قال ميديا بارت (Mediapart) إن الأوكرانيين استعادوا أكثر من 6 آلاف كيلومتر مربع من أراضيهم كان يسيطر عليها الجيش الروسي منذ بداية سبتمبر/أيلول، وتوغلوا بعمق في منطقة خاركيف، مما يسمح لهم بزيادة الضغط على الغربيين للحصول على الأسلحة الضرورية. وتساءل هذا الموقع الفرنسي: هل يمكن لهذا الهجوم أن يكون حاسما في مسار الحرب؟
وأوضح الموقع -في تقرير بقلم لوران جيسلين- أن الجيش الروسي الذي خسر مساحة كبيرة كان يحاول الأيام الأخيرة احتواء توغل القوات الأوكرانية، لكنه لم يكن قادرا على منع التسلل، رغم أن لديه موارد هائلة من العتاد ومن الأفراد، وأنه مؤمن بضرورة كسب هذه الحرب.
ورغم قوة الهجوم الذي شنه الجيش الأوكراني بمنطقة خاركيف، يقول المحلل العسكري أوليكسي ميلنيك من مركز رازومكوف في كييف “الحذر ضروري. علينا ألا نقلل من شأن الجيش الروسي ولا قدرته على الصمود، حتى لو لم تتوقع هيئة الأركان العامة الأوكرانية اختراقا بهذا الحجم” وأشار إلى أن “الهجمات ستستمر الأيام المقبلة، لكن المكاسب قد تكون محدودة إذا تمكن الروس من إعادة تشكيل خط دفاع قوي نسبيا”.
ويبدو أن هجوم خاركيف -حسب المحلل العسكري الأميركي مايكل كوفمان- سيبدد وهم روسيا بأنها منتصرة لا محالة في هذه الحرب، ويوضح أن جيشها لم ينتصر بل تعرض لهزيمة كبرى، وإن كانت “هذه الهزيمة لن تؤدي إلى انهيار إستراتيجي روسي في أوكرانيا، لكن هذه العمليات يمكن أن تجعل المجهود الحربي الروسي غير قابل للاستمرار”.
وأيا كانت النتيجة فإن هذا النصر يسمح للمسؤولين الأوكرانيين بزيادة ضغطهم على الغربيين للحصول على الأسلحة التي يحتاجونها، ويتساءل وزير الخارجية دميترو كوليبا ساخرًا “ما الذي تخافه برلين أكثر من كييف” في إشارة إلى إحجام ألمانيا عن تزويد بلاده بدبابات ليوبارد-2 ومركبات مشاة قتالية من طراز ماردير.
واعتبر فولوديمير فيسينكو، مدير مركز بنتا للأبحاث السياسية، أن النجاحات العسكرية الأوكرانية “إشارة للسياسيين الغربيين الذين قد يترددون” خاصة أن كييف تحتاج مساعدات متزايدة باستمرار للحفاظ على الضغط على القوات الروسية.
أشار الموقع إلى أن هجوم خاركيف يعد أحد أكثر الهجمات فعالية بالقارة الأوروبية بعد عملية العاصفة التي سمحت للجيش الكرواتي باستعادة 17 ألف كيلومتر مربع من جمهورية كرايينا الصربية المعلنة ذاتيا، عام 1995. ومع أن الجيش الروسي خصم عنيد، فإن بعض الشهادات تشير إلى تكبده خسائر كبيرة على الجبهة الجنوبية، حتى أن بعض وحداته حاولت التفاوض على الاستسلام، حسب ناتاليا هومينيوك المتحدثة باسم القيادة العملياتية الجنوبية للجيش الأوكراني، وإن كانت هذه المعلومات لم تتأكد بعد.
وختم الموقع بأن محدودية ثقة الجنود الروس في قادتهم ستعمق أكثر من الشعور بمرارة الهزائم الأخيرة على الأرض، مشيرا إلى أن موسكو خسرت معظم الأراضي التي احتلتها في 7 أشهر من القتال، إضافة لعشرات الآلاف من الأرواح، وهو ما جعل الاستياء أكثر وضوحا على حسابات المدونين على منصة تلغرام، لدرجة أن العديد من المسؤولين المنتخبين من 18 مجلس بلدية أطلقوا التماسا للمطالبة باستقالة الرئيس فلاديمير بوتين.