها قبل أن تصبح رئيسة للوزراء، ومعروف عنه تحمّسه لسياسة التخفيضات الضريبية التي من شأنها تقليص مداخيل الدولة، وهو ما عارضه بشكل مطلق وزير الخزانة السابق ريشي سوناك وكان هذا دائما موضوع صراع مع رئيس الوزراء السابق.

 

أما وزير الخارجية جيمس كليفيرلي، فكان مساعد تراس عندما حملت حقيبة الخارجية، وبالتالي لن تجد أي صعوبة في أن تمرر عبره المواقف التي تريد.

وأوكلت تروس حقيبة الداخلية إلى سويلا برافرمان التي كانت تشغل منصب المدعية العامة في عهد جونسون، ولها دور كبير في وصول تراس حيث كانت من الداعمين لها واستغلت كل نفوذها داخل الحزب لحصد الدعم لرئيسة الحكومة الجديدة.

وهذه من المرات القليلة التي لا يتم منح الحقائب الأهم بالحكومة للوجوه البارزة داخل حزب المحافظين، ذلك أن تراس تنهج سياسة اختيار الأسماء التي تعتبر من قيادات الصف الثاني أو الثالث بالحزب حرصا على ألا يشكلوا أي خطر عليها، مستفيدة من درس جونسون الذي قرّب منه أسماء مثل ريشي سوناك وزير الخزانة السابق وساجيد جافيد وزير الصحة السابق، وكلاهما قياديان في الحزب وكانا السبب الرئيسي في سقوطه.

 

الأوراق الرابحة

تعاني تراس من معضلة دعم البرلمانيين التابعين للمحافظين، ذلك أن الانتخابات الأخيرة لاختيار زعيم جديد أظهرت أن حوالي ثلثي البرلمانيين كانوا يدعمون سوناك على حساب تراس، وهي تعلم أنها لا تحظى بشعبية كبيرة في صفوفهم، إذ يرون أنها ليست الشخصية القادرة على مواجهة التحديات التي تمر بها البلاد.

ولهذا الغرض اختارت أن تحيط نفسها باسمين لهما شعبية كبيرة داخل المحافظين بل والبريطانيين عامة، ويتعلق الأمر بـ بين ولاس الذي كانت ترشحه كل استطلاعات الرأي ليكون خليفة جونسون، وحظي بثقة غالبة إلا أنه أعلن رفضه الترشح وواصل عمله كوزير للدفاع وهو المنصب الذي ما يزال يشغله.

 

أما الورقة الثانية التي استعانت بها تراس، فهي بيني موردونت، والتي حظيت بتأييد فئة عريضة من قواعد المحافظين ولها علاقات واسعة داخل الحزب وبين البرلمانيين، ولهذا منحتها تراس منصب قائدة كتلة المحافظين بالبرلمان لضمان تأييد أكبر من أعضائه لخططها.

Candidates Rishi Sunak and Liz Truss stand before taking part in the BBC Conservative party leadership debate at Victoria Hall in Hanley, Stoke-on-Trent, Britain, July 25, 2022. Jacob King/Pool via REUTERS
حوالي ثلثي نواب المحافظين كانوا يدعمون المرشح ريشي سوناك على حساب تراس (رويترز)

شبح الانتخابات

رغم توفّر حزب المحافظين على الأغلبية المطلقة برلمانيا، فإن الفضائح التي خلفها جونسون والوضع الاقتصادي المتدهور، خلفا حالة من السخط على المحافظين مما جعل جل استطلاعات الرأي تمنح التقدم لحزب العمال بأي انتخابات مبكرة.

وأكثر من يخشى هذه الانتخابات هم البرلمانيون المحافظون الموجودون بمناطق الشمال البريطاني “الجدار الأحمر” وصولا لمقاطعة ويلز التي كانت دائما تحت سيطرة العماليين قبل أن يسقط الكثير منها سنة 2019 لصالح المحافظين.

غير أن كل المؤشرات تشي بأنها ستعود للعمال، خلال الانتخابات المقبلة. ولهذا يحرص نواب المحافظين الموجودين بهذه المنطقة على النأي عن سياسات الحكومة خشية إغضاب ناخبيهم، مما قد يجعل حكومة تراس أمام تحدي ضمان الأغلبية لتمرير قرارتها داخل البرلمان، وستبقى معرّضة دائما للتمرد البرلماني الذي كان من أسباب سقوط حكومة جونسون.

المصدر : الجزيرة

About Post Author