أميركا تؤجل تزويد أوكرانيا بصواريخ بعيدة المدى وزيلينسكي يتهم روسيا بالإبادة الجماعية
أفادت مصادر أميركية بأن واشنطن أجلت تزويد كييف بصواريخ بعيدة المدى لتجنب رد روسي خطير، في حين اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي روسيا بارتكاب إبادة جماعية، وذلك بعد العثور على مقابر جماعية تضم مئات الجثث في مدينة إيزيوم بمحافظة خاركيف (شمال شرقي البلاد).
فقد نقلت شبكة “إن بي سي” (NBC) الإخبارية عن مصدرين عسكريين أن كبار المسؤولين العسكريين نصحوا البيت الأبيض بعدم إرسال هذه الصواريخ -التي يتجاوز مداها 300 كيلومتر- إلى أوكرانيا خشية أن يؤدي ذلك إلى حرب أوسع نطاقا مع روسيا.
وقال المصدران العسكريان إن هؤلاء المسؤولين عبروا عن قلقهم من أن تستخدم القوات الأوكرانية الصواريخ بعيدة المدى ضد أهداف داخل الأراضي الروسية، وهو ما من شأنه أن يوسع نطاق الحرب مع روسيا.
وأشارت شبكة إن بي سي إلى أن العديد من الأعضاء الجمهوريين والديمقراطيين في الكونغرس يدعمون الطلب الأوكراني، لكنها أوضحت أن إدارة بايدن أعلنت الشهر الماضي أن كييف لا تحتاج إلى صواريخ بعيدة المدى، وإن صواريخ أخرى أقل مدى أثبت نجاعتها ضد القوات الروسية.
وكانت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا حذرت أمس الأول الخميس من أن تزويد أوكرانيا بصواريخ بعيدة المدى يعني أن الولايات المتحدة تجاوزت خطا أحمر وباتت طرفا مباشرا في الصراع.
وقدمت واشنطن مساعدات عسكرية لأوكرانيا بمليارات الدولارات. والخميس الماضي كشفت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن عن حزمة مساعدات جديدة بقيمة 600 مليون دولار، تشمل أنظمة صاروخية ومدفعية إضافية.
المساعدات العسكرية
في السياق، نقل موقع بوليتيكو (POLITICO) عن مصادر قولها إن كييف وواشنطن تناقشان إمكانية إرسال أنظمة باتريوت وطائرات إف-16 ومسيّرات “غراي إيغل”، في إطار اتفاقات تمويل طويلة الأجل.
وأضافت المصادر أن مجرد الحديث عن إمكانية إرسال أنظمة باتريوت إلى أوكرانيا يعد تحولا كبيرا عما كانت عليه الحال في السابق.
وذكر الموقع الأميركي أن أوكرانيا توقفت عن المطالبة علنا بأسلحة أميركية متطورة، لكن السعي وراء أسلحة قادرة على قلب مجرى الحرب لم يتوقف وراء الكواليس.
يأتي ذلك في وقت ناشد فيه الرئيس الأوكراني القوى الأجنبية زيادة إمدادات الأسلحة، قائلا إن نتيجة الحرب تتوقف على سرعة تسليمها.
من جهته، قال وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا إن بلاده بحاجة ماسة إلى المزيد من الأسلحة لتحرير بقية الأوكرانيين وإنقاذ حياتهم.
وفي واشنطن، قال منسق الاتصالات في مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي إن بلاده ستستمر في تزويد أوكرانيا بقدرات دفاعية لتلبية احتياجاتها.
وأضاف كيربي أن بلاده ستواصل تقديم الدعم لضمان نجاح أوكرانيا في ساحة المعركة وعلى طاولة المفاوضات.
بوتين يهّون ويحذر
في هذه الأثناء، قلل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من شأن الهجوم المضاد الذي سمح للقوات الأوكرانية باستعادة المناطق التي كانت تحتلها روسيا في مقاطعة خاركيف، وحذر من أن موسكو سترد بقوة أكبر إذا تعرضت قواتها لمزيد من الضغوط.
وفي مؤتمر صحفي -عقب اختتام قمة منظمة شنغهاي للتعاون في مدينة سمرقند في أوزبكستان- قال بوتين مبتسما “سلطات كييف أعلنت أنها تنفذ عملية هجوم مضاد حاليا. حسنا، لنرَ كيف ستمضي قدما وكيف ستنتهي بها الحال”.
ودافع الرئيس الروسي مجددا عما يصفها بالعملية العسكرية الخاصة التي تشنها قواته في أوكرانيا منذ 24 فبراير/شباط الماضي، مبينا أنها كانت ضرورية لمنع ما سماه مخططا غربيا لتفكيك روسيا.
وقال بوتين إن هدف روسيا الرئيسي هو تحرير إقليم دونباس (شرقي أوكرانيا)، متهما كييف برفض المفاوضات.
المقابر الجماعية
على صعيد آخر، قال زيلينسكي إن هناك بعض الأدلة على ارتكاب روسيا جرائم حرب في المناطق التي استعادت القوات الأوكرانية السيطرة عليها، وذلك بعد تأكيد كييف الكشف عن مقابر جماعية تضم نحو 500 جثة في مدينة إيزيوم في خاركيف.
وأضاف الرئيس الأوكراني أن بلاده ستفتح تحقيقا في الجرائم المرتكبة بتعاون دولي، كما طالب بمحاسبة روسيا على هذه الأعمال، قائلا إن عقد صفقة مع روسيا بدافع الخوف سيأتي بأسوأ نتيجة.
وأكد حاكم خاركيف أوليغ سينيغوبوف أن معظم الضحايا قتلوا “بطريقة عنيفة”، وكانوا مقيدي الأيدي.
في المقابل، نفى مسؤولون روس أن تكون قواتهم ارتكبت أي فظائع في إيزيوم.
وفي ردود الفعل الدولية، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن بلاده تلقت تقارير عن مقابر جماعية في أوكرانيا، وإن ذلك جزء مرعب من القصة المستمرة، وفق تعبيره.
كما وصف منسق الاتصالات في مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي الروايات بشأن عمليات القتل الجماعي في إيزيوم “بالمرعبة”.
وفي ردود الفعل الدولية الأخرى، عبر منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل عن صدمة الاتحاد لهذا الأمر، كما ندد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشدة بما سماها الفظائع المرتكبة في منطقة إيزيوم الأوكرانية.
وإذا تم تأكيد هذا العدد الكبير من الجثث، ستكون المقابر الجماعية في إيزيوم الأكبر التي يُعثر عليها في أوروبا منذ المقابر التي خلفتها حروب البلقان في تسعينيات القرن الماضي.
التطورات العسكرية
ميدانيا، وبعد الهجوم الأوكراني المضاد في خاركيف، قلّل مسؤولون أوكرانيون من احتمال استمرار تقدم قواتهم بالوتيرة نفسها، مشيرين إلى أن القوات الروسية تخطط للدفاع عن الأراضي التي تسيطر عليها في منطقتي لوغانسك ودونيتسك المجاورتين.
وفي الجنوب حيث تشن القوات الأوكرانية منذ أسابيع هجوما مضادا لاستعادة مدينة خيرسون ومناطق أخرى مجاورة، تعرض مبنى الإدارة العسكرية والمدنية الموالية لروسيا في المدينة لما يعتقد أنه قصف صاروخي أوكراني.
ونشرت وكالة الإعلام الروسية الحكومية مقطع فيديو يظهر تصاعد الدخان من المبنى، في حين قالت الإدارة الروسية إن القصف تسبب في مقتل 3 أشخاص.
وفي الجنوب أيضا، قالت السلطات الموالية لروسيا إن رجلا وزوجته كانا يعملان على ترتيب استفتاء على ضم مدينة بيرديانسك الأوكرانية إلى روسيا قُتلا مساء الخميس الماضي.
وفي الشرق، ذكرت وكالات أنباء روسية أن المدعي العام للإدارة الانفصالية الموالية لروسيا في لوغانسك ونائبه لقيا حتفهما جراء انفجار في مكتبيهما.
كما تحدثت موسكو عن ضربات عبر الحدود في منطقة بيلغورود (جنوب غربي روسيا)، وكانت المنطقة تعرضت في السابق لما يعتقد أنها هجمات أوكرانية.